المشاهد نت

  طريق قسري في الضالع محفوف بالقنص

الطريق القسري البديل لطريق دمت-مريس-قعطبة، الضالع

مسئول حوثي: نحن في حالة حرب والحديث عن الطرق والخدمات عمالة”

الضالع – سوسن عبدالله 

تصوير-سوسن عبدالله

أُصيبت نادية،  في بداية 2022 ، بإعاقة  بسبب كسور في العمود الفقري والحوض نتيجة سقوطها في طريق صخري قسري يربط قرية زوجها في قعطبة بالضالع، جنوب اليمن، بمدينة والدها، يريم، محافظة إب، شمال اليمن.

السكان في الضالع والمناطق المجاورة لها، يسلكون هذا الطريق الصخري قسريا منذ أوائل العام 2019 حين تم إغلاق طريق دمت- مريس-قعطبة، وطريق قعطبة- إب، بسبب الصراع المستمر منذ مارس 2015 بين الحكومة المعترف بها دوليا وقوات جماعة الحوثي “أنصار الله”.

في منتصف جبل جبهة بمريس انزلقت نادية، لتفيق وهي في أحد مشافي عدن.  وبحسب كلام زوجها في حديث للمشاهد، كل يوم حالتها تزداد سوء.

أصيبت نادية عندما كانت في رحلة لزيارة والدها في يريم، إب، على بعد 20 كيلو من الجبارة مكان سكنها، بالضالع.

كان يرافقها ولدها اسامة  البالغ من العمر 12 عام. في حديث للمشاهد يقول أسامة “كنت احمل كيسين وكان بجانبنا ناس كثير منهم نسوة وأطفال وكبار سن كنت أمشي وراء أمي بخطوات فسمعت صوتها تناديني وهي تتزحلق بين الأحجار حتى وصلت منتصف الجبل على جهة اليمين أسرع الناس إليها وهم حذرين وصلوا وهي في غيبوبة وتنزف من رأسها وفمها حملوها ثلاثة رجال لا نعرفهم حتى وصلنا القرية التي  نزلنا منها وركبنا سيارة وأمي ما زلت في غيبوبة ولم يكن بجانبها غيري ورجل من أبناء القرية.”

مضيفا ” وصلنا أقرب مركز طبي بعد ساعتين عملوا الإسعافات الأولوية ثم صدروا بنا مستشفى الصداقة في عدن والذي ترقدت فيه ستة أشهر لتخرج بالإعاقة.” 

زفاف مشيا على الأقدام 

  طريق قسري في الضالع محفوف بالقنص
المرور من الطريق القسري مسموح فقط من الساعة 7 صباحا حتى 3 عصرا

 تزوجت فاطمة ناجي من إب إلى قعطبة بالضالع ، في نهاية العام 2019  وكان زفافها أربع ساعات مشياَ على الأقدام.

تقول ناجي “وصلت الجبل وتابعت السير مشيا على الأقدام أما حقائبي  وساماني فحملتها الحمير،  كان في بداية قرية الجبهة بمريس أهل زوجي ينتظرونني فوصلت عندهم منهارة القوى مغبرة الشكل وكأنني بـُعثتُ من مقبرة.”

ضحايا الطريق القسري في الضالع ليسوا مصابين فقط. هناك ضحايا مدنيين فقدوا أرواحهم قنصا وهم يحاولون اجتياز الطريق الصخري القسري. آخر الضحايا، منصور الدبيسي، 34 عاما، قتل قنصا قبل ثلاثة أشهر وهو يحاول اجتياز الطريق، حسب فوزي الحقب، ناشط مجتمعي، في الضالع.

نكران المعاناة

  طريق قسري في الضالع محفوف بالقنص
الطريق القسري البديل لطريق دمت-مريس-قعطبة-معاناة مستمرة منذ إغلاق الطريق مطلع 2019

تظهر الصور للطريق القسري وقصص السكان هناك حجم المعاناة المهولة لاستمرار قطع طريق دمت-قعطبة وقعطبة-إب.  ورغم الكثير من المبادرات المجتمعية والدولية لفتح الطريق، لكن رفض إعادة فتح الطريق مازال سيد الموقف والمعاناة مستمرة.

في أبريل 2022، بدأت في اليمن هدنة لمدة ستة أشهر تتضمن إعادة فتح الطرق بين المحافظات في تعز والضالع وغيرهما مقابل السماح بتسيير رحلات تجارية من مطار صنعاء ورفع القيود عن ميناء الحديدة، الخاضعين لسلطات جماعة الحوثي. تمت الرحلات المحدودة في مطار صنعاء ورفعت القيود عن ميناء الحديدة لكن مسألة الطرق ظلت مغلقة.

