المشاهد نت

دور الشباب في النهوض بالدراما اليمنية

تعز – فاطمة العنسي

في ظل بيئة تنعدم فيها فرص الحصول على تدريب أكاديمي يتعلق بالإخراج الفني، وعدم اهتمام الجهات المعنية بالفن والإنتاج الإعلامي، يحاول بعض الشباب في اليمن إيجاد الفرص للنهوض بالإنتاج الفني. هاشم حمود هاشم واحد من الشخصيات الفنية الصاعدة التي أحدثت تغييرًا إيجابيًا في واقع الدراما اليمنية.

بدأ هاشم مسيرته الفنية عقب الدعم الذي حصل عليه خلال المسابقة الذي نظمها المجلس الثقافي البريطاني للأفلام القصيرة لعام 2009، وبعد ذلك، تأهل ودرس في القاهرة. كان يشعر بقربه وشغفه في هذا المجال، وتعمق فيه برغم أن تخصصه الجامعي كان هندسة معمارية داخلية.

 يقول هاشم لـ«المشاهد» “حصلت على التعليم في فن صناعة الأفلام من مؤسسات متنوعة، مثل دراسة لغة هوليوود في جامعة ويسليان، وفن السرد في جامعة برمنغهام، بالإضافة إلى حصولي على دورات متنوعة بتوجيه من وارنر هيرتزوغ، وهو مخرج أفلام وثائقية ودرامية، ومهارات في سرد القصة من خلال التأليف الموسيقي لهانز زيمر”.

في عام ٢٠١٣، تم تسجيل دوت نوشن كشركة إنتاج فني في صنعاء بشكل رسمي، وبدأ العمل فيها بشكل مهني. حتى الآن، عمل هاشم مخرجا لمسلسلين في الدراما اليمنية، وهما  سد الغريب 2020، ومسلسل ماء الذهب 2024، بالإضافة إلى العديد من الأفلام القصيرة والمتنوعة، ويعكف حاليًا على إنتاج أول فيلم روائي طويل. 

يقول هاشم: “منذ دخولنا بشكل رسمي وبدء العمل في شركة إنتاج فني تحمل اسم دوت نوشن للإنتاج الفني، كان تركيزنا الأساسي على إنتاج أعمال وثائقية إنسانية. ومن خلال تلك الأعمال، تعلمنا وفهمنا وتعرفنا بشكل أعمق على معاناة الناس وحياتهم. قمنا بتوثيق قصص حقيقية من الواقع، واتجهنا نحو إنتاج أعمال درامية كبيرة مثل مسلسل “سد الغريب” الذي تناول قضايا اجتماعية مهمة”. 

يشير هاشم إلى أن المخرج لا بد من أن يكون شخصًا ملمًا بكل التفاصيل الفنية والسردية، وهو ما طبقه منذ سنوات طويلة، عندما كان ينظم برفقه أقرانه مسرحيات ويقومون بتأليف القصص وتجسيدها وإعدادها.

تحديات

واجه المخرج هاشم العديد من الصعوبات خلال عمله في الإنتاج الدرامي، وأهم هذه الصعوبات هو الوضع السياسي والاجتماعي الذي تمر به البلاد، والذي أثر بدوره على الإنتاج الفني، ومع ذلك يرى هاشم أن التحديات فرصة لتطوير القدرات، وفهم الحياة الإنسانية للمجتمع بصورة أعمق.

يضيف: “من ضمن الصعوبات هي نقص الكوادر المتخصصة في مجال الفن والإعلام، وعدم وجود بيئة دراسية متكاملة لتدريب الشباب في هذا المجال، وغالبًا ما يتعين علينا التدريب الذاتي وصقل المهارات، وهو أمر يتطلب الكثير من الجهد والصبر والوقت”. 

يجد العاملون في مجال الإعلام صعوبة في التنقل والحصول على التصاريح اللازمة للعمل في بعض الأماكن، ما يؤثر على عملية الإنتاج ويطيل الوقت اللازم لإنتاج الأعمال الفنية، وهذه التحديات جزء من الواقع المعقد في البلاد. 

