المشاهد نت

نساء وفتيات يتغلبن على السرطان

نساء يتغلبن على السرطان

تعز – موسى المليكي:

أصيبت الحاجة سعيدة المعلمي، وهي من منطقة الشرمان بمديرية ماوية بمحافظة تعز، بسرطان في الثدي، منذ أكثر من أربع سنوات، لكنه كان خاملًا ومحصورًا. بعدها تعرضت لحادث حفز الخلايا السرطانية ونشاطها، بدأ بعدها المرض بالانتشار، خضعت سعيدة للعلاج طيلة أربع سنوات، لتتماثل للشفاء أخيرًا، أو كما وصفته بـ”الولادة من جديد”، بعد أن ظلت طريحة الفراش لا تقوى على الحركة ولا الإمساك بالأشياء لسنوات.
رغم قتامة هذا المرض، وما يصاحبه من صورة نمطية بالموت المحتوم؛ إلا أن هناك قصصًا ونماذج قوية للإرادة والتحدي حالات في مركز الأمل لمكافحة الأورام السرطانية بتعز.
الطفلة نورة محمد التي تبلغ من العمر 10 سنوات، وهي من منطقة المطالي، بمديرية المسراخ بمحافظة تعز، تقول إنها كانت تبكي كل يوم تذهب فيه لأخذ جرعات العلاج، وكانت تسأل والديها هل ستموت كجدتها التي كانت مصابة بذات المرض، وتوفيت على إثره.
لكنها الآن أصبحت بصحة جيدة، وتستطيع الذهاب إلى المدرسة، واللعب مع صديقاتها، وهذا ما كانت تتمناه طوال سنوات مرضها.
تقول نورة إن الأدوية التي تستخدمها الآن ليست سيئة جدًّا كتلك التي كانت تتلقاها من قبل. ورغم أن هذه الأدوية سترافق نور على مدى حياتها، إلا أنها ستكون أخف عبئًا من السرطان.
وتحكي نعيمة علي الفتيني، من منطقة الجراحي بمديرية حيس بمحافظة الحديدة، وهي سيدة في منتصف الثلاثينيات، وأم لثلاثة أطفال، قصتها مع السرطان، وكيف كانت معرفتها بمرضها فاجعة حقيقية في حياتها وحياة زوجها وأولادها.
حيث ظل هاجس الموت ويُتم صغارها يطاردها ولا يفارقها، فكانت رغبتها القوية في البقاء حافزًا مهمًّا في رحلة صراعها مع المرض لأجلهم، مستفيدة من تجارب أخريات تغلبن على السرطان، وعدن لحياتهن الطبيعية، إذ فتحت لها هذه القصص نافذة الأمل لتكون واحدة منهن، وهو ما تحقق لها بعد عامين من العلاج.

