المشاهد نت

في ذكرى ثورة أكتوبر… دعوات لتحرير جنوب اليمن

دعوات لتحرير جتوب اليمن من التحالف العربي بعد 9 سنوات من الفشل الأمني والإقتصادي-الصورة نقلا عن رويترز

عدن – نبيل شايع

ظل المستعمر البريطاني جاثمًا على أرض جنوب اليمن 128 عامًا، مارس فيه أبشع صنوف التعذيب النفسي والجسدي بحق أبناء الأرض هناك. لكنه لم  يستطع أن يكسر الإرادة الجمعية لليمنيين بتحرير بلادهم في الـ14 من أكتوبر 1963.

اليوم، وبعد مرور ستين عامًا على اندلاع ثورة أكتوبر، ثمة من يرى أن المشهد يتكرر، إذ يتم اتهام التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، بأنه تحالف للاحتلال، وليس لمساندة الحكومة اليمنية، بالرغم من دور التحالف في تحرير مدينة عدن من مسلحي جماعة الحوثي في يوليو/ تمّوز العام 2015.

البعض يرى أن ممارسات الدولتين أشبه بالاحتلال، ولكن بشكل جديد. ولهذا ترتفع اليوم في الجنوب الأصوات المطالبة باستعادة السيادة اليمنية على الأرض والقرار.

خلال تسعة أعوام منذ إعلان الحملة العسكرية المساندة للحكومة تحت مسمى عاصفة الحزم، ومن ثم تحرير مدينة عدن من مسلحي جماعة الحوثي، لم تشهد المحافظات الجنوبية أي استقرار سواءً في الأمن أو الاقتصاد أو السياسة.

يظهر وضع الناس هناك متعبًا بسبب فشل السلطات الحاكمة في إدارة شؤون الدولة، إذ ازدادت مؤشرات الفقر ومعدلات البطالة. تزامن ذلك مع انتشار الجرائم المنظمة كاغتيالات خطباء المساجد والشخصيات السياسية والأمنية والمؤثرة مجتمعيًا، وبدلًا من أن تكون عدن بوابة الجنوب اليمني، نموذجًا للمدينة التي من المفترض أن تكون عاصمة للجمهورية اليمنية المعترف بها محليًا ودوليًا، أصبحت عدن ساحة لتصفية الحسابات السياسية بين فرقاء النزاع الإقليمي على اليمن.

تحويل عدن قرية

يقول المحلل السياسي عادل الشجاع، في حديث لـ”المشاهد”: لقد حولت الإمارات العاصمة المؤقتة عدن إلى قرية بائسة يسودها الفقر وتنعدم فيها الكهرباء وتعبث بها المليشيات المسلحة”.

يتحدث الشجاع بأن الإمارات كان بإمكانها لو أرادت المصلحة لعدن، أن تحولها إلى زهرة المدائن، أو تجعلها شبيهة بدبي، لكنها حولتها إلى مدينة أشباح، وإلى عاصمة الفقر والظلام”.

ويقول: “لقد كشفت الإمارات عن وجهها الحقيقي وسياساتها تجاه الجنوب في انقلاب ٢٠١٨، ذلك الانقلاب الذي أفقد عدن دورها كعاصمة مؤقتة لكل اليمنيين، وحولتها إلى عاصمة للعصابات المسلحة والحقد والكراهية المناطقية ليس ضد الشماليين فحسب، بل ضد الجنوبيين أنفسهم”.

“فقد أفصحت الإمارات عن دعمها للحس المناطقي، وأنهت العلاج بالمسكنات التي اعتمدها تحالف دعم الشرعية منذ ٢٠١٥، ودفعت بعدن إلى واحدة من أسوأ الكوارث الاقتصادية، وتركتها دون مرجعية قانونية تنظم الخلافات، وجعلتها تعيش حرب الجميع ضد الجميع، ولن ينقذ عدن سوى انتظام كل مرجعيات الحراك الجنوبي في الائتلاف الوطني الجنوبي، واستعادة عدن لدورها التاريخي القائم على الاستقلال الوطني” يضيف الشجاع.

زخم 14 أكتوبر

“قتل السياسيون في عدن الإحساس والزخم تجاهها الذكرى الـ60 لثورة الـ14 من أكتوبر، في نفوس الناس، كما يقول أحمد باشاجه، القيادي الستيني في تجمع أبناء عدن.

 ويضيف باشاجه لـ”المشاهد”: “للأسف يمكننا القول إن جهات خارجية لا ترغب في أن يحتفي الجنوبيون بذكرى ثورتهم، ورغم ذلك ستظل الثورة الأكتوبرية في قلوب الجنوبيين حتى يأتي من يعيد مجدها الغابر”.

ليست عدن فقط من تعاني، بل إن لحج والضالع وأبين وشبوة جميع تلك المحافظات تئن من وجع سياسات التشرذم والتفرقة والمناطقية منذ السيطرة الكاملة للمجلس الانتقالي الجنوبي عليها.

