المشاهد نت

المهمشات في اليمن بدون سياج للحماية من التحرش 

غياب عوامل القوة كالقبيلة والسلطة تجعل من المهمشات أكثر عرضة للتحرش الجنسي

تعز- محمد سعيد السامعي

تعمل وزيرة، 20 عاما، في مجال النظافة والتحسين بمدينة تعز، ويقتصر عملها على تنظيف الشوارع ورفع المخلفات. وزيرة تحب عملها، لكنها تكره المضايقات التي تتعرض لها أثناء العمل كل يوم، لا سيما التحرش الجنسي.

قبل أيام، كانت وزيرة ترفع المخلفات من أحد الشوارع بمدينة تعز، وجاء شابان بالقرب منها، وبدءوا بمضايقتها من خلال التلفظ بكلمات خادشة للحياء، بل وطلبوا منها الذهاب معهم إلى مكان آخر.

في المجتمع اليمني، لا يبدو هذا التصرف مقبولا أو معقولا، لكن وزيرة تنتمي إلى فئة المهمشين، الفئة التي تتعرض لانتهاكات متعددة من قبل فئات المجتمع الأخرى في بلد لا تطبق فيها المواطنة المتساوية وسيادة القانون.

تقول وزيرة ل “المشاهد”: “كان المكان الذي تعرضت فيه للتحرش مكتظا بالناس العابرين، وكان بعضهم يسمعون التحرش اللفظي الذي تعرضت له، لكنهم لم يتدخلوا، ولم يعيروني أي اهتمام، وهذا بسبب النظرة الدونية لطبقتنا”.

تتعرض النساء في اليمن للتحرش اللفظي في الأماكن العامة وأماكن العمل، لكن نساء الفئة المهمشة تتعرض أكثر للتحرش اللفظي والجنسي، نظرا لافتقار تلك الفئة لأي من عوامل القوة، كالقبيلة أو الوجاهة أو السلطة.

يشكل المهمشون نسبة 12 ٪ من نسبة سكان اليمن بحسب تعداد السكان في العام 2004، يتوزعون في مختلف مناطق اليمن، لكنهم يتواجدون بكثرة في المناطق الجنوبية والوسطى والساحلية، ولا يحصلون على التعليم والصحة والوظيفة العامة مثل فئات المجتمع الأخرى.

الحرمان من العمل

فائقة قاسم، 30 عاما، من فئة المهمشين بتعز، تقول إن قريبة لها كانت تعمل كعاملة نظافة في أحد المرافق الخدمية الخاصة في مدينة تعز، وتحصل من عملها على مبلغ زهيد لكي تعيل به طفلتها البالغة من العمر سنتين، والتي تركها والدها بعد انفصاله عن أمها.

تقول فائقة ل “المشاهد”: “كانت قريبتي تتعرض بشكل مستمر للتحرش الجنسي من قبل زوار المرفق أو من قبل العاملين فيه، بل أن أحد الأشخاص حاول الاعتداء عليها جسديا لكنها تمكنت من إنقاذ نفسها عبر الصراخ، واضطرت بعدها إلى ترك العمل هناك رغم حاجتها الماسة له”.

المرأة المهمشة ليست في مأمن من التحرش، حتى وإن كانت في منزلها، وهذا ما حدث ل ليلى أحمد في منطقة عصيفرة بتعز، حيث تعرضت للتحرش مرات عدة من قبل أشخاص من فئات المجتمع الأخرى. تسكن ليلى كغيرها من النساء المهمشات في خيام بسيطة، ما يجعلهن عرضة لمحاولات التحرش الجنسي أو اللفظي.

إقرأ أيضاً  حرمان المرأة من الميراث بسبب هشاشة القضاء في اليمن 

غياب تطبيق القانون 

في 2020، تعرضت الطفلة رسائل عبد الجليل، من فئة المهمشين بتعز، للاغتصاب من قبل أربعة شباب في منطقة الكلائبة، وتم رفع قضية ضد الجناة، بعد أن تحولت القضية إلى قضية رأي عام. لكن أسرة رسائل تقول إنها تعرضت للتهديد بالتهجير من منطقة الكلائبة إذا لم تتنازل عن القضية، ويعتقد حقوقيون أن المجتمع والأمن والقضاء وقف في صف الجناة الذين اعتدوا على الفتاة المهمشة.

في تصريح سابق لوسائل الإعلام، قال هيثم سيف، ابن عم الطفلة التي تعرضت للاعتداء، إن القضية ظلت فترات طويلة في أدراج النيابة، ولم يبت فيها بسبب أن أحد المتنفذين تربطه علاقة قرابة بأحد المتهمين، وقد سهل عملية هروبهم إلى خارج المحافظة.

وأضاف سيف:“ تعرضنا للتهديد والضرب والتهجير أكثر من مرة من قبل الجناة وأهاليهم للضغط علينا حتى نتنازل عن القضية مستغلين وضعنا الاجتماعي، وتقدمت بشكوى إلى إدارة الأمن في المحافظة، لكنهم لم ينصفونا، حتى وصل الاعتداء إلى الهجوم على الشاهد في القضية وعلى المحامين”.

أشارت تقارير محلية في يناير من عام 2022 إلى أن سلطات تعز أفرجت عن المتهمين باغتصاب الطفلة المهمشة رسائل، وألقت القبض على أحد أقاربها، وسجنه بسبب رفضه التنازل عن القضية.

هناك نصوص قانونية واضحة بشأن عقوبة التحرش وفقا للقانون اليمني، إذ تعرف المادة (270) من قانون الجرائم والعقوبات التحرش بأنه: كل فعل يطال جسم الإنسان ويخدش الحياء يقع من شخص على آخر دون الزنا واللواط والسحاق يعتبر هتكا للعرض. “

كما أن المادتين (271) و (272) من ذات القانون تحدد العقوبة بشأن هذه الجريمة. إذ يعاقب بالحبس سنة والغرامة” كل من هتك عرض إنسان حي دون إكراه أو حيلة ويعاقب من وقع عليه الفعل برضاه بذات العقوبة. “

أما إذا كان الفعل بإكراه أو الحيلة والمجني عليه أنثى لم تتجاوز خمس عشرة سنة أو ذكرا لم يجاوز اثنى عشر سنة أو معدوم الإرادة أو ناقصا لأي سبب أو إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته، فإن العقوبة الحبس خمس سنوات.

برغم وضوح القانون، لكن تطبيقه لا يبدو يسيرا في ظل الفوضى التي تشهدها البلاد. ومن الواضح أن تطبيق القانون لإنصاف الضحايا من فئة المهمشين غير ممكن، ونتيجة لذلك، ستظل النساء من فئة المهمشين في بعض المحافظات اليمنية عرضة للتحرش والاعتداءات الجنسية.

مقالات مشابهة