المشاهد نت

توتر في وادي حضرموت بسبب سعر الوقود  

مسلحون قبليون يحتجزون مئات شاحنات الوقود والبضائع منذ أكثر من شهر ونصف-الخشعة-وادي حضرموت-الصورة نقلا عن الخليج 365

حضرموت- بشرى الحميدي 

يشهد وادي حضرموت، شرق اليمن، توترا بين مسلحين قبليين حضارم والسلطة المحلية منذ أكثر من شهر ونصف على خلفية سعر الوقود.

وادي حضرموت تتبع محافظة حضرموت، الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية، لكنها تختلف عن ساحل حضرموت كون الأولى بها قوات حكومية نظامية لكن الأخيرة تحكمها قوات تعرف باسم “النخبة الحضرمية” تدين بالولاء للمجلس الإنتقالي الجنوبي، المطالب بانفصال جنوب اليمن.

في منطقة الخشعة، على بعد حوالي 85 كيلومترا من سيئون، عاصمة وادي حضرموت، نصب مسلحون قبليون، نقاطا أمنية وقاموا بمنع شاحنات الوقود والبضائع من المرور. 

طابور طويل من الشاحنات تقف في منطقة الخشعة بالإكراه، بعض هذه الشاحنات صار لها أكثر من شهر ونصف. يقول المشاركون في هذا الاحتجاج أنهم يطالبون بخفض سعر الوقود بنفس السعر في مأرب، المجاورة لوادي حضرموت.

شكلت الاحتجاجات بشأن سعر الوقود، في اليمن، تغيرات سياسية دراماتيكية. إذ سيطر مسلحو جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، عقب احتجاجات مسلحة تطالب بخفض سعر البنزين.

يباع الوقود في محافظة مأرب النفطية، الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دوليا، بسعر 8 آلاف (نحو 5 دولار أمريكي)  ريالا للجالون 20 لترا مقابل 27 ألف ريال (16.6 دولارا أمريكيا) في بقية مناطق سيطرة الحكومة.

 المواطن الحضرمي محمد علي، 40 عاما، يشكو من تردي الأوضاع المعيشية في المحافظة، ويقول إن الاحتجاجات التي تشهدها بعض المناطق في حضرموت هو نتاج تراكمات من الأزمات الاقتصادية التي لم يعد المواطن قادرا على تحملها، أو السكوت عنها. 

وفي حديثه لـ “المشاهد “، يشير محمد إلى أن بعض الأطراف السياسية تحاول استغلال التصعيد الحالي  لتحقيق أهداف سياسية خاصة بها، وقد يؤدي هذا إلى تسييس المطالب الشعبية في حضرموت، وهذا لا يخدم المصلحة العامة في حضرموت. 

الناشط الحضرمي فائز الصيعري  يوضح في حديثه ل “المشاهد”: “إن سبب هذه الاحتجاجات هو ارتفاع أسعار المشتقات النفطية في المحافظة، الأمر الذي أرهق كاهل المواطنين، وتسبب بصعوبة معيشية بالغة للمواطنين”. 

بحسب الصيعري، مطالب المحتجين واضحة ومحددة، وهي تخفيض أسعار المشتقات النفطية، ولا توجد أي مطالب أخرى أو أي أطراف مشاركة في هذا التصعيد سوى أبناء حضرموت. 

يضيف: “الاحتجاجات سلمية، حيث قام المحتجون بإيقاف مرور قواطر المشتقات النفطية في أراضيها، بينما حاولت السلطات في الوادي مقابلة وفد من المحتجين دون تحقيق أي تقدم”. 

يقول الصيعري أن المحتجين من أبناء حضرموت يرفضون أي تسييس لمطالبهم أو التدخل من الأحزاب والمكونات السياسية لأن هذه الاحتجاجات هي حركة شعبية خالصة.

اتهامات للانتقالي

يرى الكاتب والباحث السياسي، محمد بلفخر، أن التصعيد الحالي في حضرموت ناتج عن محاولات فصيل مسيطر على عدن لإدخال حضرموت كاملة تحت سيطرته، مستغلاً تردي الأوضاع المعيشية وانهيار سعر العملة.

