المشاهد نت

ازدهار تجارة السلاح  في اليمن

محلات لبيع الاسلحة _مصدر الصورة-AFP

صنعاء – علي ناصر:

في منتصف أغسطس/آب الفائت شهدت منطقة دار سعد بمحافظة عدن حادثة مأسوية بدأت  تفاصيلها بعد مشادة نشبت بين رجل وزوجته، حينها حاول من كانوا بالقرب منهم في الشارع التدخل لفض النزاع من دون جدوى، وذلك قبل أن يشهر الرجل قنبلة يدوية كانت بحوزته، ويطلب من الحاضرين الهروب بعيدًا عن الموقع، ويضم المرأة بقوة ويفجر القنبلة ما أدى إلى تطاير أشلائهما في أرجاء المكان.

 وفي مارس/آذار الماضي بمدينة عدن أيضًا، وقع حادث تصادم بين مركبتين لشخص يدعى إبراهيم وآخر يدعى حسين،  فقام الأخير بإخراج سلاحه الشخصي وإطلاق النار على سيارة إبراهيم، حيث كانت بنات إبراهيم داخل السيارة، الأمر الذي أدى إلى وفاة إحداهن، وإصابة الأخرى.

وخلال الثمانية أعوام الماضية شهدت مدينة عدن الكثير من جرائم الاغتيالات بمسدسات كاتمة الصوت ،كما شهدت اشتباكات مسلحة  متفرقة بين مواطنين وفصائل مسلحة. لم تكن تلك الجرائم تحدث  في مدينة عدن وباقي المناطق الجنوبية في اليمن، لكنها اليوم أصبحت  مألوفة بسبب انتشار السلاح منذ اندلاع الحرب الجارية في اليمن العام 2015. 

أما في المناطق الشمالية  من اليمن،لا يكاد يمضي يوم دون وقوع جريمة باستخدام الأسلحة. ومنذ سقوط الدولة عام 2014، أصبح استخدام وتداول السلاح لدى المواطنين غير منضبط، وغرقت البلاد بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. 

فشلت الحكومة اليمنية أيضًا في الحد من انتشار الأسلحة بخاصة مع تزايد أعداد الفصائل المسلحة المناهضة لجماعة الحوثي والخارجة في ذات الوقت عن سيطرة هذه الحكومة المعترف بها دولياً.

أسواق السلاح تتزايد

تحتل اليمن المرتبة الأول من بين البلدان العربية فيما يتعلق بحيازة السلاح، بمعدل 52.8 قطعة لكل 100 شخص، بحسب منظمة “Small Arms Survey”.وقبل 10 سنوات أشارت إحصاءات إلى وجود حوالي 40 مليون قطعة سلاح  دخلت لليمن، وهي التي تم رصدها، وبعد هذه الفترة تضاعف العدد، بحسب  تصريحات صحفية لوزير الداخلية اليمني الأسبق  حسين عرب، الأمر الذي تسبب بزيادة عدد ضحايا حمل السلاح. 

وتشير إحصائيات إلى مقتل  1200 شخص  سنويا في مختلف المناطق اليمنية بسبب سوء استخدام السلاح، ويبدو هذا العدد من القتلى منطقيًا نظرًا للانتشار المتصاعد للسلاح عقب اندلاع الحرب التي ماتزال جارية. 

 خلال السنوات الماضية، زاد عدد أسواق بيع الأسلحة في اليمن، ووصل تعدادها لأكثر من 30سوقاُ، أبرزها سوق الطلح بمحافظة صعدة ، وسوق  جحانة بمنطقة خولان، وكذلك سوق  أرحب، وجميع تلك الأسواق تتواجد في صنعاء ،أما في أمانة العاصمة فتوجد محال متفرقة تباع فيها مختلف أنواع الأسلحة في حارات التحرير والزراعة وشميلة، والحصبة، وحزيز، والسنينة، ومذبح، وصنعاء القديمة  والصباحة. 

 وفي محافظة عمران يوجد سوقين للسلاح في منطقتي ريدة وخمر، وفي مدينة تعز تحول سوق الشنيني الشعبي لسوق يباع فيه السلاح، وفي عدن تباع الأسلحة في سوق الهاشمي وسوق شمسان بالشيخ عثمان ،وفي أبين تنتشر أسواق السلاح في لودر.

تجارة مربحة

أصبح بيع الأسلحة النارية يسيرًا، ويمكن عرضها للبيع  في أسواق الجنابي ، وفي المنازل وعلى قارعة الطريق، وعلى متن سيارات في عدد من أسواق وأحياء وحارات صنعاء وعدن وبعض من المحافظات اليمنية. 

