المشاهد نت

فتيات ضحايا «الابتزاز الإلكتروني»

الوعود بالحب والزواج أكثر الطرق شيوعا لإيقاع الضحايا من الفتيات

تعز- نجوى حسن 

فائزة، اسم مستعار، 25 عامًا، من تعز، كانت في طريقها إلى صنعاء في شهر رمضان الماضي من عام 2022 عندما تلقت اتصالًا من شخص كان يفترض أن يكون “زوجها المستقبلي”. ردت على المكالمة، وهدد بفضحها في المجتمع إذا لم تحقق له كل طلباته. 

 شعرت فائزة بالخوف الشديد، وفكرت بالانتحار. تقول لـ “المشاهد”: “تعرضت لتهديد عبر رسائل في الهاتف المحمول، ولم أدرك في البداية أنني ضحية ابتزاز بسبب الصدمة التي أصابتني”. 

أثناء دراسة فائزة في إحدى جامعات محافظة تعز، تعرفت على زميل لها قبل سنتين في نفس التخصص الدراسي، وتطورت علاقتهما إلى حب، ومع مرور الوقت تحول الحب إلى مأساة لها. 

أسلوب الخداع  

يصبحن العديد من الفتيات ضحايا الابتزاز بسبب العلاقات الرومانسية قبل الزواج. يقدم بعض الشباب للفتيات وعودًا وهمية لأغراض خطيرة، مثل الاستغلال الجنسي أو المادي، ويستخدمون هذه الوعود لإيقاعهن في فخ الابتزاز الإلكتروني.

 تروي فائزة لـ “للمشاهد نت”: استمرت علاقتي مع زميل لي لمدة سنة كاملة، ووعدني بالزواج، واستخدم أساليب وكلمات رومانسية، مثل “أنت زوجتي المستقبلية”.

وتضيف: “بعد ذلك، طلب مني إرسال صوري الشخصية عن طريق تطبيق  الواتسب، والتعرف على شخصيتي بشكل أعمق، ووعدني بأنه سيخطبني من عائلتي، وأرسلت له صورتي، ولم أكن أدرك أن العواقب ستكون وخيمة للغاية”. 

بعد شهر من إرسال الصور، كانت فائزة تحلم بيوم خطبتها، لكنها فوجئت برسائل تهديد وابتزاز للحصول على مبلغ مالي يقدر بنصف مليون ريال يمني. شعرت فائزة بالخوف والرعب، وكانت تخشى أن يصل التهديد إلى عائلتها. باعت خاتمها الذهبي، أرسلت له المبلغ المطلوب، على شرط حذف جميع صورها من هاتفه الشخصي.

تتذكر فائزة، وتقول: “كنت أعتقد أنه كان زوجي المستقبلي، ولكنه كان وحش يسعى للحصول على المال. بعد ستة أشهر، طلب مني مبلغ مالي قدره مليون ريال يمني. ونظرًا لظروفي المادية الصعبة، لم أستطع تقديم هذا المبلغ”.

وبعد تفكير طويل، قررت فائزة أن تضع حدًا للتهديدات التي تصلها، وأبلغت للجهات الأمنية المختصة. تقول: “تم القبض على المبتز بعد أشهر من التحقيق، وتم تدمير هاتفه، ولم أعد أتعرض للتهديد”. 

أسباب الابتزاز

ياسر الصلوي ، الأستاذ في علم الاجتماع بتعز، يقول لـ”للمشاهد” إن سلوك العلاقات الغرامية هو جزء من الطبيعة البشرية، حيث يبحث الرجل عن تقدير الذات من المرأة، بينما تبحث المرأة عن التقدير من الرجل في فترة الشباب، وقد يلجأن بعض الفتيات إلى هذه العلاقات بسبب الظروف المعيشية والمشاكل العائلية والضغط النفسي، أو رغبتهن في الهروب من الواقع.

