المشاهد نت

«العثرب».. نبتة التداوي في الريف اليمني

تعز – فهمي عبدالقابض

عانت أم يزن، 27 عامًا، من اضطرابات هضمية، فنصحتها إحدى قريباتها بتناول عشبة “تلعثرب” بدلًا عن السفر من القرية في ريف تعز إلى المدينة، بحثًا عن العلاج. عملت أم يزن بتلك النصيحة، وبدأت بتناول العثرب للتخلص من الاضطرابات الهضمية التي كانت تعاني منها.

لم تشعر أم يزن بتحسن بعد تناول “العثرب المنقوع”، بل تفاقمت حالتها الصحية أثناء الحمل، وزاد شعورها بالغثيان والدوار.

في حديثها لـ«المشاهد»، تقول أم يزن: “كانت جدتي وكل كبار السن في أسرتنا يتعاملون مع العثرب كأنه دواء، لكنهم يجهلون أضراره، خاصة على الحوامل”.

العثرب عشبة لونها أخضر يميل إلى الحمرة، ولها أوراق على شكل عناقيد، وتعد من النباتات المعمّرة، وتتناولها العديد من الأسر الريفية في اليمن كعلاج لبعض الأمراض الجلدية، أو أمراض الجهاز الهضمي. 

أخصائي الأمراض الباطنية والطب العام بتعز، الدكتور زائد سلطان، يقول إن ظاهرة التداوي بالعثرب في اليمن شائعة منذ القدم، لأنه من السهل الحصول على هذه العشبة مجانًا أو بمبالغ زهيدة، حيث يعتقد الكثير من المواطنين أنها عشبة طبيعية ليس لها أعراض جانبية أو أضرار على الجسم. 

لكن ذلك الاعتقاد غير صحيح، بحسب سلطان، لأن الدراسات العلمية تؤكد أن أي دواء سواء كان عشبيا أو كيميائيا، لا بد من أن يكون له آثار جانبية طالما له تأثيرات علاجية ، وأن الأمان المطلق لاستخدام عشبة العثرب كعلاج ليس قائماً على دليل علمي. 

يوضح سلطان لـ«المشاهد» أن جميع الأعشاب التي يتم تناولها كعلاج دون دراية واستشارة مختص قد تؤدي إلى الإصابة بأمراض أو مضاعفات أخرى .

يذكر سلطان عدة مخاطر مرتبطة بتناول الأعشاب بطريقة عشوائية، ويقول: “هناك حالة من عدم معرفة تركيز المواد العلاجية وغير العلاجية التي تحتويها نبتة العثرب، ولا تخضع هذه النبتة للتحاليل المخبرية لإثبات فعاليتها ونقاوتها، كما أن استخدامها بجرعات عشوائية وبكميات مختلفة قد يسبب بمضاعفات صحية”. 

إقرأ أيضاً  انعكاسات التصعيد بالبحر الأحمر على الاقتصاد اليمني 

يؤكد سلطان أن من ينصحون بتناول الأعشاب لا يأخذون في الحسبان الفروق الفردية بين المرضى، ولا يهتمون بالآثار الجانبية للعلاج بالأعشاب التي قد تظهر بشكل متأخر ، كما أن استخدام العشبة مع العقاقير الدوائية لذوي الأمراض المزمنة قد يتسبب بتداخل علاجي، وقد يؤثر على فعالية وكفاءة هذه الأدوية، مما قد يفاقم الحالات المرضية. 

استخدام وفق معايير محددة 

من جانبه، يقول أستاذ النباتات الطبية في جامعة عدن، الدكتور عبدالناصر الجفري، إن استخدام نبتة العثرب كعلاج ليس خطأ، لأن عددا من الأبحاث والدراسات العلمية أثبتت منفعة عشبة العثرب كمسكن عند استخدامه وفق معايير محددة ومدروسة. 

يقول الجفري لـ«المشاهد»: “يمكن استخدام العشبة لعلاج اضطرابات الجهاز الهضمي، ويختلف مدى تأثيرها من شخص لآخر”. 

لا يعارض الجفري استخدام العثرب كعلاج، لكنه يحذر من الاستهلاك العشوائي لهذه النبتة، إذ يقول: “الإفراط في استخدام يخلق مشاكل ومضاعفات صحية أخرى، بخاصة للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة ومشاكل في الكلى، وقد يتسبب استهلاك العشبة بإفراط حصوات في الكلى”. 

أهمية استشارة الإخصائيين 

ينصح الدكتور سلطان، إخصائي الباطنية والطب العام بتعز، بتجنب التداوي بالعثرب وغيرها من الأعشاب بشكل مفرط، دون استشارة الإخصائيين ، ويشير إلى أن نبتة العثرب تحتوي على مواد حمضية لها تأثير ضار في حال تم تناولها على معدة فارغة .

يضيف:”عشبة العثرب تحتوي على مواد تساعد على تميع الدم، مما قد يزيد من تأثير العلاجات المميعة للدم لمرضى الضغط والقلب، وقد يتعرضون لخطر النزيف إذا تم تناولها مع الأدوية، وتحتوي على مواد قد تسبب هبوط سكر الدم إذا ما تم تناولها بكميات كبيرة وبصورة مستمرة “.

  يطالب سلطان الجهات الرسمية، بخاصة وزرارة الصحة، بالتدخل لضبط كل من يتعاملون ويروجون لظاهرة التداوي بالأعشاب بشكل عشوائي، دون تصاريح تثبت تخصصهم في هذا المجال. 

مقالات مشابهة