المشاهد نت

الظروف الاقتصادية تختصر حفلات الزفاف  

الوضع الاقتصادي يدف الشباب تجاهل العديد من تقاليد حفلات الزواج-اليمن

تعز- إبراهيم الجحيشي

قبل أسابيع، اكتفى الشاب سامي ناصر بإقامة حفلة صغيرة يوم زفافه، وبعد ساعات من الجلوس مع الأهل والأصدقاء، انتهى الحفل. لم يكن بوسع سامي عمل حفلة كبيرة تكلفه الكثير من المال، وهذا دفعه إلى تجاهل العادات والتقاليد المتعلقة بحفلات الزفاف.

يقول سامي لـ “المشاهد”: “لم أستطع توفير المال الكافي لإقامة حفلة عرس تقليدية، فقمت بعمل حفلة بسيطة لمدة يوم واحد في بيت العروس. لم أستطع إقامة عرس تقليدي بسبب عدم قدرتي على تحمل التكاليف، بالإضافة إلى تردي الوضع المالي لأسرتي، والأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد”.

في ريف تعز، حفلة الزفاف التي تستمر أياما تكلف ما يقارب 10 ملايين ريال، بحسب سامي ، ولهذا السبب اكتفى بحفلة بسيطة في يوم واحد. يضيف: “برغم بساطة الحفلة التي تم تنظمينها يوم عرسي، خسرت ثلاثة ملايين ريال”.

منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، تدهور الوضع الاقتصادي، وتراجعت قيمة العملة الوطنية، وارتفعت الأسعار، وتضاءلت فرص العمل. ونتيجة لذلك، أصبح الزواج مهمة صعبة لملايين الشباب. يؤكد سامي أن العديد من أصدقائه عملوا لسنوات لتوفير تكاليف الزواج، وبعضهم يقترضون المال أو يبيعون ممتلكات لتغطية تكاليف الزواج.

كانت حفلات الزواج تستمر عشرة أيام في مناطق ريف تعز، وكانت كل الأسر تحافظ على العادات والتقاليد المرتبطة بمناسبات الزواج. لكن اليوم لا يستطيع كل الشباب المقبلين على الزواج تحمل التكاليف الكبيرة التي تتطلبها هذه المناسبات. ونظرا للوضع الاقتصادي الصعب لملايين الأسر في اليمن، تلاشت العديد من العادات والتقاليد في هذه المناسبات، ولجأت العديد من الأسر إلى تنظيم حفلات بسيطة ليوم واحد أو ثلاثة أيام على الأكثر.

التكيف مع الظروف

محمود البكاري، أستاذ علم الاجتماع بتعز، يقول لـ “المشاهد” إن الوضع المعيشي للمواطنين أدى إلى عزوف الكثير من الأسر عن طقوس الاحتفالات التقليدية الكثيرة بمناسبة الزواج، ويعتبر هذا نوعا من التكييف مع الظروف المعيشية، حيث يكتفي العريس بما هو ضروري من مراسيم الزواج.

إقرأ أيضاً  توجيهات قضائية بإيقاف شحنة دوائية في عدن

ويضيف البكاري أن بعض المجتمعات لا زالت تتمسك ببعض العادات والتقاليد الاجتماعية المرتبطة بالزواج، كالمبالغة بالمهور، والحفلات المتعددة، وهو ما يؤدى إلى عزوف الشباب عن الزواج، وبالتالي انتشار ظاهرة العنوسة في المجتمع.

ويشير البكاري إلى أن “سكان المدن لا زالوا ملتزمين ببعض العادات والتقاليد الاجتماعية في مراسيم وطقوس الزواج، مثل إطلاق الأعيرة النارية والألعاب النارية الكثيفة في الأعراس بالمدن، إضافة إلى إزعاج السكان بمكبرات الصوت لأيام إن لم يكن أسابيع دون أي مراعاة لمشاعر الآخرين”.

التفكير في التوفير

خلفت الحرب في اليمن أزمة إنسانية كبيرة، إذ يحتاج ما يقرب من 21 مليون شخص، أي أكثر من 66 في المئة من إجمالي عدد السكان، إلى مساعدات إنسانية وحماية، بحسب تقارير الأمم المتحدة. وفقدت ملايين الأسر مصادر الدخل طوال السنوات الماضية، ولم يعد يفكر الكثير سوى بالبقاء على قيد الحياة.

محمد عبد الكريم، 27 عاما، يسكن في صنعاء، ويعمل سائق حافلة، يرى أن الوضع المادي للشباب يدفعهم للتنازل عن العادات والتقاليد المتعلقة بحفلات الزفاف. في حديثه ل “المشاهد”، يقول عبد الكريم: “لم أهتم بإرسال دعوات قبل يوم زفافي الذي كان في أواخر العام الماضي، ولم أحجز قاعة، ولم أطبع صورا كبيرة أو استأجر سيارة كبيرة كما يفعل البعض”.

يضيف: “كنت أفكر بالطرق التي تساعدني على توفير المال، وتجنبت الإنفاق على الأمور التي لا فائدة منها، كالتصوير ودعوة الضيوف. وبسبب الوضع المادي، يلجأ الكثير من الشباب إلى تجاهل العادات والتقاليد التي تجبرهم على دفع مبالغ مالية كبيرة للاحتفال بيوم الزفاف”.

يختم عبد الكريم حديثه لـ “المشاهد”، ويقول: “القليل فقط من الأسر اليمنية لا زالت تتباهى بحفلات الزفاف، وينفقون بسخاء في هذه المناسبات، لكن الأغلبية من الأسر اليمنية يكتفون بحفلات بسيطة، ويتجنبون اقتراض الأموال أو بيع ممتلكاتهم من أجل الاحتفال”.

مقالات مشابهة