المشاهد نت

لماذا لا يحتفل الجنوبيون بثورة 26 سبتمبر؟

ضباط من الجيش يشاركون في حفل الذكرى 61 لثورة 26 سبتمبر-مأرب

عدن – سعيد نادر

أحيت بعض المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، الذكرى الحادية والستين لثورة 26 سبتمبر/آيلول، التي اندلعت عام 1962 ضد حكم الإمامة.

وما زالت تداعيات هذه الاحتفالات تضج في صنعاء، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي، في ظل سعي حثيث من الجماعة لمنعها وقمع المحتفلين بها.

وشهدت محافظات مأرب، تعز، ومناطق في وداي حضرموت فعاليات احتفالية بالمناسبة، في رمزية لمقاومة الإنقلاب الحوثي على الجمهورية، ومحاولاته استعادة النظام الإمامي الملكي الذي قامت ضدهم ثورة 26 سبتمبر.

وفي خضم هذه الاحتفالات السبتمبرية، لفتت المحافظات الجنوبية الأنظار؛ نتيجة عدم وجود عن أي نوع من الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر/آيلول.

وهذا ما قاد إلى التساؤل عن أسباب عدم الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر في المحافظات الجنوبية، حتى أن البعض هناك لا يتخذ من هذا اليوم إجازة رسمية من الدوام.

الصراع السياسي

محللون سياسيون وصحفيون، أجابوا على تساؤل «المشاهد»، بينهم الصحفي ورئيس تحرير صحيفة وموقع ”عدن الغد” فتحي بن لزرق، الذي طالب بإعادة صياغة السؤال.

وقال إن الحديث عن أن الجنوبيين لا يحتفلون بهذه الثورة وبهذه الطريقة ”غير موفق”، معتبرًا أن لغة التعميم خاطئة، لأن هناك أكثر من رأي في الجنوب تجاه هذه الاحتفالات، مشيرًا إلى أن ”الناس لو لم تُقمع لخرجت بالآلاف كي تحتفل”.

وأضاف بن لزرق أن الصحيح القول: ”لماذا تُمنع الاحتفالات بالأعياد الوطنية في المحافظات الجنوبية، ولماذا تسببت الصراعات السياسية بوقف الاحتفالات بهذه الأعياد الوطنية”؟.

ويجيب بن لزرق عن تساؤلاته بالإشارة إلى أن الصراع السياسي في اليمن تسبب بتراجع حضور الدولة والجمهورية وأعيادها الوطنية، سواءً في الشمال أو في الجنوب.

وبالتالي صارت هذه الثورات (14 أكتوبر و26 سبتمبر﴾ ثورات مهددة بالإزاحة بسبب وجود مشاريع سياسية ترى في الثورتين تهديدًا واضحًا لحضورها؛ كون أن هاتين الثورتين قامتا على أساس جمهوري وعادل وسعت إلى توحيد اليمن وإزالة كافة الفوارق بين الطبقات الاجتماعية، بحسب بن لزرق.

ويتابع: ”انهيار الدولة الذي حدث منذ عام 2014 تسبب بخروج مشاريع سياسية قديمة جدًا، ظن اليمنيون أنهم دفنوها وللأبد، لكن اتضح لاحقًا أن هذه الأخطار ما زالت تحيط بالدولة ومؤسساتها وقوانينها وبكيان المجتمع بشكل عام”.

إقرأ أيضاً  أزمة غاز منزلي جنوبي تعز

بن لزرق خَلُص إلى أننا أمام أخطار تهدد ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وانعكست هذه الأخطار والمتغيرات السياسية على واقع الاحتفال الجماهيري الشعبي في عموم اليمن.

وأوضح أن هذه المتغيرات السياسية والأطراف السياسية التي ظهرت على المشهد جعلت حالة الانقسام في اليمن ماثلة، وكل طرف من هذه الأطراف السياسية منع الاحتفال بهذه المناسبات أو تجاهلها؛ لأنه يرى أن مشروعه السياسي وأفكاره وأطروحاته يجب أن تُقدّم على هذه الثورات؛ الأمر الذي انعكس على عدم قدرة الناس على التعبير في أي مدينة يمنية، شمالًا وجنوبًا.

تغيير واقع الاحتفال

من جانبه، يقول الكاتب والصحفي علاء حنش، إن الجنوبيين كانوا يحتفون بذكرى 26 سبتمبر باعتبارها ثورة حررت أبناء الشمال من نظام الإمامة الكهنوتي الذي عاث فسادًا في الشمال.

ويضيف حنش لـ«المشاهد» إلى أن أبناء الجنوب وقفوا إلى جانب اشقائهم في الشمال خلال تلك الثورة حين اندلعت، لكن كل ذلك تغير اليوم.

وأشار حنش إلى أن التغيير بدأ بعد الحرب التي شنها نظام صنعاء اليمني و”قواته الغازية” في صيف عام 1994 والتي دُمر فيها كل ما هو جميل في الجنوب (أرضًا، وإنسانًا، وبنية تحتية، واقتصاد)، بحسب وصف حنش.

وواصل: ”تلك الحرب كانت غاشمة وظالمة، ما زالت تبعاتها ودمارها إلى اليوم، وبات أبناء الجنوب اليوم على قناعة تامة بأن أي ارتباط بالشمال يجب فكه، لذا تجد أبناء الجنوب لا يحتفلون بهذه المناسبة الخاصة بالشمال”.

ويعتقد الصحفي علاء حنش أن عدم احتفال أبناء الجنوب بثورة 26 سبتمبر، لم يكن من اليوم، بل كان منذ ما بعد قيام الثورة الجنوبية التحريرية والحراك الجنوبي في عام 2007.

ولفت إلى أن السنوات التي سبقت انطلاقة الثورة الجنوبية والحراك الجنوبي كان نظام صنعاء اليمني يحتفل بها في أرض الجنوب، رغمًا عن أنف الجنوبيين، وخصوصًا العاصمة الجنوبية عدن، وبفرض سيطرته العسكرية، أما اليوم فقد أصبح من المستحيل فعل ذلك في ظل تواجد القوات المسلحة الجنوبية.

مقالات مشابهة