المشاهد نت

اتفاق الرياض.. فعل ماضٍ لخلق يمن جديد

هدفت السعودية من اتفاق الرياض الوصول لمرحلة ما بعد هادي

عدن – محمد نادر

أصبح اتفاق الرياض من الماضي بالنسبة للتطورات السياسية في اليمن التي جاءت ضد الاتفاق الموقع في نوفمبر 2019، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، المنادي بانفصال جنوب اليمن عن شماله.

تضمن اتفاق الرياض بنودًا عديدة، أبرزها توحيد القوات العسكرية وإعادة تنظيمها، وممارسة الحكومة عملها من العاصمة المؤقتة عدن.

فبعد ثلاثة أعوام لاتزال الحكومة في المنفى، والقوات التي كان مطلوبًا توحيدها تمددت أكثر. وحدثت مواجهات بين القوات الحكومية والانتقالي، كان آخرها في شبوة، مطلع أغسطس الماضي، وأصبح الأخير هو المسيطر الأبرز على كثير من المواقع في المحافظات في جنوب وشرق اليمن.

إن فشل تنفيذ اتفاق الرياض يثير التساؤل عن غياب الضغوط من قِبل السعودية الراعية الرئيسية لاتفاق الرياض، على معرقلي تنفيذه، والصمت أمام المتغيرات التي حدثت في جنوب اليمن، والتي جعلت مسار الانفصال يقفز إلى مقدمة التوقعات بخصوص مستقبل اليمن.

تغييب اتفاق الرياض

يمكن القول إن الحديث عن اتفاق الرياض تم تغييبه إعلاميًا إثر تشكيل المجلس الرئاسي في أبريل الماضي، وفق حديث الكاتب والباحث موسى عبدالله قاسم، لـ”المشاهد”.

وقال قاسم: “أصبح شيئًا من الماضي، لأن الأحداث التي أعقبت توقيعه نسفت كل بنوده التي كان يفترض أن يتم تنفيذها بعد التوافق عليها، بالإضافة إلى أن الوقائع على الأرض، قوضت تلك التوافقات، وفرضت أجندة طرف من الأطراف على حساب التوافق الذي سعى لنزع فتيل الأزمة بعد سيطرة الانتقالي على عدن بقوة السلاح”.

وتابع في حديثه لـ”المشاهد”: “الحديث اليوم عن اتفاق الرياض أصبح مثيرًا للسخرية، لأن أحد أطرافه أصبح الرجل الثاني في الشرعية على المستوى السياسي (يقصد رئيس المجلس الانتقالي الذي أصبح عضوًا في مجلس القيادة الرئاسي)، أما على المستوى العسكري فهو الرجل الأول بلا منازع، وما أحداث شبوة التي تم فرض إرادة هذا الطرف إلا مثالًا بسيطًا على ذلك”.

منعطف خطير

الحال بعد اتفاق الرياض بالتأكيد اتضح أنه لن يكون كما قبله. بالنسبة لأستاذ إدارة الأزمات نبيل الشرجبي، فإن اتفاق الرياض كان بداية إعلان انعطاف خطير في سياسات وسلوكيات دول التحالف، وخروجًا كليًا على التأكيدات والضمانات التي قطعتها دول التحالف لليمن والمجتمع الدولي بتحرير البلاد، والحفاظ على استقرارها.

إقرأ أيضاً  مبادرات للحد من إطلاق الرصاص في الأعراس 

وتلك الخطوة، كما يذكر الشرجبي لـ”المشاهد”، الهدف منها هو الإقدام على الكثير من الانحرافات في مسار القضية اليمنية لصالح التفتيت والإضعاف، والدخول في مرحلة اللايقين في كل شيء، فضلًا عن العمل على ترتيب أوضاع اليمن بحال الشلل والانقسام، مع إبقاء مساحات واسعة للمستقبل، للدخول في صراعات داخلية تبعد اليمن عن القيام بأي دور فاعل، وربما يصبح الوضع فيها أقرب إلى الحالة اللبنانية أو العراقية”.

اليوم لم يعد المهم التحقيق في ما أنجز من اتفاق الرياض أو لم ينجز منه، فقد أصبح له هدف ووظيفة أخرى تتمثل -حسب المحلل السياسي اليمني الشرجبي- في إنفاذ ما يراه التحالف من وجهة نظره مجديًا لهم، أو عدم الإقدام على أية خطوات تصب في صالح تحسين الوضع في اليمن، بحجة أنه قد يكون خطورة في تجاوز بنود الاتفاق”.

جسر لمرحلة ما بعد هادي

التأخير في تنفيذ اتفاق الرياض الذي تم توقيعه في عهد الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، كان هدفه -بحسب الباحث قاسم- الوصول إلى مرحلة ما بعد هادي، وحينها سيصبح هذا الاتفاق بحكم العدم، وهو ما تم بالفعل كما كان مخططًا له من قبل الممسكين بخيوط اللعبة على الساحة اليمنية.

وقال: “غير مستبعد أن يكون هناك اتفاقات مماثلة في شبوة وحضرموت وغيرهما، مصيرها كاتفاق الرياض، لإشغال الرأي العام اليمني الذي ينتظر الخلاص من جماعة الحوثي بمثل هذه المتاهات التي لا نهاية لها”.

وما يثير قلق قاسم هو ذهاب اليمن نحو المجهول وبسرعة، بخاصة مع فرض جماعة الحوثي سطوتها على المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وبحثها عن اعتراف دولي لها من باب الهدنة السلام، في الوقت الذي تنشغل الحكومة بصراعاتها الداخلية، فضلًا عن وقوعها تحت الضغط الدولي الذي يريد إغلاق باب حرب اليمن، والتركيز على حرب الطاقة والصراع الروسي الأوكراني.

مقالات مشابهة