وكان وزير النقل في حكومة صنعاء التابعة لجماعة الحوثي، عبدالوهاب الدرة، قد قال في يوليو 2022 “أن فتح الطرقات وتأمينها ضرورة قصوى لتخفيف  معاناة المسافرين والمواطنين وحمايتهم وصون ممتلكاتهم من النهب والسلب.” لكن ذلك لم يترجم على الأرض حتى الآن.

إقرأ أيضاً  دور النساء في تحسين جودة الدراما اليمنية

رغم وعورة الطريق القسري البديل إلا أن طرفي الصراع يفرضان  نقاط تفتيش مكثفة واستجوابات كثيرة للمسافرين من السكان نساء ورجال.  كما أن هناك أوقات محددة من الساعة 7 صباحا حتى 3 عصرا لمرور الطريق البديل. من يجتاز الطريق الصعب خارج هذا الوقت يتم قنصه.

  ومن حين لآخر  يسقط قتيل قنصاً فيتم تبادل الاتهامات،  وهذا يجعل المواطنين يمرون وهم في حالة رعب وانتظار القناص بحسب حديث محمد العودي، زعيم قبلي في قعطبة في حديث  للمشاهد ” . 

الناشط المجتمعي،  فوزي الحقب قال للمشاهد : هناك الكثير من المتاعب سببها قطع الطريق منها :  المعاناة الاقتصادية التي تفاقمت نتيجة قطع المسافات الطويلة وصعوبة التنقل، كذلك انعكاساتها الأليمة على المرضى والمصابين على وجه الخصوص حيث تعتبر معاناة تضاف إلى معاناتهم.”

يقول الحقب “نسمع عن مبادرات بين الحين والآخر لفتح الطرق من أطراف محلية ومساعي أممية لكنها لا تثمر الى نتيجة أو انفراجه والسبب تعنت اطرف الصراع وعدم اكتراثهم لمعاناة الناس وتبادل الاتهامات.”

 محافظ محافظة الضالع التابع للحكومة المعترف بها دولياَ علي مقبل يقول للمشاهد : الحوثيون هم السبب والجميع يعرف ذلك.”
يقول مقبل “نحنُ  ضد قطع الطرقات لأنها تضر المصالح العامة ولاسيما التجارة التي ينعكس قطع الطرقات سلباً على المواطنين ، ونحن رجال دولة نسعى لخدمة المواطن ولسنا مليشيات”.
ويضيف مقبل : أما بالنسبة للألغام فإن الحوثيين  معروفين  بضرب الأعيان  المدنية وزراعة الألغام  وتدمير المصالح العامة والطرقات؛ ولكن سنعمل جهدنا للعمل مع الوساطات الدولية والمنظمات المحلية لفتح الطرقات وإزالة  مخلفات الموت التي زرعها الحوثي. ” في إشارة الى الألغام المزروعة على الطريق الرسمي.

من جهته رفض محافظ الضالع لحكومة صنعاء (أنصار الله) (اسمه) عند تواصلنا به الإدلاء بأي معلومات. وقال مدير مكتب محافظ حكومة صنعاء  أنهم لا يصرحون إلا لجهات رسمية، وأنهم في حالة حرب مع الدول العظمى فالكلام عن طريق أو خدمة يعتبر عمالة.”

مضيفا “الطرف الآخر يتحمل مسئولية تأمين الخط من الضالع إلى عدن تحت سيطرته، وفي القبيطة وغيرها داخل عدن المواطن والمسافر من ابناء المحافظات الشماليه يقتل في وضوح النهار بالنقاط وخارج النقاط لمجرد أنه شمالي.”

يقول المحافظ علي مقبل من طرف الحكومة اليمنية ” الحل هو زرع جسور الثقة بين المجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي والقوى الوطنية في المحافظات الجنوبية والمناطق الشمالية المحررة وتوحيد الخطاب السياسي والإعلامي ومد يد التصالح والحوار فيما بين اليمنيين برقابة دولية وفتح الطرقات ورفع نقاط التفتيش التي تقطع المواطن لساعات أثناء سفره.”

مطالبا “الضغط على الحوثي بتسليم الألغام وتفجيرها وعمل تعهد بالبعد عن مناطق التماس ورفع الحصار… لأنهم نقضوا العهد أمام الوساطات الدولية والمحلية وكل المحاولات حول فتح الطرقات مصرين على تمزيق الوطن والتنكيل بأبنائه.”

وبين إصابة نادية بإعاقة دائمة نتيجة سقوطها في الطريق القسري وقنص منصور الدبيسي، يترقب السكان بخوف الضحايا الجدد لاستمرار إغلاق طريق دمت- قعطبة و قعطبة-إب.

مقالات مشابهة