المشاهد نت

توتر قبلي في مأرب تحت مسمى “إسقاط الجرعة”

اجتماع إدارة أمن محافظة مأرب-28 ديسمبر 2023- الصورة نقلا عن صفحة إدارة الامن في الفيسبوك

مأرب- محمد النمر 

تعيش محافظة مأرب على وقع غليان قبلي  متصاعد منذ أواخر شهر ديسمبر الماضي بسبب القرار الحكومي الذي قضى برفع سعر المشتقات النفطية من 270 ريالا (أقل من 2 سنتا) إلى 400 (أقل من 3 سنتا)  ريالا للتر الواحد. 

وكانت الحكومة قد أقرت رفع سعر الوقود في 16 يناير 2023 حسب شركة النفط، إلا أن السلطة المحلية بقيادة المحافظ سلطان العرادة الذي يشغل أيضا عضو مجلس القيادة الرئاسي قد أجل تطبيق القرار حتى 18 ديسمبر 2023، حسب بيان شركة النفط في مأرب.

التوتر القبلي في مأرب بين القوات الحكومية والقبائل يهدد المحافظة التي تحتضن نحو 2.3 ملايين نازحا من عموم اليمن من إجمالي عدد السكان 3.2 ملايين، أي نحو ثلثي السكان، حسب الوحدة التنفيذية للنازحين بمأرب.

نصبت القبائل في مأرب  مطارح “خيام”  احتجاجا على رفع سعر الوقود تطالب بعودة التسعيرة السابقة. تم رفض  مطالب المحتجين من قبل السلطات التي قالت بأن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية جاء بتوجيهات رئاسية في إطار الإصلاحات الاقتصادية وإصلاح المالية العامة للدولة.

السعر القديم (270 ريالا/لتر) كان خاصا فقط بمحافظة مأرب ويباع لتر البنزين في بقية مناطق سيطرة الحكومة بما في ذلك عدن، وتعز وحضرموت بـحوالي 1,400 ريالا من العملة الجديدة بواقع دولارا أمريكيا  واحدا.

وحتى بعد تطبيق السعر الجديد سيظل سعر البنزين في مأرب هو الأقل في جميع أرجاء اليمن بواقع 400 ريالا (أقل من 3 سنتا) مقارنة ببقية مناطق سيطرة الحكومة بقرابة دولار واحدا وهو السعر نفسه تقريبا في مناطق سيطرة جماعة الحوثي.

وحتى كتابة هذا المنشور لا تزال القبائل تواصل التحشيد في منطقة العرقين تحديدا القريبة من المنشأة النفطية صافر.

بدأ تطبيق السعر الجديد 400ريالا/للتر الواحد 18 ديسمبر 2023-شركة النفط بمأرب

احتدم الخلاف بين القبائل  والسلطة المحلية  وصولا إلى تفجر الوضع عسكريا في 19 ديسمبر 2023  بين الطرفين في مديرية الوادي بمأرب، “بعد أن كانت الوقفة سلمية تعبر عن مطالب المواطنين” حد قول الناطق بإسم التجمع القبلي في مأرب محمد ميقان في حديثه ل” المشاهد”.

اتهم ميقان القوات الحكومية  بقصف تجمع “المطارح” بالطيران المسير و المدافع في 17 ديسمبر، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص من رجال القبائل وإصابة آخرين.

رد المحتجون من القبائل في نفس اليوم (19 ديسمبر 2023) بشن هجوم على الخط الدولي الربط بين محافظة مأرب و منشأة صافر ومنع مرور مقطورات البنزين إلى مدينة مأرب وتفجير أنبوب النفط الخام بين حقل جنة ومصفاة صافر جنوب المدينة. 

في 26 ديسمبر ناقشت اللجنة الأمنية و العسكرية في مأرب التطورات في مأرب التي شملت القتل وقطع الطرقات وتعطيل المصالح العامة.

وقالت اللجنة في بيانِ لها نشر على صفحة الإدارة العامة لشرطة مأرب على الفيسبوك” بأن عناصر قامت (الخميس 25 ديسمبر) بقتل سائق شاحنة عابر سبيل وإحراق شاحنة أحد المواطنين”.

وأضاف البيان أن تلك الأعمال تزامنت مع تفجير أنبوب النفط بين منطقة ريدان وصافر…يرافق ذلك تحريض تتخادم فيه عدة جهات معادية لأمن واستقرار محافظة مأرب.” 

