المشاهد نت

بهائيواليمن … ضحايا الاضطهاد الديني الممنهج

اضطهاد طائفة البهائية في اليمن

صنعاء-أسامة عفيف

أعادت حادثة مداهمة مجاميع مسلحة تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) تجمعًا للبهائيين، في العاصمة صنعاء أواخر مايو/أيار الماضي واعتقال 17 شخصا بينهم خمس نساء، تسليط الضوء على “الاضطهاد” الذي مورس بحق الأقليات الدينية وطال حريات أتباعها خلال سنوات الحرب الثمان الدائرة في البلاد منذ أواخر 2015.

ولطالما بقيت الديانة البهائية لسنوات بعيدة عن الأنظار ولم يكن لها وجود معروف بين اليمنيين. ولكن، مع تزايد الاضطهاد والقمع الذي تعرض له أتباعها خلال العقد الماضي، أصبحت هذه الديانة أكثر وضوحًا.

وبحسب الموقع الإلكتروني “البهائيون في اليمن“، فإن تواجد هذه الطائفة في اليمن ليس حديثًا، بل يرجع إلى عشرات السنوات، توزع أتباع هذه الأقلية على العديد من المدن والقرى اليمنية كعدن والمكلا وصنعاء وتعز والحديدة وإب وسقطرى ولحج.

منذ سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على صنعاء عام 2014، تعرض بهائيو اليمن “لاضطهاد جماعي ممنهج وصل إلى مقدمة للإبادة الجماعية لمكون ديني سلمي”، شمل إصدار أحكام بالإعدام، ومصادرة الممتلكات والأموال الخاصة، فضلاً عن الاعتقالات التعسفية والتعذيب، مع حرمان البهائيين من أبسط حقوق الإنسان، ونفيهم، وإجبارهم على النزوح قسراً، بتهمة “الإيمان بالبهائية”.

استهداف المعتقد

بعد سنوات من المعاناة عاشها نادر السقاف، عضو مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن، وجد نفسه مجبرا على مغادرة وطنه، في هجرة قسرية إلى المنفى، بسبب “تهم مفبركة” طالته هو وزوجته كاد أن يصدر حكم الإعدام بحقهما، بسبب انتمائهما للديانة البهائية.

سلسلة طويلة من المعاناة عاشها السقاف، حيث بدأت في مارس/ آذار من العام 2015، حينما حضر مع أحد أصدقائه إلى جلسة محاكمة البهائي حامد حيدرة، بالمحكمة الجزائية المتخصصة، في العاصمة صنعاء، وتم اختطافه مع صديقه من داخل المحكمة، بعد التحقق من قائمة الحاضرين، كانت التهمة أنهم بهائيين.

احتُجز السقاف وصديقه في زنزانة حبس انفرادي بجهاز الأمن السياسي لمدة ثلاثة أيام، وجرى استجوابهم طوال مدة السجن، بحسب السقاف الذي يشير إلى أن التحقيقات ركزت على معلومات عن الدين البهائي وأعضاء المؤسسات البهائية في اليمن. لم يطلق سراح الرجلين إلا “بعد ضغوط محلية ودولية”.

مرة أخرى تعرض السقاف و60 آخرين من البهائيين للاعتقال من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) في أغسطس/آب 2016، وهذه المرة “بتهمة تنظيم مؤتمر شبابي يدعو إلى السلام والتعايش وقبول الآخر، في وقت أرادوا فيه حشد الشباب للذهاب إلى جبهات القتال”، كما يقول.

يضيف: “أنا ومعي بقية المعتقلين، تم إجبارنا على تقديم ضمانات وكتابة تعهدات، بعدم الانخراط في أي أنشطة إنسانية وثقافية، مقابل الإفراج عنهم”.

يصف السقاف ما يتعرض له البهائيون بـ”الإبادة الصامتة التي تستهدف هويتهم ومعتقدهم وحياتهم اليومية”، في إشارة للانتهاكات المتتالية التي تمارس ضد البهائيين لإجبارهم على ترك معتقدهم وإخفاء هويتهم.

