المشاهد نت

تأثيرات إيقاف تصدير النفط على «الاقتصاد اليمني»

ميناء الضبة لتصدير النفط بحضرموت- صورة متناقلة

حضرموت _ إكرام فرج

اعتمدت الحكومة اليمنية خلال عقود طويلة على عائدات النفط كأهم مصدر للنفقات والميزانية العامة للدولة، غير أنها اليوم تواجه صعوبات ومشاكل كثيرة، تركزت في دفع رواتب الموظفين وعدم استقرار العملة المحلية.

حيث يشهد الاقتصاد اليمني ركودًا كبيرًا بسبب الآثار التي تركتها هجمات الحوثيين على موانئ تصدير النفط والتي توقفت عن العمل منذ أكثر من سنة.

وكان الحوثيون قد شنوا هجماتٍ على ثلاث موانئ نفطيه في محافظتي حضرموت وشبوة في أكتوبر/تشرين أول من عام 2022؛ وذلك بعد فشل المشاورات في التوصل لاتفاق لتمديد وقف إطلاق النار.

وتسببت الهجمات الحوثية بحرمان اليمن من أهم مصادر دخلها وهو النفط والغاز الذي كان يُصدر إلى الخارج، ويغطي صرف الرواتب ويوفر نًا أجنبيًا من العملات الصعبة.

وبحسب الصحفي المهتم بالشئون الاقتصادية، وفيق صالح، فإن الصادرات النفطية في فترة ما قبل الحرب كانت تمثل أهم مورد للإقتصاد اليمني، ومن أهم الصادرات في البلاد، وتشكل 70 % من حجم الموازنة العامة للدولة.

ويضيف صالح أنه في فترة ما قبل الحرب، ومنذ استئناف تصدير النفط عام 2016، كانت شحنات النفط الخام المصّدر إلى الخارج تشكل المصدر الوحيد للنقد الأجنبي للبلاد؛ ولذلك فإن توقفها خلقت صعوبات وضغوطات هائلة على المالية العامة للدولة.

مشيرًا إلى أن هذا الوضع جعل الحكومة الآن تعاني من اختلالات كبيرة في الجانب المالي؛ لأنها فقدت أهم مورد للنقد الأجنبي.

انهيار العملة المحلية

توقف صادرات النفط ألقى بظلاله أيضًا على سعر العملة المحلية، وتسبب بهبوط قياسي في قيمة الريال اليمني، حيث تخطي سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد 1520 ريالًا.

ما أدى إلى تزايد الأعباء المعيشية على المواطنين اليمنيين يومًا عن آخر، من خلال ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وبالتالي تراجع القدرة الشرائية، وتزايد معدلات الفقر والبطالة.

ويشتكي مواطنون لـ«المشاهد» من الارتفاع الفاحش في أسعار جميع المواد الغذائية والسلع الرئيسية.

واعتبر الشيخ جميل أحمد، أحد عقال الحارات في مديرية البريقة، غرب عدن، أن الوضع الراهن ما هو إلا ”حرب اقتصادية” على المواطنين بالدرجة الأولى؛ وممارسة سياسة التجويع على الشعب، حد تعبيره.

وأضاف في حديثه لـ«المشاهد» أن كل هذه الارتفاعات تترافق مع العديد من المنغصات في جميع القطاعات الخدمية والحكومية المتردية بشكل كامل، داعيًا السلطات المحلية بالمحافظة إلى سرعة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

عجز حكومي

منذ سنوات طويلة تعمل الحكومة بدون أية موازنات، ولم تقم بتوحيد مواردها، وفي الوقت ذاته عملت الكثير من المؤسسات على فتح حسابات مالية لها خارج البنك المركزي اليمني بعدن؛ الأمر الذي فتح أبوابًا كثيرة للفساد، وجعل مسألة الوضوح والشفافية منعدمة بالكامل، بحسب اقتصاديين.

إقرأ أيضاً  حرمان المرأة من الميراث بسبب هشاشة القضاء في اليمن 

ويعود الصحفي المختص بالشئون الاقتصادية وفيق صالح للحديث عن عجز الحكومة كنتيجة حتمية لتوقف الموارد وعلى رأسها الصادرات النفطية والغازية.

وأضاف أن الانقسام النقدي وتشتت الموارد المحلية وتراجعها وسيطرة جماعة الحوثي على أهم القطاعات الحيوية والمؤسسات العامة في البلد، كالاتصالات وغيرها، أضعف من وضع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

ويواصل: هنا يأتي دور البنك المركزي في السيطرة على كافة الموارد بالمحافظات ”المحررة”، حد وصفه، وتفعيل أدوات السياسة النقدية، والسيطرة على النشاط المصرفي في البلاد، وكبح عمليات المضاربة بالعملة.

إضافةً إلى ضرورة الرقابة على محلات الصرافة والبنوك التجارية الصغيرة؛ لسد ثغرات أية مضاربة بالعملة قد تؤدي إلى الإضرار بقيمة أسعار الصرف.

ويشير وفيق إلى أهمية دور الحكومة الآن، خاصة أمام الخيارات الصعبة للغاية، وذلك لإعادة تفعيل الصادرات النفطية والغازية، وتحقيق المصادر المستدامة من النقد الأجنبي للخزينة العامة للدولة.

كما يرى ضرورة حشد الدعم الخارجي والعربي للبنك المركزي، والقيام بحزمة إصلاحات واسعة من أجل تجفيف الفساد وتحقيق الاستقرار المعيشي والإقتصادي.

لافتًا إلى أن البنك المركزي اليوم هو بحاجة لاحتياطي كبير من النقد الأجنبي؛ لتمويل استيراد السلع الأساسية؛ والحفاظ على استقرار أسعار الصرف.

انكماش اقتصادي

وبحسب تقرير البنك الدولي في 30 مايو/آيار 2023 الذي أصدر مذكرة اقتصادية جديدة خاصة باليمن تُسلِّط الضوء على التحديات التي يواجهها هذا البلد والذي أفاد بأن الصراع أدى إلى انكماشٍ اقتصادي بنحو 50 % في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بين عامي 2011 و2022.

وأكد التقرير أن مؤشرات الإنتاجية كانت ضعيفة بالفعل قبل نشوب الصراع، لكنها ازدادت تدهورًا مع اشتداد العنف.

وأوضح التقرير أن إنتاج النفط يعد ركيزة حيوية لاقتصاد البلاد، وقد تضرر بشدة جراء الحرب؛ الأمر الذي أدى إلى تقويض قدرة الحكومة على مساندة السكان من خلال تقديم الخدمات الأساسية.

كما أثَّر على التوظيف في القطاع العام، إذ أن كثيرًا من موظفي الخدمة المدنية لا تصرف لهم رواتبهم إلا بصورة جزئية أو بشكل مُتقطِّع.

وسلط التقرير الضوء على تراجع النشاط الاقتصادي منذ عام 2015 وما خلفه من آثار على مستوى الأسر اليمنية، إذ شهد معظم السكان هبوطًا حادًا في مستويات معيشتهم.

ومن بين العوامل التي أسهمت في ارتفاع تكاليف المعيشة انخفاض قيمة الريال منذ بدء الحرب، والمعوقات المادية والقيود التي تحول دون النفاذ إلى الأسواق، والتحول في أنماط الإنتاج الزراعي من المحاصيل الغذائية إلى المحاصيل النقدية.

مقالات مشابهة