المشاهد نت

هديل علي.. قصة الحضور الإبداعي اللافت لفتاة من الصم والبكم

لوحة تشكيلية لهديل علي نصر

تعز – آمال محمد:

من خلال صفحتها على “فيسبوك”، استطاعت هديل علي نصر (22 عامًا)، من فئة الصم والبكم، أن تلفت إعجاب واندهاش الكثير من متابعيها برسوماتها المتنوعة ولوحاتها التشكيلية المعبرة والمتميزة.
وتحولت صفحتها إلى أشبه بمعرض لوحات تشكيلية ورسومات متنوعة غاية في الإبداع من حيث دقة الرسم وخيالها الفني المدهش.

مثابرة وإصرار

ليس من السهل أن تصل فتاة من فئة الصم والبكم إلى هذا المستوي من الإبداع في فن الرسم والتشكيل، سواء كان في مدينة تعز حيث تعيش هديل، أو حتى في عموم اليمن، في ظل القصور الكبير من الاهتمام الحكومي بهذه الفئة بالتعليم والدمج في المجتمع، ناهيك عن تنمية مهاراتهم الإبداعية وهواياتهم، إذ إن فئة الصم والبكم، كما يقول والد هديل، لم يعد لهم مرافق تعليمية منذ أكثر من ثماني سنوات، بسبب الحرب، والمعهد الخاص بالصم والبكم في مدينة تعز، مازالت الدراسة فيه متوقفة حتى اليوم.
فلم يعد طموح أسر الفتيات والشبان من فئة الصم والبكم أن تتوفر لهم مرافق ومؤسسة تمكن أولادهم من أن يحققوا ذواتهم من خلال تعلم مهارات إبداعية في شتى الفنون، بل -حسب تعبير نصر- أصبح سقف طموحهم أن يحصلوا على التعليم الأساسي، وتجاوز مشكلة الأمية الكتابية، بخاصة بسبب الظروف التي أوجدتها الحرب في اليمن.


هديل علي حالة إبداعية استثنائية من الصم والبكم، تتلخص قصتها -كما يسرد والدها- في أنها استطاعت أن تثابر وتتحدى الصعوبات، ويصبح لديها مهارة فنية في الرسم والتشكيل تميزت فيها وأبدعت، فلم تتجاوز هديل مشكلة الظروف الصعبة التي أوجدتها الحرب، وتوقف الدراسة في المعهد الخاص بالصم، بالإضافة إلى ذلك -كما يقول والدها- فقد واجهت معاناة أخرى، هي انتقالها وبقية إخوانها إلى قريتهم في مديرية شرعب الرونة شمال مدينة تعز، الأمر الذي ضاعف من معاناتها، فلم يعد لها تواصل مع زميلاتها، حيث كانت تستطيع من خلالهن التعرف على كل ما يمكنها وزميلاتها من كسر العزلة وتبادل المعارف والنصائح التي تخلق لها بيئة إيجابية لتطوير ذاتها مهاريًا.

البداية الإبداعية

كانت بداية هديل في الرسم قبل ست سنوات، لخصت هديل هذه البداية من خلال تواصلنا معها كتابيًا بتطبيق “واتساب”، أنها كانت محاكاة وتقليد رسومات من خلال الورق الشفاف الذي يمكن من خلاله تحديد تعرجات الخطوط في رسم ملامح الوجوه والأشكال المختلفة.

طورت هديل موهبتها بشكل ذاتي، حيث كانت تستفيد من بعض الدروس المرئية المتاحة في النت، وتطبيق الكثير من المهارات التي تكتسبها بشكل أعمال فنية


ووجدت -كما تصف- في الرسم متنفسًا يكسر العزلة من حولها، بخاصة بعد أن منعتها ظروف الحرب من الالتقاء بزميلاتها في المعهد.
وطورت هديل موهبتها بشكل ذاتي، حيث كانت تستفيد من بعض الدروس المرئية المتاحة في النت، وتطبيق الكثير من المهارات التي تكتسبها بشكل أعمال فنية، وهذا جعلها تصل إلى مرحلة متقدمة في الرسم، ولم تكتفِ -كما تضيف- برسم الشخصيات المشهورة والمعالم السياحية، بل التعبير عن الكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية من خلال رسومات تشكيلية مختلفة.
هذا الأمر كان محل تشجيع كبير من والدها الذي وقف معها، وكان السند في أن تحقق هذا النجاح، وتتجاوز كل الصعوبات المختلفة في حياتها العامة، حد تعبيرها.

إقرأ أيضاً  وفيات نتيجة إنفجار مخزن للأسلحة بمأرب

معرض فني

أكثر من مائة رسمة ولوحة تشكيلة لهديل كانت محل إعجاب الكثير ممن اطلع عليها، وهذا ما جعلها تنشر هذه الأعمال الفنية في صفحتها على “فيسبوك”، بشكل متواصل، كانت الإشادات التي تجدها هديل من المتابعين حافزًا كبيرًا وتشجيعًا وشعورًا لا يوصف لها، حفزها إلى المزيد من التأهيل والعمل في هذا المجال، وهذا ما قادها مؤخرًا إلى تعلم الجرافيك والتصميم، حيث قطعت في هذا المجال شوطًا كبيرًا، حيث كانت دراستها في هذا المجال والحصول على دورة تدريبية في مجال أساسيات الجرافيك والمونتاج من خلال مبادرة طيف التي أقيمت بداية هذا العام مع خمس فتيات من زميلاتها، هي محطة نجاح مهمة في حياتها سوف يمكنها في المستقبل أن يكون لها عملها الخاص.
وتتابع هديل أنها تطمح إلى أن يكون لها عمل خاص في إنتاج التصاميم والجرافيك. وتعتبر تمكنها في الرسم أنه ساعدها على أن تصبح قادرة على تعلم التصميم والجرافيك.

طموحات هديل

طموحات هديل كبيرة في مجال الرسم والتصميم، وتطمح إلى أن تكون واحدة من رائدات هذا المجال، من خلال السعي إلى تطوير مهاراتها، مضيفة: “لديَّ إصرار على تحدي كل الصعوبات، وأن أصبح ملهمة للأخريات من الفتيات من الصم والبكم”.
وتختتم هديل سرد قصتها بجملة ربما هي إيجاز دقيق لما تعاني منه الفتيات والشبان من فئة الصم والبكم: “أريد أن أحقق النجاح، ويصبح لي حضور فاعل في المجتمع، ومثلي بقية زملائي، حتى نوجه رسالة للناس والمجتمع بشكل عام أن فئة الصم والبكم لديهم مهارات وقدرات إبداعية مثل الآخرين، هم -فقط- بحاجة إلى التشجيع والتأهيل، وتغيير النظر السلبية ضدهم”.

مقالات مشابهة