المشاهد نت

مبادرات للحد من إطلاق الرصاص في الأعراس 

مبادرات مجتمعية تنجح في حظر إطلاق الرصاص في الأعراس والمناسبات الوطنية
مبادرات مجتمعية تنجح في حظر إطلاق الرصاص في الأعراس والمناسبات الوطنية

تعز- رهيب هائل

إطلاق الرصاص الحي في الأعراس من التقاليد المتوارثة منذ زمن بعيد في اليمن. تشعر بعض المجتمعات بالفخر عندما يوجهون أسلحتهم إلى السماء، ويطلقون مرارا وابلًا من الرصاص، ابتهاجًا بحفلة زفاف أو مناسبة وطنية. 

ومع انتشار الأسلحة، وسهولة الحصول عليها في اليمن، لم تتوقف هذه العادة في العديد من المناطق اليمنية، بخاصة في الريف. يتسبب إطلاق النار في المناسبات بمقتل وجرح العشرات من المدنيين، ويحول اللحظات السعيدة إلى حزن شديد، إلا أن هذا السلوك المجتمعي لا زال حاضرا في اليمن. 

 خلال السنوات الأخيرة، تضاعفت الجهود للحد من هذه الظاهرة، وحاولت الجهات الأمنية في العديد من المحافظات ضبط المواطنين الذين يطلقون النار في المناسبات الوطنية والشخصية، وظهرت مبادرات مجتمعية لدفع المواطنين للتخلي عن هذا السلوك. 

مبادرة “أفراحنا أمان”

في منطقة الضياء بمديرية سامع في محافظة تعز، أُطلقت مبادرة بعنوان ” أفراحنا أمان” في يونيو العام الماضي، وركزت المبادرة في البداية على مقاطعة الأعراس التي يتم فيها إطلاق النار. وبعد أسابيع من بدء المبادرة، شرع الأهالي بإصدار وثيقة تنص على دفع غرامة مالية من قبل العريس أو الضيف الذي يقوم بإطلاق النار لصالح أعمال خيرية في القرية، أو الاستعانة بالجهات الأمنية لمعاقبة المسؤول عن إطلاق النار، بحسب مؤسس المبادرة، عامر دعكم.

يقول دعكم لـ “المشاهد”: “استجاب الكثير من العرسان للمبادرة، كونها نفعتهم في توفير المبالغ التي ينفقونها على الرصاص، ودفعتهم إلى استخدام الألعاب النارية الأكثر أمانا، وأسهمت في حماية المواطنين من مخاطر الرصاص الراجع”.

يضيف: “نشرنا أفكارا عديدة عن السلبيات المرتبطة بإطلاق النار في الأعراس، منها أن من يفعل ذلك هو قاتل محتمل، كون الرصاص التي تطلق إلى الجو تعود إلى الأماكن القريبة من مكان العرس، وقد تقتل إنسانا”.

منذ انطلاق المبادرة، تضاعفت جهود التوعية من خلال استخدام العديد من الوسائل، مثل منابر المساجد لا سيما أثناء خطبة الجمعة وخطبة العيد، وفي مجالس القات ومختلف اللقاءات المجتمعية. ومع مرور الوقت، أصبح  كل عريس يعلن للأهالي قبل موعد عرسه بيوم أو يومين بأن إطلاق الرصاص ممنوع في حفلته، ويلجأ بعض العرسان إلى رفع لافتات في مداخل الطريق إلى بيته، تؤكد أن إطلاق الرصاص ممنوع.

إقرأ أيضاً  تأثير الحرب على دور العبادة في صنعاء

في الوقت الحاضر، تستمر الجهود لتوسيع هذه المبادرة حتى يصل أثرها الإيجابي إلى المناطق المجاورة.  يوضح دعكم: “بعثنا رسائل إلى وجهاء القرى المجاورة، وطلبنا منهم التعاون معنا لتنفيذ مبادرة منع إطلاق النار في قراهم، وسنستمر في التواصل معهم، حتى لا يكون أهالي قريتنا معرّضين لخطر الرصاص الراجع الذي يطلق في أعراس القُرى القريبة”.

أعراس بلا رصاص

العديد من المناطق في مديرية سامع بتعز أصدرت بيانات واتفاقيات مجتمعية تدين وترفض إطلاق النار في المناسبات، وهناك وعي متزايد بخطورة هذه الظاهرة. في الأسابيع الماضية، أقام الشاب صلاح عبد الباقي عرسه في قرية الضياء بمديرية سامع، دون أن يطلق الرصاص. 

في حديثه لـ “المشاهد”، يقول عبد الباقي: “مبادرة أفراحنا أمان وفرت لنا الكثير من النقود، و جنبتنا الكثير من المخاطر التي قد تصيب الأهالي بسبب الرصاص الراجع أثناء الأعراس”. 

يؤكد عبد الباقي أن مبادرة منع إطلاق النار في الأعراس نجحت بشكل كبير منذ العام الماضي، إذ أجريت العديد من حفلات الزفاف دون إطلاق الرصاص، حيث إن مايقارب 95% من حفلات الزفاف تمت في أمان. 

يضيف: “الكثير من العرسان يقومون بإبلاغ الأهالي، بموعد العرس، ومنعهم من  إطلاق النار أثناء قدومهم، وإن حدث خطأ من قبل بعض الضيوف القادمين من المناطق البعيدة يتم دفع مبلغ مالي بمقدار 50 ألف ريال من قبل العريس، لصالح الأعمال الخيرية في القرية، وهذا ما حدث في عرسي”.

فيما العديد من السكان لايزالون يتمسكون بهذه الظاهرة، ويمارسونها في مناسباتهم بشكل مستمر،  جراء توفر الرصاص الحي في الأسواق وبأسعار مناسبة. يرى علي سعيد، 50 عاما، مواطن من مديرية سامع  أن إطلاق النار في الأعراس تشعر المواطنين بالتفاخر والتباهي لا سيما في المناطق الريفية، والجبلية  قليلة السكان، ويتم استخدامها بشكل مستمر أثناء استقبال الضيوف. 

يعتقد سعيد أن إطلاق النار في الأعراس لا يتسبب بإصابات إذا تم توجيه السلاح إلى المناطق الخالية من السكان، ولهذا السبب لا زال البعض متمسكا بهذا التصرف، ويحسبونه ضروريا لإظهار الفرح في المناسبات الوطنية والشخصية. 

مقالات مشابهة