المشاهد نت

أميرة .. تجارب عملية لتغيير الصورة النمطية عن عمل النساء

أميرة بازاهر ، ناشطة مجتمعية تعمل في حضرموت من أجل تغيير الصورة النمطية عن عمل النساء - المشاهد

المكلا- مكين العوجري :

شاهدت أميرة بازاهر ، ناشطة مجتمعية من مدينة المكلا، بعض النساء البائعات والعاملات في الأسواق، أثناء تجولها في أحد شوارع المدينة، وتبادر إلى ذهنها المضايقات والنظرة الدونية التي تتعرض تلك النساء.

اقتربت أميرة من إحدى بائعات الخضار، وأبدت استعداها لمساعدتها في البيع. لكن الفتاة البائعة عارضت الفكرة، وقالت لأميرة: “ماذا سيقول عنك الناس عندما يشاهدونك بجانبي تبعيين الخضار؟”

استطاعت أميرة إقناع البائعة بالعمل معها، لتعبر عن دعمها وتشجيعها لكل النساء العاملات في مدينة المكلا. في حديثها لـ “المشاهد”، تقول أميرة: “الغرض من ذلك التصرف هو إيصال رسالة للمجتمع بأن عمل النساء في المهن أمر يستحق التقدير، وليس عيبا أن تذهب المرأة للبيع في الشارع لإطعام أطفالها، بخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن”.

التجربة الأخرى التي قامت بها أميرة كانت العمل كموظفة نظافة في أحد شوارع مدينة المكلا. ارتدت أميرة الملابس الخاصة بعاملات النظافة، وذهبت إلى المكان الذي ستعمل على تنظيفه، وكان الأمر مدهشا لعاملات النظافة، وجعلهن يشعرن بالسعادة.

تقول إحدى العاملات لـ “المشاهد”: “شعرت بالحب لأنها مهتمة بنا، وشاركت ما نعانيه في الشارع بسبب بعض المعاملات المزعجة التي نتعرض لها”.

أميرة .. تجارب عملية لتغيير الصورة النمطية عن عمل النساء
أميرة تعمل كعاملة نظافة في المكلا

رحب الكثير من المواطنين بالمبادرة التي قامت بها أميرة، واعتبروها خطوة تؤسس لعمل أوسع يقف مع شريحة النساء العاملات في الأسواق، وتسهم في تغيير الصورة النمطية عن عمل النساء في حضرموت، أو غيرها من المحافظات اليمنية.

مبادرة لتغيير نمط التفكير

زادت معاناة المرأة بسبب الحرب التي تشهدها اليمن، واضطرت العديد من النساء إلى العمل في مجالات مختلفة لكسب لقمة العيش، والاعتماد على النفس بدلا عن التسول أو الانتظار للمساعدات التي تأتي من المنظمات الخيرية.

الدكتور ياسر الصلوي ، نائب رئيس جامعة تعز للشؤون الأكاديمية، يرى أن المبادرات الفردية التي تهدف إلى تشجيع النساء على العمل في المهن المختلفة قد تتحول إلى جهد جماعي، وسيكون تأثيره أكثر، وستسهم مثل هذه المبادرة في تغيير نمط التفكير في المجتمع.

يشير الصلوي إلى أن بعض السلوكيات والممارسات في المجتمع لا تشجع المرأة على العمل في بعض الحرف، الأمر الذي يعيق النساء من التغلب على الظروف المادية الصعبة التي يعشنه.

إقرأ أيضاً  غروندبرغ: استقرار الشرق الأوسط يسمح بتسوية النزاع في اليمن

على الرغم من حضور المرأة اليمنية في بعض المجالات العملية في السنوات الماضية، إلا أن العديد من المجتمعات اليمنية في مناطق مختلفة لا زالت تفرض نوع العمل الذي تقوم به النساء، ولا تسمح للمرأة بالعمل إلا في مجالات محددة.

يقول الصلوي لـ “المشاهد”: “إن المرأة تقوم بدور الأب أو المعيل، والمجتمع لا يدرك مثل هذه الأمور، ويتعامل وفقا للثقافة الذكورية، وأرى أن أي مبادرة لتشجيع النساء على العمل خطوة جريئة وتستحق الإشادة، كونها تهدف إلى تغيير نمط التفكير لكثير من الناس أو المعتقدات السائدة، تجاه المرأة وعملها في العديد من المهن”.

يضيف: “تعتقد بعض المجتمعات اليمنية أن عمل المرأة في البيت فقط، بالإضافة إلى الإنجاب، ويقتصر المجال العام على الرجال فقط، وهذا التقسيم يعزز العديد من السلوكيات والممارسات الخاطئة بحق المرأة”.

دعم نفسي

مبادرة أميرة في العمل بجانب النساء العاملات في الأسواق والأماكن العامة عززت ثقة العاملات بأنفسهن، وكان ذلك التصرف بمثابة الدعم النفسي للعديد من النساء اللاتي يعملن في العديد من المهن.

جمهور الحميدي، أستاذ علم النفس بجامعة تعز، في حديثه لـ” المشاهد” يرى أن المبادرة تمثل عاملا مهما لكسر الحاجز النفسي لدى النساء العاملات، ويعد الجانب النفسي هو أساس الحراك المهني.

يوضح الحميدي أن النساء تمتنع أو تمنع عن بعض الأدوار المهنية بسبب الحاجز النفسي الذي أصابهن، وفي حال تم كسر الحاجز النفسي، تستطيع المرأة ممارسة دورها المهني كما ينبغي.

الدور المهني للمرأة أو أي فرد في المجتمع هو حجر الزاوية لمدى إنتاجية المجتمع، بحسب الحميدي، ويعتقد أن المجتمعات العربية تأخرت في التنمية بسبب النظرة الدونية للدور المهني للمرأة، مؤكدا على أن يكون للمرأة الحرية في اختيار النشاط المهني الذي تريده حسب قدرتها ومهارتها واستعدادها.

يختم الحميدي حديثه، ويقول: “تكامل الأدوار التي يقوم بها المجتمع أمر هام، وعندما يكون هناك طاقات عاطلة هذا يدل على أن المجتمع يتجه نحو البطالة المقنعة أو الإجبارية”.

مقالات مشابهة