المشاهد نت

التصعيد في البحر الأحمر يطيل حرب اليمن

المستجدات العسكرية في البحر الأحمر - المشاهد

عدن- بشرى الحميدي

توقفت الحرب في اليمن في أبريل 2022 بعد أن اتفق أطراف الصراع على هدنة برعاية الأمم المتحدة. منذ ذلك الحين، استمرت الجهود الدولية والإقليمية في البحث عن أرضية مشتركة لتحقيق السلام في اليمن، وإنهاء الخلافات اليمنية لإيجاد رؤية موحدة لمستقبل اليمن. لكن جهود السلام في اليمن حاليا على المحك بفعل التطورات العسكرية بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي في البحر الأحمر

في ديسمبر 2023،  قال المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، في بيان إن الأطراف اليمنية تعهدت الالتزام بمجموعة تدابير تشمل وقفا شاملا لإطلاق النار وتحسين ظروف المعيشة من أجل استئناف العملية السياسية وعمل خارطة طريق ملزمة من أجل إنهاء الحرب. 

وفي الوقت الذي كان اليمنيون ينتظرون توقيع أطراف الصراع على اتفاقية سلام لإنهاء الحرب، دخلت البلاد في مرحلة جديدة من الصراع، وأصبحت جهود السلام في اليمن مهددة بالانهيار التام. 

 تشن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، منذ 11 يناير 2024 ، ضربات جوية على أهداف تابعة لحكومة صنعاء (جماعة الحوثي). واستهدفت تلك الضربات مواقع رادار ومنصات لإطلاق المسيرات والصواريخ، ومواقع عسكرية في العاصمة صنعاء، صعدة، حجة، الحديدة وتعز. 

يرى العديد من الباحثين والمراقبين السياسيين أن هذا التطور قد يقود إلى إفشال جهود السلام في اليمن، ويدفع البلاد باتجاه دوامة جديدة من العنف والصراع. 

دلال عريقات: الضربات الأمريكية والبريطانية على اليمن تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية، من خلال إطالة عمر الحرب (في اليمن) وتشتيت الأنظار عن جرائم الحرب الإسرائيلية

لا يبدو أن الضربات الأمريكية التي استهدفت مواقع عسكرية حوثية قد دمرت كل القدرات العسكرية للجماعة، الأمر الذي يعني تنفيذ المزيد من الضربات في اليمن لتحقيق الأهداف الأمريكية، وهذه التصرفات تؤثر سلبا على السلام في اليمن. 

 فياض النعمان، وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية ، يقول ل “المشاهد”: إن الضربات الأمريكية البريطانية وأعمال القرصنة الحوثية على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن انعكست بشكل سلبي على جهود عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة”. 

يعتقد النعمان أن الممارسات غير المسؤولة التي تقوم بها جماعة الحوثي، مثل حشد وتجنيد المزيد من المقاتلين إلى جبهات القتال والهجمات على خطوط الملاحة الدولية ستقلص الدعم الدبلوماسي والأممي المبذول للدفع بعملية السلام اليمنية. 

يضيف: “التصعيد الأخير في البحر الأحمر  والضربات الأمريكية البريطانية تحولت إلى الحائط الذي تكسرت عليه جهود المبعوث الأممي لليمن والجهود الدولية أو تأجيل الحديث عن عملية سلام إلى وقت ليس بالقريب”

نصر الدين عامر: حكومة صنعاء ملتزمة بخارطة الطريق التي وافقت عليها، ولن يكون هناك تراجع من صنعاء إلا إذا تنصل الطرف الآخر. 

نصر الدين عامر، رئيس وكالة سبأ التابعة لحكومة صنعاء، يرى أن عملية السلام في اليمن يمكن أن تتحقق، وليس بالضرورة ربطها بالتطورات الأخيرة في البحر الأحمر. في حديثه ل “المشاهد”: يقول عامر: “لا ينبغي أن تؤثر أي تطورات على خطوات السلام في اليمن وأي مساومة بملف السلام للضغط علينا لوقف عملياتنا الداعمة للشعب الفلسطيني لن تفلح، ولدينا إجراءات في مواجهة ذلك إن حصل”. 