إقرأ أيضاً  بعد عودة الاستقرار.. مشاريع تنموية غرب لحج

أبرز الأعمال  

لكل فنان عمل يعبر عنه ويؤثر فيه، ويجد هاشم أن فلمه القصير “فتاه الميزان”، من أقرب الأعمال إلى قلبه، كون القصة حقيقية ومستوحاة من مشهد واقعي لفتيات صغيرات في الرصيف يطلبن المساعدة المالية عن طريق جهاز الميزان بهدف مواصلة تعليمهن.

 أراد المخرج تسليط الضوء على هذه الفئة ونقل معاناتها، وحقق الفيلم نجاحًا واسعًا، وتم ترشيحه في عدة مهرجات عالمية، وهذا يُشعره بالفخر والتأثير الإيجابي المستمر.

 يتابع هاشم حديثه: “لا يمكنني نسيان تجربتي لمسلسل “سد الغريب”، الذي كان أول عمل درامي طويل أقوم بتنفيذه، والذي استغرق تصويره وإنتاجه الكثير من الجهد والوقت، وأخيرًا عملت على مسلسل “ماء الذهب” الذي استخدمت فيه تقنيات إخراجية وإنتاجية صعبة، وهو من الأعمال التي شكلت تحديًا وتقدمًا ملحوظًا في مهنتي”.

وبالنسبة لمسلسل “ماء الذهب”، يعتقد هاشم أن ذلك العمل الدرامي مكن النساء من إثبات أنفسهن وقدراتهن في مجال صناعة الدراما، وشاركت 8 نساء في العمل من خلف الكواليس، مشيرًا إلى أن للنساء القدرة على إعطاء العمل نقلة نوعية. 

الشباب وصناعة الدراما

يرى المخرج هاشم أن للشباب دورًا فعالًا وحيويًا في صناعة الدراما، لا سيما خلال السنوات القليلة الماضية، برغم وجود التحديات التي تعيق بعضهم من تحقيق النجاح الكامل.

يعمل عدد قليل من الشباب يعملون في مجال صناعة الأفلام، ويسعون لنقل رسائل هادفة للعالم، بينما يركز البعض الآخر على الأعمال التجارية، وذلك نتيجة احتياجهم لتوفير متطلبات المعيشة، ويعاني الشباب من نقص في الدعم المالي الذي يساعدهم في تحقيق أعمال درامية هادفة وناجحة.

يحث هاشم المجتمع ورجال الأعمال على دعم الشباب المخرجين وتوفير البيئة المناسبة لإنتاج أعمال فنية تصل رسائلها للعالم، حيث يمكن أن يلعب الشباب دورًا محوريًا في نقل تجارب وقصص اليمن وتعزيز الفهم العالمي لثقافته. 

في حديثه لـ«المشاهد»، يقدم المخرج هاشم بعض النصائح للشباب للخوض في تجربة الإخراج الناجحة، ومنها الشغف والتضحية، التعليم والمعرفة، والممارسة المستمرة. 

 يعتقد هاشم أن واقع الإخراج الفني في اليمن يشهد نوعًا من الصحوة والنشاط الكبير في مجال إنتاج المحتوى الفني، وهذا يبعث الأمل بالنمو والتطور، وتتمثل الصحوة الدرامية في زيادة الإنتاج الفني والمحتوى المتنوع، وكذلك في ظهور العديد من القنوات الفضائية التي تعمل على إنتاج أعمال فنية متميزة.

بحسب هاشم، هناك تحديات تواجه القطاع الفني في اليمن، ومنها قلة الشركات الإنتاجية الجادة والقادرة على تمويل وإنتاج أعمال فنية بجودة عالية، وهذا التحدي ناجم عن الأزمة الاقتصادية في البلاد. يوجه هاشم رسالة في ختام حديثه إلى الهواة والمهتمين بصناعة الأفلام بالعمل على صياغة رسائل هادفة تسهم في توعية المجتمع ونقل صورة جميلة وإيجابية عن اليمن إلى العالم.

مقالات مشابهة