المشاهد نت

مبادرة نسائية لمكافحة الابتزاز الإلكتروني

الابتزاز الالكتروني - صورة تعبيرية

تعز – غدير الحاجبي :

خلال السنوات الأخيرة تنامت جرائم الابتزاز الإلكتروني في اليمن بشكل لافت وأصبحت أخبار ضحاياه تزاحم أخبار الحرب التي ساهمت في زيادة هذه الظاهرة التي راح ضحيتها عشرات الفتيات الأمر الذي أدى إلى بروز جهود فردية للتخفيف من ذلك.

أمة الله عبدالله غالب (28 عامًا)، ناشطة مجتمعية وحقوقية يمنية، أخذت على عاتقها مساعدة ضحايا الابتزاز الالكتروني فأطلقت في أبريل/نيسان من العام 2020، مبادرة أسمتها “For Her” بمشاركة خمس إناث وثلاثة ذكور.

بدأت هذه الشابة الحاصلة على القبالة القانونية، نشاطها النسوي من خلال الاستشارات والدعم النفسي للنساء من المنزل، وتطوعت لاحقًا لإدارة فرع اتحاد نساء اليمن في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز.

تقول إنه “بسبب العادات والتقاليد واستمرار الحرب وتفاقم آثارها خصوصا على النساء والفتيات في الريف؛ جاءت المبادرة من اجل مناصرتهن، وحمايتهن من الجرائم الإلكترونية”.

ما دفع أمة الله للقيام بهذه المبادرة هو معايشتها لقصص فتيات تعرضن للابتزاز ولم تكن لديهن الجرأة على الكشف عنه بسبب خوفهن من ردود فعل أسرهن والمجتمع.

وتقدّم المبادرة حلولًا للتخفيف من ظاهرة الابتزاز الالكتروني من خلال تشجيع الضحايا على التقدم ببلاغات وإحالة البلاغ إلى متخصصين بالحماية الرقمية لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

وتبين أمة الله أن الضحية تتواصل معها مباشرة للتعريف بقضيتها وتقوم المبادرة بدورها بتطمينها وتقديم النصائح الرقمية لحمايتها من المبتز.

“تلقت المبادرة منذ تأسيسها ما يزيد عن 60 شكوى تفيد بتعرض الفتيات للابتزاز”، تضيف أمة، لافتة إلى أن المتوسط الشهري للبلاغات “ثلاث حالات” ضمن إطار عمل المبادرة لمحافظات “تعز، عدن والحديدة”.

في خط موازٍ تنشط المبادرة في الجانب التوعوي حول الابتزاز الالكتروني والحماية الرقمية بالإضافة إلى المطالبة بتفعيل المادة “313” من قانون الجرائم والعقوبات اليمني.

تنص المادة “313” المخصصة للابتزاز دون تحديد نوعه، على: “يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات أو بالغرامة كل من يبعث قصدًا في نفس شخص الخوف من الإضرار به أو بأي شخص آخر يهمه أمره ويحمله بذلك وبسوء قصد على أن يسلمه أو يسلم أي شخص آخر أي مال أو سند قانوني أو أي شيء يوقع عليه بإمضاء أو ختم يمكن تحويله إلى سند قانوني”.

تقول أمه إن “أكثر من أربعة آلاف امرأة وفتاة استفدن من الورش والحملات الميدانية التوعوية في الحماية الرقمية فضلًا عن الحملات التي نفذتها المبادرة عبر منصات التواصل الاجتماعي”.

قصص ابتزاز

في إحدى صباحات أيام شهر مارس الماضي استيقظت سلوى (اسم مستعار) على صوت إشعارات متكررة في الهاتف. كانت تلك رسائل تصلها عبر تطبيق ماسنجر فيسبوك، عندما فتحت الرسائل كانت الصدمة: شخص يهدد بنشر خصوصياتها.

