المشاهد نت

النازحون من الحديدة إلى صنعاء.. الهروب من جحيم الحرب، إلى نار المؤجرين

المشاهد-نجيب العدوفي -خاص:
وصل المواطن خالد عبدالله إلى العاصمة صنعاء نازحاً من محافظة الحديدة التي تشهد توتراً عسكرياً، ليبدأ مشوار البحث عن مسكنٍ له ولأسرته، التي نزلت مؤقتاً عند أقارب لها بصنعاء. بعد أسبوع من البحث المتواصل عن شقة تتناسب معه في مدينة تُعاني من الكثافة السكانية وجد خالد ضالته، وعندما بدأ الوسيط بكتابة عقد الإيجار بين المستأجر خالد والمؤجر عَرف المؤجر أن خالد نازحاً من الحديدة طلب من كاتب العقد كتابة قيمة العين المؤجرة 70 ألف ريال بعد أن كان الاتفاق 50 ألف ريال.
يقول خالد عبدالله لـ”المشاهد” إنه رفض استكمال الاتفاق بعد أن زاد المؤجر في الأجرة الشهرية مبلغاً وقدره 20 ألف ريال على المبلغ الذي تم الاتفاق عليه قبل كتابة العقد.
ويضيف خالد: “ينظر الكثير من ملاك العقارات بصنعاء للنازحين من الحديدة بأنهم صيدٌ دسم يتوجب عليهم استغلالهم خاصة في ظل حاجتهم إلى المساكن”.
من جانبه يقول محمد حسين، مالك مكتب عقاري بصنعاء لـ”المشاهد” إن مالكي المساكن بصنعاء يُعانون منذ 4 سنوات من عدم تحقيق العائدات المالية من مبانيهم السكنية، بسبب توقف مرتبات موظفي الدولة، وعندما بدأت عملية النزوح من الحديدة إلى صنعاء تسابق الكثير من أصحاب هذه المباني للتأجير للنازحين وبأسعار تزيد بما نسبته 30 إلى 50% عن القيمة الحقيقية للعين المؤجرة.
ويؤكد حسين أن أغلب مالكي المباني السكنية بصنعاء والمؤجرين لموظفين في الدولة قاموا بإخراج المستأجرين، كونهم لم يدفعوا الايجارات، وبحثوا عن نازحين لتأجيرهم.
ويقول الحاج أبو عبدالرحمن مالك مباني سكنية يقول لـ”المشاهد”: “لدي 8 شقق أحصل منها على دخل أنفقه على توفير لقمة العيش وتعليم أولادي، ومنذ ما يزيد عن سنتين لدى 6 شقق من أصل 8 لا احصل على ايجاراتها، لأن المستأجرين لا يستلمون رواتبهم، والآن منحتهم فرصة إلى نهاية الشهر، لإخلاء الشقق دون أن أطالبهم بإيجارات حوالي عامين، ومن حقي أن أستفيد، كغيري من الطلب على الشقق السكنية بصنعاء في ظل النزوح الكبير من الحديدة”.
ويشتكي عبدالماجد سالم أحد النازحين من الحديدة من التجار الذين نزحوا من الحديدة، متهما لهم برفع أسعار الايجارات بصنعاء أمام النازحين من ذوي الدخل المحدود، خاصة أنهم يستأجرون بأي ثمن، ويدفعون قيمة الايجارات بالعملة الصعبة “الدولار”، وبزيادة تفوق القيمة الحقيقية للشقة المستأجرة، وقد تصل هذه الزيادة إلى الضعف كما يقول لـ”المشاهد”، مضيفا أن السواد الأعظم من أبناء الحديدة، لا يملكون كُلفة النزوح، وباتوا ينتظرون الموت الذي قد يأتيهم في أي وقت، علما أن بعضهم استدانوا بعد أن استنفذوا مدخراتهم من أجل الهروب من نار الحرب.
لا خيار أمام المستأجر سوى الرضوخ لسلطة المؤجر، فالقانون المنظم للعلاقة بين المؤجر والمستأجر لم يخرج إلى الوجود، وما يزال عالقاً في مجلس النواب منذ ما يقارب العقد من الزمن، حسب ما يقوله أحد القانونيين بصنعاء، ويقول لـ”المشاهد”: “قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يصب لصالح المؤجر، وشهد تعديلات منذ ما يزيد عن 8 سنوات إلا أنه على ما أعتقد لم يخرج من مجلس النواب، وإن خرج فالقانون في اليمن يتم تعطيله لصالح الطرف القوي، والمؤجر عادة هو الطرف القوي، ويمكنه تجيير القانون لصالحه والانتصار على المستأجر، وحرمانه من كافة حقوقه ليبقى المستأجر الحلقة الأضعف، وما عليه، إلا الخضوع للمؤجر والعيش تحت رحمته.
تتضاعف معاناة النازحين من الحديدة إلى صنعاء فهم إما أن يستسلموا لنيران الحرب أو أن تكويهم نيران جشع وطمع المؤجرين في بلد لا تعترف سلطاته بالقانون، بقدر ما تمنح الأقوى، حق الهيمنة والسطوة.

مقالات مشابهة