المشاهد نت

هكذا يتجازو المزارعون ضعف الإنتاجية

استخدام السماد البلدي لتحسين الإنتاجية الزراعية-اليمن

تعز-احمد عبد المنعم

في العام 2019 أنفق المزارع “يحيى عبد الرحمن” 8 مليون ريال (7100) دولار لشراء السماد الكيماوي من أجل استخدامه في مزرعته المتخصصة في إنتاج الطماطم في منطقة الضباب، 15 كيلو متر غربي مدينة تعز.

يقول يحيى ممتعضاً إنّ المبلغ الذي أنفقه لشراء السماد الكيماوي في ذلك العام كبير مقارنةً بالعائد الذي تحصّل عليه لقاء بيع إنتاج المزرعة في الأسواق، ناهيك عن ملاحظته موت بعض نباتات المزرعة وزيادة ملوحة التربة بعد فترة قصيرة من استخدام السماد الكيماوي.

تسبّبت الحرب التي اندلعت في البلد قبل 8 سنوات في ارتفاع أسعار الأسمدة الكيماوية والعضوية المستوردة، ومما زاد الطين بِلّة قيام التحالف الذي تقوده السعودية في العام 2018 بحظر دخول أصناف عديدة من الأسمدة الى اليمن الأمر الذي أدى إلى ظهور العديد من الأسمدة الكيماوية المهربة في الاسواق. 

يُنفق الكثير من المزارعين اليمنيين أموالاً طائلة سنوياً لشراء السماد الكيماوي، و تشير البيانات الصادرة عن وزارة الزراعة والري في صنعاء الى أنّ كمية الأسمدة الكيماوية المستوردة عام 2021 بلغت(1.124.843) لتر أسمدة سائلة، و(65.930) طن أسمدة صلبة. [1]

وينجم عن استخدام المزارعين للسماد الكيماوي الكثير من المخاطر للتربة والمزروعات خصوصاً إذا ما تم استخدامه بطريقة عشوائية ودون استشارة مرشد زراعي الأمر الذي يتسبب في تعرضهم لخسائر شبيهة بتلك التي حدثت مع “يحيى”.

السماد البلدي

بحسب بيانات وزارة الزراعة والري في صنعاء تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في اليمن (1,452,435) هكتار، وفي سبيل الاهتمام بالنشاط الزراعي وتعزيز قدرات العاملين فيه تقوم وزارة الزراعة والري والثروة السمكية في عدن وبعض المنظمات العاملة في البلاد مثل منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، ومنظمة “كير” العالمية، وبعض المنظمات المحلية الأخرى بتنفيذ برامج تدريبية لتطوير مهارات المزارعين في عدد من المحافظات.

كثيرون هم المزارعون الذين باتوا يتحولون الى انتاج السماد البلدي المتخمر واستخدامه في مزارعهم. وهم يتحصلون على التدريب اللازم من اجل اتقان ذلك وكان  “يحيى” احد الذين حضوا بفرصة تدريبية في هذا المجال. [2]

ياسين العبسي- مهندس زراعي وأخصائي إنتاج نباتي- درّب عدداً من المزارعين في محافظة تعز حول كيفية انتاج السماد البلدي المتخمر، يقول ياسين إنّ المزارع اليمني يستخدم السماد العضوي-مخلفات الحيوانات وبقايا أوراق النبات- منذ القدم لكن بطرق بدائية.

 يكمن الفرق هنا في أنّ “السماد البلدي المتخمر” طريقة حديثة في التسميد تعتمد على مزيج من المخلفات العضوية والحيوانية والنباتية وصخور رسوبية  يتم تجميعها ووضعها في حفرة بمقاييس معينة وفق آلية محددة مدة تتراوح بين 3 أشهر في فصل الصيف و 6 أشهر في الشتاء.