إدارة المركز

يعد مركز الأمل المركز الوحيد الذي يستقبل مرضى السرطان في محافظة تعز وخمس محافظات مجاورة. حسب منظمة الصحة العالمية فإن 35 ألف يمني مصابون بالسرطان، ويتم تشخيص 11 ألف حالة سنويًا بالمرض. في 2016 أغلقت العديد من العيادات المختصة بالسرطان نتيجة نقص العاملين، الأدوية والمعدات، مما أدى إلى تطويل انتظار أوقات الزيارة لتلقي الرعاية الطبية، ونتيجة لذلك يضطر المرضى إلى السفر مئات الأميال للوصول إلى العيادات للعلاج.
الدكتور مختار أحمد سعيد، مدير عام مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية بمحافظة تعز، يقول في حديث لـ”المشاهد”: “إننا نسعى دائمًا لإيصال صورة حقيقية لجميع الجهات.. لكننا في الواقع لا نتمكن من نقل إلا القدر اليسير من واقع الحال المفجع”.
ويزداد الاحتياج لوجود أجهزة تشخيصية متخصصة، للمساعدة في الكشف المبكر، وبالتالي التخفيف من الرحلة الطويلة والتكاليف الكثيرة في علاج السرطان.
“نحتاج الالتفات إلى وضع المرضى وحاجتهم لتدخلات جراحية واشعاعية، بخاصة وهذا الأمر لا يتوافر حاليًا بالشكل المطلوب”، يقول سعيد.
ويضيف: حاليًا العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان يتوفر فقط في صنعاء، وهي المنطقة الوحيدة على مستوى الجمهورية، مما يجعل فترات انتظار المرضى طويلة، وقد تحدث خلالها مضاعفات.
ويتابع: “الحاجة إلى وجود مراكز علاج إشعاعي أخرى مهم جدًا، للتخفيف، ولسرعة تلقي العلاج. كذلك أهمية وجود مراكز كشف مبكر في الأرياف والمناطق النائية، يساعد في إيصال الحالات بمراحل قابلة للشفاء بنسب أكبر إلى المركز، وبالتالي تكون التكاليف أقل، والنتائج بإذن الله مطمئنة أكثر”.
الدكتور أمين قاسم، طبيب الأورام بمركز الأمل، يقول في حديثه لـ”المشاهد”: “إن الحالة النفسية لأي مريض في العالم مهمة جدًا في علاجه، وكلما كانت حالته النفسية جيدة، انعكس ذلك على سرعة استجابة الجسم للشفاء من أي مرض كان، أما السرطان فإن الحالة النفسية تعتبر ركيزة أساسية إلى جانب الأودية في عملية شفاء المريض”.

هناك الكثير من الحالات التي تعاملت معها، تعافت سريعًا، وكانت أكثر قدرة على تحمل المرض ومضاعفات الأدوية، وأكثر إرادة في تحديه والتغلب عليه، بسبب مساندة العائلة للمريض


ويضيف الدكتور قاسم أن هناك حالات لم تلقَ الدعم والمساندة من المحيطين بها، إلى جانب الإهمال، وتأثرت بشكل سلبي حالاتهم واستجابة أجسادهم للعلاج.
ويتابع أن هناك الكثير من الحالات التي تعاملت معها، تعافت سريعًا، وكانت أكثر قدرة على تحمل المرض ومضاعفات الأدوية، وأكثر إرادة في تحديه والتغلب عليه، بسبب مساندة العائلة للمريض، وتشجيعهم المستمر له، وتذكيره أحلامه المؤجلة التي يحققها إن تعافى، إضافة إلى أهم خطوة في هذا الاتجاه، والمتمثلة بالكشف المبكر لبعض الحالات، والتي تسمح للأطباء بالتعامل معها.
يقول سعيد إن الدعم الحكومي لا يشكل أكثر من الثلث من احتياجات مركز الأمل، وتستمر إدارة المؤسسة بالبحث عن رجال الخير ورجال الأعمال والمنظمات، وطرق الأبواب المختلفة للمساهمة في الموازنات التشغيلية وتوفير الاحتياجات الأخرى للمرضى.

إقرأ أيضاً  أزمة غاز منزلي جنوبي تعز

صعوبات

ويضيف مختار أن من أبرز الصعوبات التي يواجهها المركز، ما يتعلق بتوفير الدواء بالكميات المناسبة للأعداد المتزايدة من المرضى.
بلغ عدد الحالات الجديدة المسجلة في العام 2022، أكثر من ألف حالة.. وهذا يشكل أعباء إضافية لتوفير العلاجات الكيماوية والداعمة، وكذلك محاليل المختبر والفحوصات والأشعة التشخيصية والمتابعة.
تقدم الخدمات داخل المركز بشكل مجاني، نتيجة الظروف المعيشية الصعبة لمعظم المرضى القادمين من الأرياف، والذين لا تسمح لهم ظروفهم بتوفير لقمة العيش، ناهيك عن علاجات السرطان باهظة الثمن.
ويختتم الدكتور أمين قاسم قوله إن من أهم عوامل الشفاء هو الكشف المبكر، وتقبل المرض والرضا بالقدر، وسرعة الدخول في مراحل العلاج، وكذلك الإرادة القوية، ومناعة الجسم، والدعم النفسي من العائلة والمحيط الاجتماعي، والالتزام ببرنامج غذائي يحدده الأطباء.

مقالات مشابهة