المشاهد نت

قصة جندي فقد قدميه وهو يقاتل في صفوف الجيش الوطنى فكافأه التحالف بقتل أسرته في حجة

المشاهد-خاص :
لم يكن يعلم الجندي الجريح وليد المقضي وهو يشاهد صورة طفله الصغير بملابس العيد بأنها لحظة وداع أخيرة أُرسلت إليه قبل رحيله مع أمه بساعات بقصف لطيران التحالف على منزلهم في مديرية وشحة بمحافظة حجة, شمال اليمن.
فقد وليد قدميه بلغم أرضي وهو يقاتل الحوثيين قبل عشرة أشهر, في جبهة صرواح غربي محافظة مأرب بعد أن ترك قريته هو وعدد من أقاربه والتحق بالجيش، دفاعاً عن الوطن “أغلى اسم فى الوجود”.
كان مقداماً شجاعاً, واجه الموت ببسالة في صحراء مأرب القاحلة، انفجر اللغم فى قدميه، طارت اليمنى لأعلى، وتحولت اليسرى إلى أشلاء، غاب عن الوعي, وعندما فاق وتحسس ساقاه المبتورتان، بكى لأنه لم يعد باستطاعته القتال في سبيل الوطن.
عندما تسمع قصة الجندي وليد المقضي تبكى دماً وألماً وحسرة على حاله, فقدماه المبتورتان التي قدمهما فداء للوطن لم تشفع له من إستهداف طيران التحالف الأعمى لمنزله وقتل أسرته بلا رحمة وهم بملابس العيد.
 لم يمّن وليد على الوطن بقدميه، ولم يطلب ثمناً لتضحيته، ملامح الرضا كانت مرتسمه على محياه وصورته تنطق بالفداء لكن تضحياته قوبلت بالنكران والجحود, الأولى عندما كافأه التحالف بقصف منزله وهدمه على رؤوس أسرته.
قصف التحالف منزل أسرته فجر ثاني أيام العيد، وبغمضة عين تحولت فرحتة العي في قريته إلى فاجعة ومأساة تدمي القلوب, وظل المنقذون من أهالي القرية يعملون حتى المساء لانتشال الجثث المدفونة تحت الركام.. كان من بينهم زوجته وطفله البالغ من العمر عاماً واحداً.
فقد شريكة حياته وطفله الصغير بالإضافة إلى عمته، بغارة جوية غادرة وهم نائمون بأمان. ثمة ستة مصابين من أفراد الأسرة نقلوا للمستشفيات, من بينهم والده الشيخ محمد يحي المقضي, أحد كبار مشائخ المنطقة والموالي للحكومة الشرعية.
لم يشعر وليد بالعجز بعد أن فقد قدميه بل كان قلبه مملوئاً بالرضا بما كتبه له الرحمن, لكنه يحس الآن, بعجز كبير بعد فقدانه أقرب الناس الى قلبه من قبل من جائوا لإنقاذهم من بطش الحوثيين, وموراتهم الثرى دون أن يلقي عليهم نظرة الوداع الأخيرة.
كان أمله الوحيد أن يجتمع بأسرته بعد طول غياب, يحتضن طفله الصغير, يلاعبه ويقضي بقية حياته بسلام مع زوجته التي ستعتني به أفضل من ألف طبيب لكن كل هذه الأحلام الجميلة التي رسمها في مخيلته تحطمت على يد طيار لايمتلك في قلبه ذرة رحمة, وتحالف أرعن يستهدف الأبرياء.
ويقضي الجندي الجريح معظم الوقت بمفرده في سكن جرحى الجيش الوطني بمدينة مأرب شرقي صنعاء, بوجه شاحب وعينين دامعتين وقلب يعتصره الحزن, فاقداً قدرته على تصديق الحدث، فهو مايزال يشعر بهول الصدمة، ما يجعله مستيقظاً طوال الوقت.
صرخة غضب أطلقها ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي الذين تداولوا صور وليد المبتور القدمين الى جانب صور طفله المضرج بالدماء ومنزلهم الذي تحول الى كومة من الركام متسائلين هل هذه هدية العيد من الجيش والتحالف لجندي ضحى بقدميه في سبيل الوطن.
وأكدوا بأن قتل المدنيين جريمة حرب لا تسقط بالتقادم، وعلى قوات التحالف العربي تحمل مسئوليتهما القانونية والأخلاقية والالتزام بقواعد الاشتباك وقوانين الحرب وتجنّب استهداف المدنيين”. وأدانوا الصمت الحكومي إزاء جرائم التحالف المتكررة.
وتعالت صيحات الإستنكار من قبل من يعرف وليد ومن لايعرفه, منديين بهذه الجريمة, وبصمت الحكومة المخزي إزاء هدم منزل أحد جنودها على رؤوس ساكنيه, وطالبوا بسرعة التحقيق ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المتكررة للتحالف الذي يستهدف المدنيين، واصفين استهداف منزل أحد أبطال الجيش بالعمل المشين.
ومنذ بداية الحرب حصدت صواريخ طائرات التحالف حياة آلاف المدنيين في اليمن وفقاً لتقرير أممي صدر الثلاثاء  الماضي, وأكد أن حوالي ثلثي ضحايا الحرب في اليمن سقطوا جراء غارات التحالف العربي.
وأشار التقرير الى إنه تم تسجيل أكثر من 4500 غارة جوية للتحالف بين يوليو/تموز 2016 ويونيو/حزيران 2017. وأدت هذه الغارات، بحسب التقرير، إلى مقتل 933 مدنيا وإصابة أكثر من 1400 شخص.
ولعل وليد يشعر الآن بالخذلان نتيجة الصمت الحكومي حيث لم تسارع أي جهة رسمية حتى اللحظة، لإدانة واستنكار استهداف التحالف لمنزل جندي في الجيش ونجل أحد مشائخ حجة الموالين للحكومة الشرعية، في وقت أعلن فيه التحالف وبكل وقاحة عن استهدافه لمركز اتصالات تابع لجماعة الحوثي في مديرية وشحة بمحافظة حجة وهو ماقد يزيد وليد وجعاً وبلا حدود.
مقالات مشابهة