يطالب المجلس الإنتقالي الجنوبي علنا منذ سيطرته على عدن والمحافظات المجاورة في أغسطس 2019، بإخراج القوات النظامية في وادي حضرموت “المنطقة العسكرية الأولى” واستبدالها بوحدات عسكرية، أنشأتها ومولتها الإمارات العربية المتحدة.

إقرأ أيضاً  شركات ترفض البطاقة الشخصية "الذكية" في مناطق سيطرة الحكومة

ويقول بلفخر أن التقطعات لقواطر النفط أو شاحنات تحمل منتجات زراعية في محافظة حضرموت لا تخدم إلا المتربصين شراً بحضرموت، ويستنكر صمت السلطات المحلية عن ما حدث ويحدث، معتبراً أنهم لا يعانون ما يعانيه المواطن المسكين.

يقول الصحفي عبد الجبار عوض الجريري إن هناك أطرافًا تسعى للاستحواذ على حضرموت لما تتمتع به من ثروة ومساحة وأهمية استراتيجية، وأبرز هذه الأطراف المجلس الانتقالي الذي عبر في مناسبات مختلفة عن سعيه للسيطرة على حضرموت. 

ويشير الجريري إلى أن المجلس الانتقالي يستغل بعض المطالب الحقوقية في حضرموت للتصعيد نحو فوضى شاملة يمكنه من خلالها السيطرة على حضرموت. 

ويوضح أن التطورات الأخيرة في حضرموت تشمل قيام بعض قبائل وادي حضرموت بقطع الطريق على الناقلات للضغط من أجل الاستجابة لمطالبها، بالإضافة إلى قيام قوات النخبة الحضرمية بمنع قوات درع الوطن من دخول مدينة المكلا، ما أحدث توترًا بين القوتين، وقد يتطور إلى صراع مسلح. 

يطالب المحتجون  في حضرموت بتخفيض سعر البنزين من 25000 ريال (15.5 دولارا)  للجالون سعة 20 لترا إلى 5000 ريال (نحو 3 دولار)  أو بنفس سعره في مأرب (نحو 5 دولارا)، وجاءت هذه التحركات في وادي حضرموت بعد تصعيد مماثل لمسلحين قبليين في  مأرب، نهاية ديسمبر الماضي، تحتج على  رفع أسعار البنزين في مأرب من  3,500 ريالا (2.18 دولارا) للجالون عبوة 20 لترا إلى 8,000 ريالا (نحو 5 دولارا)، والمحافظة على سعره السابق.

وكانت شركة النفط في مأرب قد بدأت في 18 ديسمبر الماضي، تطبيق السعر الجديد للوقود في مأرب بسعر 8,000 ريالا للجالون عبوة 20 لترا. لا يزال هذا السعر (5 دولارا للجالون 20 لترا) هو الأرخص في جميع أرجاء اليمن.

مقترح للحل

العميد في النخبة الحضرمية، سليمان بن غانم يقول في حديثه لـ “المشاهد” إن التصعيد الحالي في حضرموت ناتج عن عدم وجود مساواة بين المواطنين في المناطق المحررة، حيث يتم فرض نظام الدولة على مناطق دون غيرها. 

يقول بن غانم إلى أن جميع المكونات الحضرمية تشارك في هذا التصعيد، مؤكدا أن الدافع الرئيسي هو الشعور بالظلم والحاجة، وأن هناك فرقًا بين قاطع الطريق والمطالب بحقوقه. 

يطالب بن غانم المساواة بين المواطنين في جميع أنحاء اليمن، والمثال الواضح للتمييز بين المواطنين، هو سعر البنزين  في مأرب وحضرموت، حيث يباع 20 لترا من البنزين بـ  8,000 ريال (5 دولار)  في مأرب، بينما يزيد سعره عن 20000 ريال (15 دلارا) في حضرموت والمحافظات لنفس الكمية.

علي المليكي، صحفي اقتصادي في حيث للمشاهد يقترح توحيد سعر الوقود في جميع المحافظات وتخصيص مبلغ من إيرادات الوقود يتم توريدها لصندوق المحافظات النفطية لصالح المزارعين و تمويل المنشآت الصغيرة في هذه المحافظات.

 يقول المليكي أن تباين سعر الوقود بفارق كبير يعمل على استمرار السوق السوداء ويزيد من التوتر في المناطق النفطية.

مقالات مشابهة