المشاهد نت

اليمن في انتظار التوقيع على خارطة طريق للسلام

أعلن المبعوث الأممي إلي اليمن في 23 ديسمبر توصل الأطراف اليمنية إلى مجموعة تدابير باتجاه خارطة طريق لإنهاء الحرب

عدن- بشرى الحميدي

بعد أكثر من تسع سنوات من الحرب، يستعد اليمن لخوض مرحلة جديدة من المفاوضات السياسية وفقا لخارطة طريق جديدة تم الاتفاق عليها برعاية الأمم المتحد بهدف إنهاء الحرب وتحقيق السلام في اليمن.

ومع اقتراب توقيع اتفاقية سلام بين الأطراف المتحاربة في اليمن، جماعة أنصار الله ( الحوثيين ) والحكومة اليمنية، يرى المراقبون السياسيون ومسؤولون أن نجاح الاتفاق يعتمد على التزام الطرفين بالثوابت والمحددات الوطنية، ورغبتهم الحقيقية في تحقيق السلام في اليمن. ويختلف المراقبون السياسيون بشأن جدوى هذا الاتفاق، وقدرته على تعبيد الطريق لسلام دائم في اليمن.

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ قال في بيان نشر 23 ديسمبر 2023، أن الأطراف اليمنية تعهدت الإلتزام بمجموعة تدابير تشمل وقفا شاملا لإطلاق النار وتحسين ظروف المعيشة من أجل استئناف العملية الساسية وعمل خارطة طريق ملزمة من أجل إنهاء الحرب.

يقول البعض أنه في نهاية المطاف فإن الأطراف المحلية ستقدم ما يمليه عليها حلفائها الإقليميين. وفي هذا الصدد يقول مايكل نايتس، متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في العراق وإيران والخليج واليمن، بمعهد واشنطن في حديث للمشاهد أن الأمم المتحدة ودول الخليج ستشجع مجلس القيادة الرئاسي للذهاب بملف موحد للتفاوض مع الحوثيين وإلا فإن اختلال توازن القوى سيؤدي إلى خسارة كل شركاء المجلس الرئاسي.

مضيفا أن الإمارات العربية المتحدة  ربما لن تسمح للمجلس الإنتقالي الجنوبي إبرام أي اتفاق مع جماعة الحوثي بشأن دولة جنوبية منفصلة. لا فتا إن السعودية والإمارات ليستا متفقتان على أشياء كثيرة، لكنهما تتفقان على وحدة المفاوضات مع الحوثيين. 

من جانبه  يقول فيصل علي، رئيس مركز يمنيون للدراسات ل “المشاهد”: “إذا ذهب المجلس الرئاسي إلى طاولة التفاوض مع الحوثي، فسيذهب بأوامر سعودية ليوقع على ما اتفقت عليه السعودية وجماعة الحوثي. لكن يبدو أن هناك تباطؤا في مسألة التوقيع على اتفاقية السلام بعد عمليات القرصنة التي تقوم بها جماعة الحوثي ضد السفن وخطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والأطراف الدولية التي كانت تشجع عملية السلام في اليمن مع جماعة الحوثي لم تعد بنفس التوجه”.

يعتقد علي أن مجلس القيادة الرئاسي لا يعرف بنود الاتفاقية التي توافقت عليها السعودية وجماعة الحوثي، لأن المجلس الطرف الأضعف في هذه المعادلة، وكان الإعلان عن المجلس في 7 أبريل 2022 له أهداف عدة، ومن ضمنها تمرير ما ستتفق عليه السعودية وجماعة الحوثي.

ويرى أن التوقيع على الاتفاقية لن يكون تطورا إيجابيا لأن جماعة الحوثي خرجت من الحرب بمكاسب كثيرة وكبيرة. يضيف: “إن تم التوقيع، سيكون اليمن هو المتضرر الأول وستتبعه بقية دول الخليج. عملية السلام ما هي إلا هروب سعودي من اليمن، لكنه هروب خاطئ أيضا”.

الإصرار على الانفصال

القيادي في المجلس الانتقالي، منصور صالح يقول إن هناك توافقا سابقا في مجلس القيادة الرئاسي على تشكيل فريق تفاوضي مشترك، لكنه لم يعلن رسميا ولم يباشر عمله بعد، إذا ما تم ذلك، وهذا يعني أن المجلس سيذهب بملف واحد وتوافق على كافة النقاط.