إقرأ أيضاً  تضييق الخناق على السلفيين في شمال اليمن 

ويؤكد عامر أن حكومة صنعاء ملتزمة بخارطة الطريق التي وافقت عليها، ولن يكون هناك تراجع من صنعاء إلا إذا تنصل الطرف الآخر. 

حزام الأسد، عضو المكتب السياسي لأنصار الله، يصف الهجمات الأمريكية والبريطانية بـ”الجرائم الدولية” و”الانتهاك الصارخ والسافر لسيادة اليمن”. ويقول لـ “المشاهد “: “إن هذه الأعمال العدائية تهدف إلى الضغط على الشعب اليمني وثنيه عن التضامن والإسناد لأهالي غزة الذين يتعرضون لأبشع الجرائم والمجازر الصهيونية.  وتعد الاعتداءات الأمريكية والبريطانية تهديدا لأمن واستقرار اليمن والمنطقة، وتعرض أمن وسلامة الملاحة الدولية للخطر”.

عرقلة الحلول السياسية 

عبد الله غانم القحطاني، باحث سعودي مختص بالدراسات الأمنية والإستراتيجية،  يرى أن التوترات المختلفة في المنطقة العربية والبحر الأحمر لا تخدم الاستقرار والسلام في المنطقة.

يقول القحطاني في حديثه لـ ” المشاهد” :”الضربات الأمريكية والبريطانية على مواقع الحوثيين في اليمن ستؤدي إلى التصعيد في المنطقة، ولن تؤدي إلى تحقيق الأمن والإستقرار للملاحة البحرية في البحر الأحمر،كما أنها لن تسهم في إنهاء الأزمة في اليمن، بل ستزيد من صعوبة التوصل إلى حل سياسي شامل”. 

يشير القحطاني إلى أن المناوشات والتراشق بين الحوثيين وتحالف حارس الإزدهار في جنوب البحر الأحمر ستخلق تحديات وعقبات جديدة أمام أي تفاهم يمني داخلي وإقليمي، وستزيد من التوترات في المنطقة، وتجعل من الصعب تحقيق السلام. 

يضيف: “على الحوثيين أن يدركوا أن اليمن يحتاج إلى الاستقرار وحسن العلاقات بالجوار والاهتمام بالتنمية وصنع السلام والأمن لليمن قبل غيره ، وإن استمرارهم في التصعيد العنيف لن يؤدي إلا إلى المزيد من المعاناة للشعب اليمني”. 

إطالة حرب اليمن

دلال عريقات، أستاذ مشارك في الدراسات الدبلوماسية وحل النزاع في الجامعة العربية الأمريكية، تقول إن  الضربات الأمريكية والبريطانية على اليمن تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية، من خلال إطالة عمر الحرب وتشتيت الأنظار عن جرائم الحرب الإسرائيلية، كما أن هذه الضربات تهدف إلى  إثارة مشاعر الجماهير الغربية من خلال الحديث عن اليمن والترويج لروايات تضليلية. 

بحسب عريقات، الضربات الأمريكية  تهدف أيضا إلى استفزاز بعض اللاعبين العرب في دول الإقليم، وإثارة التوتر في المنطقة، والضغط على الدول العربية لإبرام اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، في إطار صفقة القرن، أو صفقة بين السعودية وإسرائيل التي يمكن أن يتم التوصل لها بحجة وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومنع حرب عالمية ثالثة. 

تضيف عريقات: “الضربات الأمريكية تضر بجهود السلام في المنطقة، لأنها تؤدي إلى مزيد من العنف والتوتر، كما أنها تسهم في نشر الرواية الغربية المتحيزة عن اليمن بأنه محور “الشر” في المنطقة”.

تختم عريقات حديثها، وتقول:”الضربات الأمريكية على اليمن هي خطوة خطيرة تؤدي إلى المزيد من العنف والدمار في المنطقة، حيث إن العنف يقود إلى عنف، ويبعدنا عن الحكمة في توظيف الأدوات الدبلوماسية والسلميّة في حل النزاعات في القرن ٢١”. 

مقالات مشابهة