إقرأ أيضاً  دور النساء في تحسين جودة الدراما اليمنية

اضطهاد

خلال الفترة من أبريل/ نيسان إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2017 تعرض البهائيين للاضطهاد الممنهج من طرف الأمن القومي التابع للحوثيين، وذلك بإصدار أمر بالقبض على العديد منهم، بحسب السقاف الذي يؤكد قائلًا: “لقد كان اسمي من بينهم مرة أخرى”.

منذ ذلك الحين، خضع 25 بهائيًا لـ”محاكمات غير عادلة”؛ فيما تعرض 71 آخرين بينهم ستة أطفال و20 امرأة للاعتقال من قبل الحوثيين ونُهبت تسعة منازل ومؤسسات مملوكة للبهائيين، بحسب تقرير للمركز الأمريكي للعدالة.

ووجهت لهم تُهم “التجسس لصالح دول أجنبية” و”نشر الديانة البهائية في البلاد وتحريض اليمنيين على اعتناقها“.

الكاتب الصحفي طالب الحسني، يقول إنه “لا يتم سجن البهائيين وملاحقتهم بسبب معتقداتهم الدينية، ولكن بسبب ارتباطاتهم الخارجية”.

يضيف الحسني المقرب من الحوثيين: “البهائيين فضّلوا الخروج من اليمن ولم يجبرهم أحد على الهروب وهم يؤيدون العدو الإسرائيلي”.

يشير “كان هناك سجناء من البهائيين قبل 2014، وبعدها تم تخيير البهائيين بالبقاء في اليمن كمواطنين عاديين أو أن يغادروا خارج الوطن”.

تحريض علني

في أوقات مختلفة، تظاهر الحوثيون بالاستجابة للضغوط الدولية والمحلية، وفي آذار/ مارس 2020 أصدروا قرارًا بالعفو عن 24 بهائيًا وإطلاق سراحهم بشرط نفيهم خارج البلاد. ومع ذلك لم تسقط التهم المُوّجهة إليهم.

تفسر خطابات دينية للحوثيين تتضمن تحريض وكراهية ضد الأقليات في البلاد، أسباب القمع الذي يتعرض له البهائيين.

ففي مارس/آذار 2021، حذر عبدالملك الحوثي، زعيم جماعة الحوثي، في خطاب متلفز، مما وصفه بـ”نشاط” الحركة البهائية التي قال إنها “تحرك شيطاني” جديد يتغلغل بين أبناء اليمن ويسعى للطعن بالإسلام على حد تعبيره.

وفي 2 يونيو 2023، شن المفتي العام الحوثي، في صنعاء خلال خطبة الجمعة، هجومًا كلاميًا عنيفًا على البهائيين في اليمن؛ حيث ادّعى أن البهائية مدعومة من قوى أجنبية، واتهمها بالتآمر لإلحاق الأذى بالبلاد. كما وصف المفتي البهائيين بأنهم “خطرون”.

وحول هذا الأمر، يرى الصحفي اليمني المهتم بالأقليات، عبد الرزاق العزعزي، أن “جماعة الحوثي ترى وجود البهائيين تهديدا مباشرا لهم، لأن البهائيين يعتبرون جميع البشر إخوة في الإنسانية مهما اختلفت دياناتهم، بينما الحوثيون لديهم تمييز عنصري قائم على العرق واللون والنسب”.

يشير إلى أن “الاعتداءات التي تطال البهائيين هي اعتداءات ناتجة عن دوافع سياسية وليست عن دوافع دينية”، في إشارة لخشية الحوثيين من وجود أي جماعات على الساحة قد تقاسمهم السلطة أو التأثير على الناس.

أنتجت هذه المادة ضمن مشروع “تقاطعاتالذي تنفذه مؤسسة نسيج للإعلام الاجتماعي بدعم من مركز الحوار العالمي (كايسيد).

مقالات مشابهة