يضيف العبسي: “على عكس السماد الكيماوي الذي يتسبب في زيادة ملوحة التربة وتغيير خصوبتها وتكوين طبقة صماء تؤدي إلى موت النباتات فإنّ السماد البلدي المتخمر يعمل على تحسين خصوبة التربة ويزيد من قدرتها على الاحتفاظ بالمياه لفترة أطول، إضافة إلى إمداده للنباتات بالعناصر الغذائية والمعدنية التي تحتاج إليها، الى جانب حماية النباتات وزيادة الإنتاجية بما يعود بفوائد أكبر على المزارعين.

إقرأ أيضاً  اليمن في انتظار اتفاقية تقديم خدمة الإنترنت الفضائي

ويمتاز السماد البلدي المتخمر بحسب مرشدين ومهندسين زراعيين بإمكانية استخدامه من قِبل المزارعين في أي زمان ومكان.

تجارب ناجحة

 تفيد مجموعة البنك الدولي إنّ المزارعين في اليمن يشكّلون أكثر من نصف القوة العاملة في البلد، ويُعدّ “يحيى” أحد هؤلاء المزارعين، إذ يملك مزرعة تبلغ مساحتها (6,750) متراً مربعاً، وبعد تلقيه تدريباً لإنتاج السماد البلدي المتخمر بدأ “يحيى” باستخدامه مباشرةً في المزرعة.

 يتحدث “يحيى” حول كيفية إعداد هذا النوع من السماد قائلاً: “أقوم بحفر حفرة عمقها1,20 متر وقطر 2 متر، اضع في اسفلها طبقة بسمك 5 سم من عيدان الذرة، تليها طبقة من المخلفات الحيوانية ومخلفات محصول اللوبيا أو البرسيم أو الفول بسمك 35 سم، ثم طبقة من الرمل الناعم سمكها 3 سم، لتأتي بعدها الخطوة الرابعة المتمثلة في وضع الماء على هذه المكونات وغمرها بالكامل، ومن ثم الاستمرار بعمل هذه الخطوات الأربع حتى تمتلئ الحفرة بالكامل “. [3]

وينصح المرشدون الزراعيون بوضع أنابيب مثقوبة في زوايا الحفرة من أسفلها إلى أعلاها “أثناء ملئ الحفرة بالمكونات وذلك من أجل السماح بخروج الغازات أثناء فترة التخمر، اضافة الى اهالة كمية مناسبة من الرمل الناعم بعد امتلائها بالكامل والمداومة على غمرها بالماء مرة واحدة كل شهر”،.

منذ أن بدأ يحيى الاعتماد على السماد البلدي المتخمر لاحظ أنّ تكلفة إنتاج هذا السماد في العام الواحد تبلغ نحو مليون ريال فقط (900) $ وهو رقم ضئيل حد وصفه كونه يقل بـ7 اضعاف عما كان ينفقه في مرحلة استخدامه السماد الكيماوي.

يضيف يحيى:” الى جانب التوفير في الكلفة المالية لاحظت وجود تحسّن في خصوبة المزرعة، وزيادة في الانتاج بمقدار الضعف ترافقا مع استخدامي السماد المتخمر”.

موضحا: “بعد ان كانت المزرعة تنتج ألفي 2000 سلة من الطماطم كل 5 أشهر ارتفع انتاجها بعد استخدام السماد البلدي الى 4000 سلة من الطماطم ذي الجودة العالية خلال فترة مماثلة.

“صادق مُعجب” مزارع آخر أضحى يعتمد على السماد البلدي المتخمر في نشاطه الزراعي.

 يمتلك “صادق” مزرعة صغيرة في قريته بمديرية سامع محافظة تعز تبلغ مساحتها 90 مترا مربعا، يزرع “صادق” الطماطم والكوسا والباميا والخيار. يقول صادق: تلقيّت العام الماضي تدريباً لإنتاج السماد البلدي المتخمر ومنذ ذلك الوقت بدأت استخدامه في مزرعتي، ولاحظت ان تكاليف إنتاجه رخيصة، في حين يدر لي محصولا وفيرا، يفوق ما كنت اتحصل عليه عند استخدامي السماد الكيماوي.

تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي


 

 

 

مقالات مشابهة