وفي صدد ذلك، يرى جمال الخضر،  الإعلامي في تلفزيون عدن، “أن المجلس الانتقالي بتشكيلاته المناطقية الإقصائية الحالية غير مؤهل أن يتسلم دولة حدودها من المهرة وحتى باب المندب بتعدد محافظاتها بمختلف سكانها،  ومساحتها الشاسعة و بثرواتها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي”.

إقرأ أيضاً  دور النساء في تحسين جودة الدراما اليمنية

يوافقه في الرأي وزير النقل السابق، صالح الجبواني، إذ يرى “أن  الإمارات وأدواتها لا تتواجد في مكان إلا ونشرت فيه الخوف والذعر والخراب والقتل، وهذا سلوك يقصر عمر وجودهم، وليس كما يعتقدون أن إخضاع الناس بالقوة والفوضى يمكنهم من الاستمرار”.

ويقول الجبواني في تعليقه على الفوضى التي تعاني منها محافظة شبوة، بعد أن شهدت معارك مسلحة متفاوتة بين القوات الحكومية وقوات تابعة للانتقالي الجنوبي: “شبوة تحت احتلال أدوات الإمارات، وهم بالمناسبة فاشلون من ناحية كفاءتهم، ومن الناحية الأخرى هناك تعمد من هذه القوات بدفع شبوة نحو الفوضى الشاملة والتردي في كل المجالات، ظنًا منهم أنهم ينتقمون من شبوة التي يعتقدون أن لهم ثأرًا معها حينما كانت النموذج للأمن والأمان على مستوى البلاد كلها”.

إشعال الفوضى

في حضرموت تجري محاولات بين الفينة والأخرى لنشر الفوضى وتكدير السلم المجتمعي هناك. آخر تلك المحاولات قبل يومين، إذ دفع  المجلس الانتقالي الجنوبي بـ50 عنصرًا من مقاتليه إلى وادي حضرموت، في سياق التحشيدات العسكرية التي تجري تدريجيًا، بهدف الاشتباك مع قوات المنطقة العسكرية الأولى المدعومة سعوديًا، والتي تتهمها قوات الانتقالي بأنها تتبع حزب الإصلاح وتنتمي لمحافظات شمالية.

في حديثه لـ”المشاهد”، يشير الناشط السياسي عبدالله باراس إلى أن التحالف مصمم على أن ينفجر الوضع في حضرموت عسكريًا على الرغم من جهود التهدئة التي يتبعها الحضارم في إدارة شؤونهم الخاصة”.

ويقول باراس: “لن ينسى الحضارم اعتداءات الإماراتيين وأدواتهم المحليين على جنود النخبة ولا الإقفال التعسفي لمطار الريان، ولا انتهاك الحرمات واقتحام البيوت في الساعات المتأخرة من الليل، كلها انتهاكات مسجلة”.

كيانات مناوئة للتحالف

بسبب الانتهاكات التي مارستها السعودية والإمارات في الجنوب، برزت حركات وكيانات وتجمعات مطالبة بالسيادة الوطنية، وترفض في ذات الوقت أن يكون لجماعة الحوثي أي دور لحكم الجنوب.

تنشط تلك الكيانات على الأرض، وأصبح لها حضور في الميادين المحلية وفي المحافل الدولية، أبرزها: الحركة المدنية الديمقراطية، الائتلاف الوطني الجنوبي، تجمع القوى المدنية الجنوبية، تجمع أبناء عدن، تيار المستقلين الجنوبيين، هيئة عدن للنضال السلمي، اللجنة التحضيرية للتجمع العدني.

وفي الوقت ذاته، ترفض قيادات وناشطون مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي أن يوصف التواجد السعودي الإماراتي في الجنوب بالاحتلال. وتزامن مع الاحتفال بالذكرى الستين لثورة الـ14 من أكتوبر حملة إعلامية لأنصار الانتقالي، أشاروا فيها إلى أنه من الأفضل أن يتم تذكير الناس بالانتهاكات التي مارسها الشماليون في الجنوب.

يقول عوض البيهشي، الناشط في المجلس الانتقالي الجنوبي، خلال مقابلة معه على قناة “عدن المستقلة”: “على أجيال الجنوب الاستفادة من ثورة أكتوبر في انتفاضتهم ضد الاحتلال اليمني”.

ويقول يوسف الثابتي، الناطق الإعلامي باسم اللواء 14 صاعقة جنوب: “في الذكرى الـ60 لشرارة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، والتي انطلقت من جبال ردفان الشماء ضد الاستعمار البريطاني، نجدد احتفالنا الـ60 لأول شرارة انطلقت ضد الاستعمار البريطاني، ونحشد الهمم للتحرر من الاحتلال اليمني الغاشم”.

وبين كل هذا السجال، فإن الكثير من اليمنيين شمالًا وجنوبًا يرون أن  ثورة الـ14 من أكتوبر الخالدة ستبقى مصدر إلهام لكل اليمنيين للتحرر من الاستعمار البغيض، وإقامة نظام وطني على أسس ثورية سليمة يغير الواقع المتخلف إلى واقع اجتماعي عادل ومتطور.

مقالات مشابهة