في حديثه ل “المشاهد” يقول صالح: “لا توجد ثوابت ولا محددات وطنية، فالوحدة سقطت، ومن أسقطها هو نظام صنعاء بعد أن انقلب على الوحدة الطوعية والسلمية وحولها إلى احتلال ووسيلة نهب وسطو على ثروات وأملاك الجنوب وإقصاء وتسريح الجيش والموظفين الجنوبيين. ومن سيتمسك بمواصلة هذا المشروع باسم الوحدة أو السيادة فهو يمثل استمرارا لذات نهج الاحتلال الذي قاومه الشعب الجنوبي ورفضه وانتصر عليه في نهاية العام ٢٠١٥”.

إقرأ أيضاً  آخر تحديث لأسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني

يرى صالح أن جماعة الحوثي ليس لها نوايا تجاه ترك الجنوب يقرر مصيره، لكن هذه الجماعة غير قادرة على فرض ما تريد، والمجلس الانتقالي قادر على الدفاع عن الجنوب وحماية مكاسبه، وما يحتاجه الجنوب هو حوار وتفاهم جاد ينهي نقاط الخلاف ويؤدي إلى فك ارتباط سلس بين الدولتين.

حوار يمني- سعودي

مسؤولون في جماعة الحوثي يرون أن الحوار هو حوار يمني- سعودي، ولا يعترفون بالحكومة اليمنية التي في عدن. الخبير العسكري واللواء الركن طيار، عبد الله الجفري في جماعة الحوثي، يقول ل “المشاهد”: “ما أكدنا عليه مرارا وتكرارا… أننا سنتفاوض مع المملكة السعودية حيث هي صاحبة الشأن، وهي من أعتدت على اليمن وخاضت هذه الحروب خلال تسع سنوات، وفرضت الحصار، ولا توجد هناك حكومة، وحكومة (الطرف الآخر) موجودة فقط في الفنادق (في الرياض)، ولا يمتلكون أي قرار سياسي أو سيادي… وهذا أمر واقع لايستطيع أحد إنكاره”.

يضيف الجفري: “التفاوض سيكون مع المملكة السعودية، وهناك وساطة عمانية، والتفاوض سيكون كما هو سائد اليوم ومشاهد من خلال تحركات المبعوث الأممي وهناك وفود ذهبت إلى السعودية من اليمن ووفود من السعودية أتت إلى اليمن، ولم نشاهد أحدا ممن يسمون أنفسهم بالحكومة (الشرعية). مايدور من تفاوصات اليوم هو فقط بين الحكومة في صنعاء والمملكة السعودية بوساطة عمانية، وما يتمخض من حلول واستنتاجات في هذه المفاوضات ستمليها السعودية على هذه الحكومة (الشرعية) لأنها لا تمتلك أي قرار”.

يقول الجفري أن القيادة السياسية مستعدة للتحاور مع الأطراف اليمنية لاحقا، ويقول: “إذا أراد الإنتقالي التفاوض بما تمليه أهداف ثورة 21 سبتمبر، فسيمنحونه حقيبتين أو ثلاث حقائب دبلوماسية، وكذلك طارق (صالح) والشرعية، ولكن نؤكد أن التفاوض هو مع النظام السعودي…”

يرى رشيد الحداد، محلل سياسي بصنعاء، أن الحوار بين صنعاء والرياض هو حوار ندي، ويوضح ل “المشاهد”: “رفعت حركة (الحوثي) شعار الدفاع عن السيادة والاستقلال وفرض السيطرة على كافة أراضي الجمهورية، وأكدت أن الوصاية الأجنبية انتهت الى الأبد، ولايمكن أن تعود وطالبت بإقامة علاقات ندية مع الدول الجارة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وحسن الجوار”.

وفيما يتعلق بالقضية الجنوبية، يشير الحداد إلى أن حكومة صنعاء قدمت مبادرات لإنهاء مظلومية الجنوب الناتجة عن حرب صيف ٩٤، ويؤكد أن الجماعة تعترف بهذه المظلومية.

يختم حديثه، ويقول: “فرضية تقسيم اليمن، شمال وجنوب، أمر مستحيل في قاموس أنصار الله وشركائه، ولاوجود لأي أجندات متفرقة لدى صنعاء، وسيكون ملفا واحدا تحت سقف المصلحة الوطنية العليا، بما في ذلك صرف المرتبات، فتح الطرقات، رفع الحصار إلى جانب إعادة الإعمار…”

مقالات مشابهة