المشاهد نت

آثار اليمن… خبايا وطرق التهريب

تهريب وبيع الآثار اليمنية في الخارج

تعز – فهمي عبدالقابض:

شهدت الآونة الأخيرة عرض وبيع عدد من الآثار اليمنية في مزادات عالمية في عدد من الدول الخارجية.

وبحسب خبير الآثار اليمني عبدالله محسن، في سلسلة منشورات في صفحته على “فيسبوك”، فقد تم عرض تمثال رأس فاتنة قتبان في بريطانيا للبيع، وتمثال آخر في الكويت، بالإضافة للوحة جنائزية لأول ملوك معين “اليفع وقه”، وبيعت في باريس خلال فترة سابقة، والعديد من القطع التي عرضت للبيع في إسرائيل وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا.

مسؤول البرامج والمشاريع بمركز الهدهد لدراسات الآثار، ومقره صنعاء، عبدالله موسى،  كشف لـ”المشاهد” أن اليمن قبل الحرب أعارت إيطاليا بعض القطع الأثرية اليمنية التي وصفها بالثمينة، ولم يتم إعادتها حتى اليوم، مستغربًا من صمت الجهات المسؤولة عن هذا الأمر.

وأضاف موسى أن المسؤولين المعنيين في صنعاء وعدن،  ليس لهم موقف، ويتجاهلون  تهريب وبيع الآثار اليمنية.

في الفترة الماضية عرضت تحفة يمنية قديمة في معرض ديفيد آرون البريطاني للآثار. وبحسب المعرض تبين أن “رأس فاتنة قتبان” المعروضة للبيع يمنية.

الخارج يتكلم والداخل يغض الطرف

في السياق ذاته، أكد نائب رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف في الحكومة، سالم العامري، في حديثه لـ”المشاهد”، أن أي آثار خرجت على سبيل الإعارة لأي متحف أو مكان، هي موثقة، وعليها تأمين خاص.

وأضاف أن هذه القطع الأثرية  إن كانت خرجت قبل الحرب  سوف يتم استعادتها في الوقت المناسب عندما تستقر الأمور، حسب تعبيره.

وأوضح أن خروج أية قطعة أثرية لا يتم إلا بالتنسيق والاتفاق، والتأمين عليها، ليتم استعادتها.

وحسب العامري، فإن القطع الأثرية التي تباع في الخارج تمر  عبر الموانئ دون معرفة ماهيتها، حسب تعبيره.

العامري قال إن اليمن تواجه مشكلة أنه عندما يتم إبلاغ الهيئة العامة للآثار بالقطع المسروقة والمهربة، فإنه “يتطلب معلومات إثبات، مثل هذه المعلومات غير منطقية، كونها ذات طابع يمني.

وأكد العامري أن الهيئة العامة للآثار بصدد إنشاء إدارة عامة معنية برصد ومتابعة القطع الأثرية المعروضة في الخارج، والموضوع يحتاج تكاتف الجميع.

وخلال العام الجاري، أشار العامري إلى أنه في 2023 استعادت حكومة الشرعية 77 قطعة أثرية من الولايات المتحدة، كما استعادت 4 قطع أخرى من بريطانيا، وعجزت عن استعادة الكثير، بحسب تعبيره.

كيف عبرت آثار اليمن الحدود؟

وثق تقرير استقصائي نشر في نوفمبر العام الماضي، عن مركز الهدهد للدراسات الأثرية، ومقره صنعاء، 4265 قطعة أثرية يمنية مهربة عرضت في المزادات العالمية خلال الفترة 1991 إلى 2022، منها 2610 قطع هربت منذ بدء الحرب عام 2015.

وفي السياق ذاته، قال مدير عام فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف في تعز الواقعة تحت سيطرة الحكومة، محبوب الجرادي، في حديثه لـ”المشاهد”، أن “تهريب وبيع القطع الأثرية اليمنية بالمزادات العلنية في الخارج بدأت منذ أكثر من عشرين عامًا.

ولفت الجرادي إلى أن عملية تهريب الآثار زادت خلال فترة الحرب، حد تعبيره.