خلال السنوات الماضية، زاد عدد أسواق بيع الأسلحة في اليمن، ووصل تعدادها لأكثر من 30سوقاُ، أبرزها سوق الطلح بمحافظة صعدة ، وسوق  جحانة بمنطقة خولان، وكذلك سوق  أرحب، وجميع تلك الأسواق تتواجد في صنعاء ،أما في أمانة العاصمة فتوجد محال متفرقة تباع فيها مختلف أنواع الأسلحة

 يتم تسويق الأسلحة أيضًا عبر منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي في شبكة الانترنت، وغالبية تلك الأسلحة تصنيع صيني وهي الأكثر مبيعًا، والمنتجات الروسية تحل ثانيًا. 

إقرأ أيضاً  بالصور.. السيول تُخلّف أضرارًا «بالغة» في لحج

سليم الخطابي، أحد تجار بيع الأسلحة في صنعاء، يقول لـ “المشاهد” “جميع الأسلحة أصبحت اليوم متاحة للبيع، من بين تلك الأسلحة “المسدسات المسماة بالمكروف والبنادق كسلاح الكلاشينكوف، والقنابل، وحتى قذائف الآر بي جي  والصواريخ المحمولة على الكتف والصواريخ الحرارية والألغام أصبحت متاحة للبيع. 

يضيف الخطابي:”المردود المادي الكبير لبيع الأسلحة شجع التجار والمواطنون على التجارة في هذا المجال. يباع المسدس الروسي بـألف دولار أمريكي، بينما يباع الآلي الكلاشنكوف بمبلغ يتراوح ما بين الألفين إلى ثلاثة آلاف دولار”. 

ولم يقتصر دور تجار الأسلحة اليمنيين على توريدها وبيعها في اليمن بل امتدت أنشطتهم إلى  تهريب السلاح لدول أخرى مثل الصومال والسودان والعراق، وفقاً لوثائق نشرها موقع ” ويكيليكس”.

دور أطراف النزاع 

في أكتوبر 2018، أصدرت منظمة مراسلون من أجل الصحافة الاستقصائية العربية دراسة توضح أن العديد من الأسلحة في اليمن تم تصنيعها في دول أوروبية، ومعظم الأسلحة التي دخلت اليمن في الآونة الأخيرة كانت بفعل أطراف النزاع الحالي كجماعة الحوثي التي عادة ما تستقبل السلاح المهرب إليها من إيران عبر البحر. 

في فبراير/شباط  من هذا العام، أعلنت القيادة المركزية العسكرية الأميركية “سنتكوم” أنها تمكنت من مصادرة أكثر من 5 آلاف قطعة سلاح وأكثر من مليون ونصف مليون طلقة ذخيرة كانت في طريقها من إيران إلى اليمن، بينما تشير مؤسسة جيمس تاون الأمريكية بأن  الدول المشاركة في الحرب ضمن التحالف العربي غمرت  اليمن بأسلحة من جميع الأنواع. 

محل لبيع الاسلحة – مصدر الصورة AFP

في تصريحات صحفية سابقة، قال جمال بن عمر، المبعوث السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، إن الدول الكبرى المصدرة للسلاح تعاملت مع حرب اليمن كفرصة لزيادة عدد عقود بيع الأسلحة. 

العميد المتقاعد في الجيش اليمني عوض عبدالله يشير إلى أن أطراف النزاع في اليمن عملت على نشر السلاح وسهلت للمواطنين حيازته وحمله. يضيف لـ”المشاهد”: “من المفترض أن تتم محاسبة من أغرق كل المناطق اليمنية بالسلاح الذي تسبب بانتشار  الجريمة والعنف، وخلق حالة من القلق الدائم لدى المواطنين، كما أن انتشار السلاح بعشوائية أدى إلى عرقلة التنمية الاقتصادية، ومغادرة التجار ورجال الأعمال اليمنيين إلى دول أخرى لاستثمار أموالهم بأمان”.

جهود التوعية 

العديد من منظمات المجتمع المدني والمبادرات  التي كانت تعمل على توعية المواطنين بمخاطر السلاح تراجعت أنشطتها منذ اندلاع الحرب في اليمن، من بينها  منظمة دار السلام التي كانت تنشط في صنعاء وعدد من المناطق الشمالية. 

وفي مدينة عدن، بدأ في الآونة الأخيرة المنتدى الثقافي العدني بإقامة ندوات توعوية حول مخاطر ظاهرة حيازة وحمل السلاح خارج القانون، لكن تلك الجهود لن تأتي بنتائج مثمرة ما لم تتوقف الحرب وتنفذ استراتيجية تشترك في صياغتها وتطبيقها الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين الذين يرون أن حيازة السلاح في الوقت الراهن يشعرهم بالأمان في ظل الصراع السياسي والعسكري الذي تشهده البلاد. 

مقالات مشابهة