ويضيف الصلوي: “أن العلاقات الغرامية لا تقوم على أساس الارتباط الحقيقي، بل تهدف إلى التعرف على الشخصية، وقد تنتهي بالزواج، ولكنها غالبًا ما تعتبر نوعًا من التسلية بين الطرفين”. 

إقرأ أيضاً  المنخفض الجوي .. أضرار في البنية التحتية بـ المهرة وحضرموت

تشير الأخصائية النفسية أنجيلاء المعمري إلى أن الحرمان العاطفي والظروف الاجتماعية غير المستقرة من أهم العوامل التي تدفع الفتيات للاقتراب من العلاقات الغرامية قبل الزواج. وعلى الرغم من انتشار قضايا الابتزاز الإلكتروني في اليمن، إلا أن النساء غالبًا ما تقع ضحايا لهذه القضايا بسبب الحرمان العاطفي.

وتؤكد المعمري أن غالبية ضحايا الابتزاز الإلكتروني لا يعرفن مخاطر الابتزاز بسبب الجهل، أما الحالات التي تكون فيها الضحية على دراية بمخاطر الابتزاز، فغالباً ما يكون ذلك بسبب الحرمان العاطفي الذي يستغله المبتزين.

 الناشط في حقوق الأمن الرقمي  مختار عز يقول لـ “للمشاهد” إن المبتزين لا يتبعون وسائل محددة لإيقاع الفتيات، ولكن أكثر الطرق شيوعًا هي الحب والزواج، ويشير إلى أن بعض النساء قد يتنازلن عن خصوصيتهن من أجل المال، سواء عن طريق قبول الهدايا أو التحويلات المالية من الغرباء، وأكد أن عواقب ذلك ليست بسيطة.

بحسب عز، على الطرفين أن يعرفا حدود العلاقة، ويتجنبان تجاوز الخطوط الحمراء، ولا يتبادلان صورًا مع الغرباء باسم الحب والعشق والثقة، ويضيف: “عدم وجود معايير للنساء في اختيار شركاء حياتهن يؤدي إلى حدوث حالات ابتزاز بين الأزواج والأهل، وذلك خارج إطار العلاقات الغرامية”. 

رصدت المواقع الإخبارية اليمنية أكثر من 86 جريمة ابتزاز إلكتروني تعرضت لها نساء يمنيات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. 

حلول مقترحة

يمكن معالجة قضايا الابتزاز الإلكتروني والحد من انتشارها من خلال عدة طرق، منها تفعيل قانون الجرائم الإلكترونية لمحاسبة المبتزين.

صرح مصدر أمني في محافظة تعز، رفض الكشف عن اسمه، لـ “للمشاهد نت”، إن معالجة قضايا الابتزاز الإلكتروني تتم عن طريق البحث الجنائي، وفي حالة وجود أدلة دامغة على المبتزين، يتم اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم وإحالتهم إلى النيابة.

وأضاف المصدر الأمني أن بعض الأسر تخشى التعرض للتشهير، لذلك تكتفي بطلب من الأمن تكسير هاتف المبتز والحصول على ضمانات بعدم التهديد مرة أخرى.

يسعى الناشط في حقوق الأمن الرقمي عز لحل عدد من قضايا الابتزاز الإلكتروني، إما عن طريق التفاوض مع المبتزين أو تقديم بلاغات أمنية ضدهم، حيث إن لديه فريقًا لديه القدرة على إزالة المحتوى المسيء من وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن الخيار الأمني هو الأكثر فعالية في ردع المبتزين.

ترى العمري أن ثمة خطوات يمكن اتخاذها للحد من هذه الظاهرة، وتقول: “إن من طرق معالجة قضايا الابتزاز الإلكتروني داخل الأسرة والمجتمع الاهتمام بالفتيات، وإيجاد مساحات آمنة لهن مع الأهل، وتعزيز الثقافة والتعليم، وبناء الثقة بالنفس. ،فلا بد من العمل على سلامة النفس، وطلب المساعدة النفسية من المختصين، للوقاية من الوقوع كضحايا الابتزاز الإلكتروني”.

مقالات مشابهة