المشاهد نت

استمرار ضياع حقوق المعلمين في اليمن

معاناه المعلمين من توقف الرواتب - صورة ارشيفية

تعز – مكين العوجري:

لم تحسم قضية دفع مرتبات المعلمين في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي ، ولا يزال الآلاف منهم يعيشون في حالة من الفقر والمعاناة في ظل رفض جماعة الحوثي صرف مرتباتهم، وغياب دور الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

قناف ، معلم في مدرسة حكومية بصنعاء، يقول في حديثه لـ” المشاهد” إنه يعمل في مجال التدريس منذ أعوام، وبرغم الصعوبات المعيشية التي يعاني منها طوال السنوات الماضية، إلا إنه لم يترك مهنته. في حديثه ل “المشاهد” يقول قناف : “طالبنا بمستحقاتنا لعدة أعوام، لكن دون جدوى. لم نر من سلطات صنعاء سوى المماطلة والتعنت، وتلفيق التهم ضد كل من يطالب بمستحقاته، حتى أنهم يحرضون علينا بأننا طابور خامس”.

في الثاني والعشرين من يوليو هذا العام، دعا نادي المعلمين اليمنيين في العاصمة صنعاء إلى إضراب شامل لكافة التربويين والتربويات، في المناطق الواقعة تحت جماعة الحوثي حتى الاستجابة لمطالبهم ودفع الرواتب بانتظام.

وفي أكتوبر، اختطفت جماعة الحوثي، أبو زيد الكميم رئيس اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين اليمنيين، بعد محاصرة منزله بعدد من الأطقم وتطويقه في العاصمة صنعاء، واقتادته إلى مكان مجهول في إطار حملة القمع والترهيب ضد الكادر التربوي المطالب بصرف المرتبات المنقطعة منذ عام 2016.

وفي ظل كل هذا البؤس، يقول التربوي قناف “بعض المعلمين قادتهم الظروف المعيشية إلى التفكير بالانتحار، وآخرون أصيبوا بأمراض النفسية، وكل ذلك بسبب توقف الرواتب وغياب ضمير الدولة، وانشغال الأطراف السياسية بالحرب”.

لجأ العديد من المعلمين إلى العمل في مجالات أخرى، مثل العمل في المحالّ والمطاعم، وافتتاح مشاريع صغيرة مثل بيع الفواكه والخضروات في الأسواق والشوارع. يوضح قناف : “لم يعد هناك أي قيمة للمعلم، فقدنا الروح المعنوية، ولم يتبق لنا منها شيء، بعد أن تم تجويعنا مع أسرنا”.

تسرب المعلمين وتدهور التعليم

حمود، معلم في مدرسة حكومية بريف صنعاء، يرى أن العملية التعليمة أصبحت مشلولة، ولم يعد الطالب يحصل على المعرفة التي من المفترض أن يتلقاها في المدرسة. في حديثه ل “المشاهد”: يقول حمود: “بدأت الاختبارات النصفية في المدارس، لكن الطلاب لم يتلقوا إلا القليل من الدروس، وهذا وهذا مؤشر خطير على مستقبل الأجيال والبلد”.

يضيف: “المعلمون اليوم يعيشون حياة بائسة، وتحولت حياتهم إلى وجع وقهر وحرمان من أبسط المواد الغذائية والمعيشية. مازلنا نقاوم رغم الخذلان والسياسات التجويعية والتعسف الذي لا زال مستمرا منذ سنوات”.

الأكاديمي عبد الله شداد، مناصر لقضية المعلمين، يرى في حديثه لـ” المشاهد” أن عدم دفع رواتب المعلمين تسبب بمعاناة لمئات الآلاف من الأفراد، حيث إن كل مدرس يعول أسرة فيها عدد من الأشخاص، معتبرا أن السلطة في صنعاء، والحكومة الشرعية تخلتا عن مسؤوليتهم تجاه المعلمين في العديد من المحافظات اليمنية.

إقرأ أيضاً  توجيهات قضائية بإيقاف شحنة دوائية في عدن

يشير شداد إلى أن العديد من المدرسين تركوا المدارس منذ سنوات نظرا إلى عدم قدرتهم الذهاب للمدارس، والبعض منهم التحق بمهن مختلفة وبعيدة عن تخصصاتهم، وتم استبدال عشرات الآلاف من المعلمين بعد فصلهم من قبل السلطات في صنعاء.

يعتقد شداد أن مسؤولية دفع رواتب المعلمين تقع على الحكومة الشرعية، وفي نفس الوقت يعتبر اختطاف رئيس نادي المعلمين من قبل سلطات صنعاء جريمة جسمية، تتمثل في جريمة حجز حرية، ومثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم.

8 أعوام من الصمت

المعلمون في مناطق سيطرة الحوثي التزموا الصمت والصبر طوال 8 أعوام مضت، تقديرا لما يمر به الوطن من حرب وصراعات، واستمروا في القيام بمهامه التربوية والتعليمية. يقول شداد إن المواجهات العسكرية توقفت، ولم يعد هناك مبرر للصمت عن الحقوق.

قال رئيس اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين اليمنيين الكميم في تصريح له في أغسطس الفائت إن عدد المعلمين الذين تسربوا من قطاع التعليم يقدر ب 30 في المئة، حيث أصبح معظمهم باعة متجولين في الشوارع، فيما يعمل آخرون في المطاعم والبقالات، بينما اتجه عدد كبير منهم إلى القطاع الخاص أو مغادرة البلاد.

بحسب الكميم، تعامل السلطات في صنعاء مع مشكلة رواتب المعلمين غير واقعي، فبدلا من معالجة مشكلة الرواتب، شرعت الحكومة في صنعاء إلى اتخاذ إجراءات أمنية تعسفية بحق التربويين، منها “تهديد القيادات التربوية والنقابية وطلبات الاستدعاء من مكاتب التربية للتحقيق معهم بتهمة المطالبة بالرواتب”.

هناك أكثر من 175 ألف معلم ومعلمة في 13 محافظة يمنية خاضعة لحكومة صنعاء، ويمثلون 72 في المائة من إجمالي المعلمين في اليمن، ويستمر حرمانهم من رواتبهم طوال ثماني سنوات في ظل ما يشهده اليمن من وضع معيشي وإنساني متدهور، يرافقه غلاء الأسعار، وانعدام الخدمات.

يطالب شداد سلطة صنعاء بالإفراج الفوري عن المعلمين المحتجزين دون قيد أو شرط، تحقيقا للعدالة ورفعا للمظلومية التي يتعرضون لمدة ثماني سنوات، ويؤكد أن إضرابهم أو تظاهرهم بهدف المطالبة بحقوقهم لا يعد جريمة. يختم حديثه، ويقول: “المطالبة بصرف الراتب حق مكفول دستوريا وقانونيا، وهو حق شرعي، فلا يوجد عاقل يطلب من شخص أن يعمل ويرفض إعطاءه ما يستحقه مقابل العمل”.

مقالات مشابهة