وعزا ذلك لأسباب عدة، منها الحرب، واستغلال البعض عدم وجود حماية للمواقع الأثرية والمتاحف بنهب الكثير من القطع الأثرية من المتحف والنبش والحفريات العشوائية التي تتم في أغلب مناطق واستخراج قطع أثرية وتهريبها وبيعها مشيرا إلى أن عدم وجود رقابة  بشكل دقيق في المنافذ، سهل تهريب الآثار للخارج. .

إقرأ أيضاً  ضحايا الابتزاز الإلكتروني من الفتيات

حقائب دبلوماسية للتهريب

أحمد جسار، نائب مدير عام هيئة الآثار في تعز الواقعة تحت سيطرة الحكومة، كان له توضيح مختلف في حديثه لـ”المشاهد”، أن هناك الكثير من الآثار اليمنية كانت تهدى للسفارات والزعماء بشكل واضح وعلني، في السابق.

عبدالله موسى :تهريب الآثار اليمنية من العام 90 في القرن الماضي متواصل و يتم عبر البعثات الدبلوماسية والمنقبين والمستكشفين الأجانب

وأضاف أن بعض هذه الآثار  يتم خروجها عبر مافيا وعصابات وتجار لصوص يستغلون الظروف الراهنة فيقةمون بالنبش العشوائي للمواقع الأثرية ثم إخراجها عبر حقائب دبلوماسية من المنافذ مؤكدا بأن الآثار تهرب عبر الدبلوماسيين .

وهو نفس ماذكره مسؤول البرامج والمشاريع بمركز الهدهد لدراسات الآثار عبدالله موسى، الذي أكد أن تهريب الآثار اليمنية من العام 90 في القرن الماضي متواصل و يتم عبر البعثات الدبلوماسية والمنقبين والمستكشفين الأجانب.

وأكد موسى أن تهريب الآثار الكبيرة تم عبر المنافذ البرية مع السعودية، واصفًا أن السعودية والإمارات من أكثر الدول متاجرة بالآثار اليمنية.

وأوضح العامري، في هذا السياق، أن بعض القطع الأثرية خرجت في فترات الحرب،  لكن ربما هي من المتاحف والمواقع الأثرية التي نهبت، مؤكدًا أن أكثر القطع التي خرجت من اليمن هي من متحف أبين الذي تعرض للنهب في العام 2011، حيث نهبت منه قرابة 700 قطعة أثرية من قبل القاعدة، وتم ضبط بعضها واستعادتها.

تعز الأكثر تضررًا

وحول الآثار في محافظة تعز، أوضح أحمد جسار نائب مدير عام فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف في تعز الواقعة تحت سيطرة الحكومة، محبوب الجرادي، إن محافظة تعز من أكثر المحافظات التي تعرضت فيها الآثار للنهب في ظل الحرب.

وأكد أن هذه القطع مازالت موجودة في الداخل، وبعضها تم تهريبها إلى الخارج، كساعات الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين، التي تصل إلى أكثر من 200 ساعة، وبعض المخطوطات والتماثيل الحجرية.

وأضاف أنه تم إعداد كشوفات بالقطع المنهوبة من المتاحف والمواقع الأثرية في تعز، وتم موافاة الهيئة العامة للآثار في عدن بها، وسيتم استعادتها.

قوانين غير مفعلة

حول فاعلية القوانين المتعلقة بالحفاظ على التراث والآثار، قال عبدالله موسى إن اليمن  موقعة على جميع اتفاقيات حفظ التراث وعدم الاتجار وبيع الآثار.

من جانبه، قال محبوب الجرادي إن القوانين المعمول بها حاليًا في اليمن في ما يتعلق بالآثار، أصبحت هشة، ولا تواكب الردع والعقاب الكافي لمرتكبي جرائم تهريب الآثار أو النبش أو غير ذلك.

وفي هذا الشأن، قال سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونيسكو” محمد جميح، في تصريح سابق   لصحيفة “إندبندنت عربية”، في منتصف العام 2023، إنه يجب عمل إدارة تابعة للهيئة العامة للآثار والمتاحف، تكون مهمتها متابعة الآثار التي تم تهريبها، ووضع قاعدة بيانات وطنية شاملة، والتحرك سياسيًا ودبلوماسيًا وقانونيًا وحقوقيًا، للمتابعة في هذا الشأن.

وأضاف أن اليمن بحاجة لتفعيل إدارة حماية الآثار في جهاز الشرطة لوقف عملية النهب والتهريب.

مقالات مشابهة