المشاهد نت

الضالع.. مزارعون يستبدلون القات بالقمح

الضالع – آدم النهام

اتجه المزارع عبد الرحمن، 26 عامًا، من منطقة العود بمحافظة الضالع وسط اليمن، إلى زراعة القمح، عوضا عن نبتة القات التي نشأ على زراعتها منذ سنين. تعد هذه المبادرة هي الأولى من نوعها في المنطقة، بخاصة مع تزايد مساحات زراعة القات في اليمن طوال السنوات الماضية.

يقول عبد الرحمن لـ«المشاهد»: “أصبح بيع القات عملا صعبا مع تردي الوضع الاقتصادي والأمني في البلاد، وقد شكل قطع الطريق الرابط في محافظة الضالع عائقا كبيرا لكل اليمنيين كونه يربط كل محافظات اليمن جنوبا وشمالا، فقد كان الطريق الذي يربط محافظتي الضالع وإب شريانا يغذي كل أبناء المنطقة”.

منذ أواخر عام 2020، بدأت بعض مكاتب الزراعة في مديريات محافظة الضالع بزراعة أصناف من القمح في بعض الأودية بهدف رفد المنطقة بالمواد الغذائية الأساسية والإسهام في إيجاد أمن غذائي للسكان في تلك المناطق.

يشير عبد الرحمن إلى أن مزارعي القات في منطقته كانوا بشكل أساسي على شجرة القات لكسب العيش، وكان بيع هذه النبتة يدر على المزارعين الكثير من المال، ويستطيعون شراء كل احتياجات الأسرة من قمح وغيرها من المتطلبات المنزلية من السوق بعد بيع محصول القات.

يضيف: “لكننا في الأيام الأخيرة أصبحنا نعاني كثيرا عندما نبيع القات، ولكي أتجنب هذه المعاناة، سعيت في خطوة جديدة إلى استثمار الأراضي الزراعية من خلال زراعة القمح”.

على الرغم من أن التجربة الأولى في زراعة القمح في منطقة العود بمحافظة الضالع، إلا أنها لاقت استحسانا من قبل المواطنين؛ حيث يقول إنه استطاع زرع الأمل في قلوب المزارعين من أبناء قريته، وشجعهم على استبدال القات بالقمح.

المزارع ماهر أحمد، 37 عامًا، من منطقة العود بالضالع، يقول ل «المشاهد»: “إن نجاح الأخ عبد الرحمن في هذه المبادرة شجعنا على زراعة القمح، وسنزرع العديد من المحاصيل الأخرى، لأن زراعة القات أصبحت مكلفة وغير مجدية في ظل الأوضاع التي تشهدها البلاد”.

القات يستنزف المياه

يحصل العديد من مزارعي القات مردود مالي كبير، مقارنة بمزارعي المحاصيل الأخرى. لكن الخبير الاقتصادي فارس النجار يقول ل «المشاهد» إن لزراعة القات أضرارا بعيدة المدى، وأهمها الإضرار بمنسوب المياه الجوفية في اليمن، لا سيما أن البلد يعتمد بدرجة رئيسية على هطول الأمطار.

إقرأ أيضاً  تضييق الخناق على السلفيين في شمال اليمن 

ونتيجة للتغيرات المناخية، فهناك شحة في هطول الأمطار، والاستمرار في حفر الآبار بعشوائية يقلل من منسوب المياه الجوفية، ما يعرض اليمن لخطر نضوب المياه في العديد من الآبار.

بحسب النجار، إن عزوف المزارعين في اليمن عن زراعة الخضروات والفواكة يفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي، ويفتقر اليمن إلى الصادرات من المنتجات الزراعية التي يمكن أن تعزز الاقتصاد وسعر الصرف وغيرها.

يضيف: “ما يغطيه القمح هو عشرة بالمئة من الإحتياج المحلي في اليمن، وتسعين بالمئة يتم استيراده من الخارج، ووجود أزمات كالأزمات التي تحصل في أوكرانيا اليوم يعني زيادة أسعار الحبوب، بمعنى آخر زيادة فاتورة الإستيراد، وبالتالي زيادة خروج رؤوس الأموال والنقد الأجنبي إلى الخارج”

ويتابع: “بهذا فإن الأمر ينعكس على زيادة أسعار السلع واستمرار تضخم سعر صرف العملة الوطنية؛ بطبيعة الحال فإن تحقيق التوازن خلال الفترة القادمة بين زراعة القات ودعم المزارعين باتجاه زراعة الحبوب لتحقيق الأمن الغذائي يتطلب برامج استراتيجية، تمولها وتدعمها الدولة وتوجه فيها دعم المنظمات المختصة نحو دعم مثل هذه الزراعة”.

إدريس علي، 38 عامًا، مزارع، ويملك مضخة مياه في بيت النهام بمنطقة العود بمحافظة الضالع، يقول لـ«المشاهد»: “أي مزارع يقوم بزراعة القمح، نعطيه خصما نصف المبلغ. أصبحنا جميعا نعاني من زراعة نبتة القات لأنها تستهلك كميات كبيرة من المياه وعائداتها بدأت تتراجع بدرجة كبيرة، وهذا يعرض معظم المزارعين للخسائر، والبعض يترك المزارع دون اهتمام”.

رسالة إلى المزارعين

بعد تجربته في زراعة القمح بدلًا عن القات، يحث عبد الرحمن المزارعين في اليمن على التوجه لزراعة المحاصيل الزراعية التي تعود على المجتمع بفوائد اقتصادية وغذائية.

يقول لـ«المشاهد»: “نريد أن نوصل رسالتنا للمزارعين بأن يزرعوا القمح كونه يعود عليهم بفوائد أكثر من القات. لقد حصلت ما يكفيني من القمح لمدة عام كامل، وسأحاول في المواسم المقبلة  زراعة القمح في كل الأرض التي تقع تحت تصرفي، وإذا زاد الإنتاج، سنبيعه في السوق المحلية”

مقالات مشابهة