إقرأ أيضاً  الإفراج عن مبيدات سامة في صنعاء

“فوجئت بشخص مجهول لم أعرفه ولم يكن ضمن قائمة أصدقائي في فيسبوك اخترق محادثاتي في الماسنجر وهددني بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وطلب مني أن أرسل له برقمي لنتحدث في الأمر”، تقول الفتاة ذات الثمان وعشرون عامًا.

المحادثة التي هدد المُبتز بنشرها كانت بين الفتاة وأحد أقاربها. ولم تكشف الفتاة عن طبيعة وتفاصيل المحادثة لأسباب تحفظت عن ذكرها.

ما حدث معها كان له تداعيات نفسية إذ تقول “شعرت بخوف شديد وعدم السيطرة على نفسي وعدم المقدرة على التفكير”.

في الغالب تكون حوادث ابتزاز الفتيات عبر اختراق الموبايلات أو تعرضها للسرقة، والعلاقات العاطفية، والتقاط الصور أثناء صيانة الموبايلات

تنامي ظاهرة الابتزاز الالكتروني يرجع إلى غياب القوانين الخاصة بشأن مكافحة الجريمة الإلكترونية وزيادة انتشار الأمية الرقمية ما يُعرض الضحية لسوء استخدام مواقع التواصل وسحب أكبر قدر من المعلومات الشخصية والتي يستخدمها المبتز ضدها في نهاية المطاف، وفق تقرير لمنظمة سام للحقوق والحريات.

وفي الغالب تكون حوادث ابتزاز الفتيات عبر اختراق الموبايلات أو تعرضها للسرقة، والعلاقات العاطفية، والتقاط الصور أثناء صيانة الموبايلات. كما حدث مع العشرينية فاطمة (اسم مستعار) التي تلقت اتصالات من أرقام مجهولة بنشر خصوصياتها بعد تعرض تطبيق المراسلة واتساب في هاتفها للاختراق.

تقول “كانت الأرقام المجهولة تهددني بنشر خصوصياتي وتتصل بي باستمرار عبر الواتساب وعندما رفضت التجاوب معهم قاموا بتوزيع رقمي وإضافتي إلى مجموعات تتضمن محتوى إباحي”.

الخروج من المشكلة

وفي  ظل خوف الفتاتين سلوى وفاطمة من ردة فعل أهاليهم، لجأن إلى مبادرة For Her التي تترأسها أمة الله للخروج من هذه المشكلة.

تقول سلوى إن المختصين الرقمين في المبادرة “كشفوا عن هوية الشخص الذي حاول ابتزازها وتبين أنه له سوابق وتم إيقاف صفحته على الفيسبوك”

منذ حادثة تعرضها للابتزاز باتت سلوى تهتم بمتابعة النصائح والارشادات بالأمن الرقمي وتحرص أيضًا على حضور الندوات التوعوية بالحماية الرقمية التي تنفذها المبادرة.

أما فاطمة فقد أصبحت حذرة في التعامل مع وسائل التواصل بعد أن حصلت على التعليمات الرقمية لحماية هاتفها من التعرض للاختراق مرة أخرى من “خلال التحقق بخطوتين وعدم الضغط على أي رابط والتحقق من الروابط عبر مواقع خاصة بذلك” حسب قولها.

وفي ظل استمرار غياب دور الجهات الرسمية تجاه الجرائم الالكترونية تبقى الجهود الفردية لمحاربة هذه الظاهرة حلًا مؤقتًا الأمر الذي يستدعي “تفعيل وحدة خاصة بجرائم الابتزاز الالكتروني في البحث الجنائي والنيابة العامة وتدريب اعضاء الوحدة تدريبا خاصا بهذا الجانب”، بحسب المحامي والحقوقي صلاح أحمد غالب.

ويقترح غالب لمعالجة جرائم الابتزاز “عمل تشريعات مستقبليه تحد من ظاهرة الابتزاز والجرائم الإلكترونية والتكنولوجية بشكل عام”.

تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

مقالات مشابهة