المشاهد نت

منع المعاملات الربوية في اليمن.. حكمة أم نقمة؟

صنعاء-فاطمة العنسي

تستمر أطراف الصراع في اليمن باتخاذ عدد من القرارات التي تزيد من التدهور الاقتصادي، وتضيف أعباء جديدة على الملايين من المواطنين.

تشجيع الاستثمار، والحفاظ على استقرار السوق المصرفي والعملة الوطنية لا تبدو أهدافاَ جوهرية لهم، بل يسعون بلا كلل لفرض الإجراءات التي تضمن لهم المزيد من الإيرادات والسيطرة على جميع مصادر الدخل.

وافق برلمان حكومة صنعاء، في 21 مارس /آذار، على تمرير قانون منع التعاملات الربوية للبنوك في مناطق سيطرتها، وترى حكومة الحوثيين في صنعاء أن هكذا قانونًا يحفظ حقوق ومصالح المودعين والمستثمرين والبنوك. لكن اقتصاديين يمنيين يرون أن هذه الخطوة ليست في صالح الاقتصاد اليمني، ولا يمكن لها أن تسهم في تحسين الوضع المعيشي المتردي للملايين من اليمنيين.

يقول المختص المصرفي سليمان الخضيري إن هذا القانون سيؤثر على عمل البنوك التجارية والإسلامية، حيث سيسحب العملاء ودائعهم المالية، نظرًا لعدم وجود أية فوائد أو أرباح، وسيتقلص دور البنوك في عملية التنمية الاقتصادية، لاسيما في ما يتعلق بالتمويلات الصغيرة أو القروض، وستقل العمالة في البنوك، الأمر الذي سيزيد من البطالة وتردي أحوال العاملين في المجال المصرفي.

ويضيف الخضيري لـ”المشاهد” أن البنوك لن تقبل التحول إلى مجرد مخازن للأمانات فقط، دون الحصول على أرباح على عمليات التمويل، أو دون منح أرباح للمودعين، كون أموالهم يتم تشغليها في أنشطة مختلفة.

بعد تنفيذ قانون منع التعاملات الربوية، سيطالب العملاء المودعون بسحب كافة أرصدتهم السابقة واللاحقة في الوقت الذي لا تستطيع البنوك دفع أرصدة العملاء السابقين لعدم قدرة البنك المركزي في صنعاء وعدن على تغذية البنوك بأرصدة العملاء، بحسب الخضيري.

تعاني البنوك اليمنية من مشكلات عدة مثل وجود سياستين نقديتين شمالًا وجنوبًا، وصعوبة استلام عمليات التحويل بالدولار من الخارج، وإجراءات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التي اتخذتها الخزانة الامريكية.

هذه المشكلات، بحسب الخضيري، أسهمت في عزوف التجار عن التعامل مع البنوك وسحب أرصدتهم، الأمر الذي تسبب في تراجع نشاط البنوك. يعتقد الخضيري أن قرار منع التعاملات الربوية سيكون مثل “صب الزيت على النار”.

إقرأ أيضاً  «ليندركينغ» يناقش تأثير هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر

بالرغم من وجود فروع عدة للبنوك اليمنية في الشمال والجنوب، إلا أن أغلب الإدارات العامة الرئيسية للبنوك متواجدة في صنعاء، وتخضع لسياسات البنك المركزي هناك.

منذ اندلاع الحرب عام 2015، انخفض الريال اليمني بنسبة تزيد على 300%، حيث كان سعر الصرف مستقرًا عند 214 ريالًا أمام الدولار في أواخر العام 2014، وقد تواصل العملة اليمنية انهيارها في حال استمر الصراع السياسي والعسكري في ظل غياب حلول جذرية.

ضرر على البنوك

<strong>منع المعاملات الربوية في اليمن.. حكمة أم نقمة؟</strong>
توقف البنك المركزي في صنعاء منذ 2019 عن دفع أي فوائد للبنوك مقابل استثمارتها

من جهته، يؤيد الباحث الاقتصادي بصنعاء رشيد الحداد، ما قاله الخضيري، معتقدًا أن قانون منع التعاملات الربوية سيلحق الضرر الكبير بالبنوك والمصارف، لاسيما وأن هناك 1.7 تريليون ريال استثمارات بنكية في أذون الخزانة، وقد توقف البنك المركزي في صنعاء منذ أواخر 2019، عن تسليم أية فوائد للبنوك مقابل استثماراتها.

ويقول الحداد لـ”المشاهد”: “أذون الخزانة تهدف إلى حشد الأموال الفائضة في السوق واستخدامها في تنفيذ مشاريع تنموية أو لتمويل الجانب الاستثماري في الموازنة العامة للدولة، وهو استثمار لا يندرج في إطار الربا، لأن المال يُستخدم في تمويل مشاريع تنموية وخدمية في المجتمع”.

خلال السنوات الماضية، لم يتم استخدام أذون الخزانة لتمويل دفع مرتبات الموظفين، مما تسبب في تراكم الدين الخارجي الذي بلغ في أواخر عام 2016، نحو 4.7 تريليون ريال، وارتفع إلى نحو 10 تريليونات ريال مؤخرًا، بحسب الخبير الاقتصادي.

يرى الحداد أن حل هذه المشكلة لن يكون بنسف فوائد البنوك بأثر رجعي، بل بتصحيح مسار أذونات الخزانة وعدم استخدامها في تمويل عجز الموازنة الحكومية، والتوجه إلى استخدام أدوات مناسبة من الصكوك الإسلامية.

في فبراير الماضي، حذّر فريق خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، من مخاطر تمرير قانون منع التعاملات الربوية، لأن نتائجه ستنعكس سلبًا على الاقتصاد الهش، وستعزز حالة الانقسام السائدة في القطاع المصرفي والمالي في اليمن، وستعمق المجاعة والأزمة الإنسانية في البلاد.

يحذّر الخضيري قائلًا: “تنفيذ القرار المتعلق بمنع التعاملات الربوية سيؤدي إلى إغلاق وتعليق البنوك لأنشطتها المالية والمصرفية، وهذا إجمالًا سيفاقم الوضع الاقتصادي للبلاد، وسيزيد معيشة المواطن سوءًا”.

مقالات مشابهة