المشاهد نت

التدخين في الصغر… ظاهرة تتسع في اليمن

مجلة طب الأطفال: التعرض للنيكوتين يؤثر سلبا على الجهاز العصبي، التنفسي، المناعي، القلب والأوعية الدموية خصوصا في مراحل النمو الحرجة

تعز- عدي الدخيني

يندفع المراهقون في العديد من المحافظات اليمنية إلى تقليد آبائهم أو أقرانهم المدخنين، وتتسع ظاهرة إدمان الشباب على التدخين في المجتمع. منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، كان الأطفال ضحايا للعديد من الأزمات، ومنها التسرب من المدارس، وتراجع الاهتمام الأسري بهم، وهذه الأسباب أسهمت في وقوع المراهقين ضحايا للعديد من المشكلات، ومنها مشكلة إدمان التدخين.

تظهر نتائج دراسة بحثية نشرت في مجلة الطب الوقائي الأمريكية العام الماضي، زيادة خطر التدخين بين الأطفال البالغين للآباء الذين يدخنون.

عبد الرحمن الشليف ، 25 عاما، من مدينة تعز، يقول ل ”المشاهد“ إن أخاه الأصغر هو من ضمن ضحايا إدمان التدخين، حيث واجهت الأسرة صعوبة كبيرة في التعامل معه، لإقناعه على التخلي عن التدخين.

يشير الشلفي إلى أن الأسرة استخدمت أسلوب العقاب (الضرب)، لكن الطفل لم يبال، واستمر في تناول السيجارة، ولم يأت العقاب بنتيجة إيجابية. ثم بدأت الأسرة باستخدام النصائح المتكررة وإرشاده إلى الصواب.

يواصل الشلفي حديثه: قمنا بمقاطعته، وأخبرناه بأننا لا نقبل ولا نحب أن يكون هناك شخص في عائلتنا مدمنا على التدخين. أوقفنا مصروفه اليومي. واستمررنا أشهرا دون أن نتحدث معه، وكانت والدتي فقط من تتحدث معه. وبعد أيام، اتخذ قرار بتوقيف التدخين وعاد إلينا، وابتعد عن رفقته الأولى وهذا الذي كان السبب الرئيسي في تعاطيه التدخين “.

يرى الشلفي أن سبب إدمان المراهقين للتدخين هي الصحبة السيئة أو رؤية الأب ومحاولة تقليده، بالإضافة إلى تقصير في الرقابة الأبوية وعدم متابعة الأسرة للأبناء وإهمالهم، وهذا ما يجعل الأبناء يتجهون إلى مسارات انحرافية، وقد يصل الأمر إلى إدمان مخدر الشبو والمخدرات الأخرى.

علاوي ماجد، 26 عاما، من مدينة تعز، يقول إن أخاه الأصغر ، 15 عاما، أصبح مدمنا للتدخين، وكان ذلك الأمر صارما للأسرة، موضحا أن أفراد أسرته كلهم لا يدخنون.

يضيف ماجد: ”كان علي أن أتصرف بحذر وحكمة، بدلا من أن انتقاده وتهديده. تحدثت معه لأني كنت أدرك أن التهجم عليه قد يدفعه للتمرد والاستمرار في تعاطي السجائر. أخبرته عن المخاطر الصحية، الجسدية، والنفسية المحتملة للتدخين، وحاولت أن أعرض عليه بدائل صحية وأنشطة بديلة يمكن أن تساعده في التخلص من هذه العادة السيئة”. برغم محاولات ماجد لإقناع أخيه بضرورة التوقف عن التدخين، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.

إقرأ أيضاً  نشاطات لتقديم الدعم النفسي للأطفال في تعز

تداعيات التدخين

حسب مجلة طب الأطفال فإن الدراسات قبل السريرية في المختبر وفي الجسم الحي تشير بقوة إلى أن التعرض للنيكوتين وحده يمكن أن يؤثر سلبا على الجهاز العصبي والجهاز التنفسي والمناعي والقلب والأوعية الدموية ، خاصة عندما يحدث التعرض خلال فترات النمو الحرجة.

التدخين عادة غير صحية بسبب كثرة التداعيات التي تسببها، وأبرزها الإدمان وصعوبة الإقلاع عن هذه العادة السيئة وذلك لاحتوائها على مادة النيوكتين التي تسبب الإدمان. يقول الدكتور فهمي حسان، أستاذ علم النفس الإكلينيكي، قسم العلوم الاجتماعية، كلية الآداب والعلوم، جامعة قطر، في حديثه ل ”المشاهد“ إن التدخين يؤثر على الصحة العامة، والصحة النفسية للفرد وخاصة في المراحل المبكرة من العمر.

ويشير إلى أن التاثيرات السلبية للتدخين تبقى لسنوات عدة، وتلعب عوامل كثيرة في انتشار التدخين بين صغار الشباب والمراهقين، ومنها غياب الرقابة الأبوية بسبب انشغال الأباء والأمهات بمطالب الحياة اليومية، بخاصة في البلدان التي تعاني من الحروب.

يؤكد حسان أن غياب الرقابة الأسرية للشباب والمراهقين ورفقة السوء هي من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تعلم التدخين والإدمان عليه، وقد ينجرف الشاب إلى خوض تجربة المزيد من العادات السلبية.

حلول مقترحة

يقول الدكتور محمود البكاري، أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب جامعة تعز، في حديثه ل ”المشاهد“ التدخين ظاهرة اجتماعية سلبية تنتشر بقوة في أوساط الشباب وذلك بحكم مرحلة المراهقة التي يمر بها الشباب وما تفرضه من رغبة في المحاكاة والتقليد لسلوك الكبار وهذا يعني أن هناك قدوة سيئة تساعد على انتشار التدخين في أوساط الشباب.

بحسب البكاري، المراهقون عادة ما يتأثرون بسلوك ولي الأمر، ولا يستطيع ولي الأمر إقناع الابن بأن التدخين مضر بالصحة بينما الأب يتناول السيجارة كل يوم.

يرى البكاري لذلك أن الحلول لهذه لظاهرة التدخين أوساط المراهقين تبدأ من الأسرة فالمجتمع ثم فرض قوانين تمنع التدخين في الأماكن العامة، بالإضافة إلى نشر الوعي المجتمعي بخطورة التدخين على حاضر ومستقبل الأطفال والشباب.

مقالات مشابهة