هذه التطورات تعيد إلى الأذهان سيناريو إسقاط الحكومة الشرعية في صنعاء في سبتمبر 2014 حين حشدت جماعة الحوثي “أنصار الله” مسلحيها في محيط ومداخل العاصمة بحجة إسقاط الزيادة السعرية حينها على الوقود. آلت الأمور حينذاك  بإسقاط صنعاء في قبضة الجماعة وهو ما تسبب بحرب طاحنة في البلاد و لا تزال تدار رحاها لحد اللحظة مع تطور الأحداث بشكل  دراماتيكي شل جميع مؤسسات الدولة.

إقرأ أيضاً  مسؤول محلي يوضح سبب عدم سفلتة شوارع مدينة التربة

وقد حاولت جماعة الحوثي السيطرة على مدينة مأرب عدة مرات عبر حملات عسكرية متعاقبة منذ 2015 لكنها لاقت مقاومة شرسة من القوات الحكومية المتمركزة في المدينة. 

ومع التحرك القبلي المتصاعد في مأرب عقد الأحد 24 ديسمبر 2023، محافظ محافظة مأرب، سلطان العرادة،  لقاء  ضم رموز وأعيان من القبائل لمناقشة الوضع الراهن على الأرض المتعلق بالزيادة السعرية. 

إلا أن الاجتماع لم يسفر عن أي انفراجة. فقد قتل  الجمعة 29 ديسمبر 2023، ثلاثة جنود من القوات الحكومية بالقرب من منطقة محطة بن معيلي بمديرية الوادي. ما يعني أن مسألة الاحتواء  لتهدئة الوضع قد فشلت حتى الآن.

الصحفي المهتم بالشأن السياسي أدونيس الدخيني قال في حديثه ل” المشاهد” الخطوة التي قامت بها الحكومة الشرعية مهمة في توحيد أسعار المشتقات النفطية في كل المحافظات وما حدث من تصعيد من قبل قبائل مأرب هي ردة فعل طبيعية نظرا للحالة المعيشية المتردية وخشية من الفوضى والتلاعب بأسعار الوقود.” 

مضيفا”يجب على السلطات في مأرب أيضاً أن تتعامل مع الأمر بحزم وحسم كبيرين حتى لا تتوغل حالة الصراع والمناكفات واستغلال حالة التوتر من قبل مجاميع أخرى تؤدي إلى انقلاب كما فعلت جماعة الحوثي في صنعاء عام 2014  حيث تبدو الصورة مماثلة لحدث سقوط صنعاء حيث أن المرحلة حساسة ومن المهم التعامل معها بصرامة.”

مهلة للمحتجين

من جانبه قال المقدم رشاد المخلافي، رئيس شعبة الصحافة العسكرية بالتوجيه المعنوي في مأرب ل” المشاهد” هناك خطوات تمهيدية لإعطاء مهلة للجماعة المخربة ومحاولة كبيرة تجرى بوساطة قبلية وأخرى رسمية لاحتواء الموقف المحتدم تجنباً للقتال أو إشعال الحرب داخل المدينة حتى لا تتحول المدينة إلى دائرة للفوضى والاعتداءات المسلحة.”

مشيراً في حديثه” بأن قرار رفع سعر الوقود يصب في مصلحة المواطن حيث  يصطف المئات من المواطنين أمام المحطات المحلية بحثاً عن البنزين ما تسبب بأزمة خانقة نتيجة تفريخ وتكاثر الأسواق السوداء داخل المدينة وهذا يعود إلى رخص مادة البنزين.”

الصحفي في الشأن الاقتصادي وفيق صالح في حديث ل” المشاهد”  يقول يجب أن يكون هناك توازن بين أسعار الوقود المحلية الذي تنتجه شركة صافر و الوقود المستورد لأن هناك اختلال واضح  في السعر في المحافظات  الأخرى مرتفعا وفي مأرب منخفضا مما يوسع شبكات السوق السوداء.” 

و بين صالح” أن شركة مصفاة صافر تنتج بحدود 10 ألف برميل يوميا أي ما يقارب مليون ونصف لتر, ويتم بيع الجالون فئة عشرين لتر للمواطن في مأرب بثمن بخس جدا يصل إلى 3,500 ريالا (2.3 دولار أمريكي) هذا الأمر يؤدي إلى خلق بؤر للسوق السوداء من خلال شراء كميات كبيرة من النفط وبيعه بسعر مرتفع و بالتالي يصبح الدولة المواطن و المصلحة العامة خارج نطاق الفائدة ووحدهم تجار السوق السوداء من يستفيدون.”

مقالات مشابهة