المشاهد نت

انعكاسات التصعيد بالبحر الأحمر على الاقتصاد اليمني 

تعز – عدي الدخيني

تواجه سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر مخاطر كبيرة، وامتنعت بعض شركات الشحن البحري عن العبور من باب المندب وقناة السويس، تجنبا للضربات التي تشنها جماعة أنصار الله (الحوثيين) على خطوط الملاحة في البحر الأحمر. 

منذ نوفمبر العام الماضي، أصابت الجماعة عددا من السفن التجارية والحربية، الأمر الذي تسبب بارتفاع تكلفة التأمين على الشحن البحري، وزيادة أسعار السلع. تأثرت العديد من الدول بسبب التصعيد، واليمن إحدى الدول التي تعاني من تداعيات الأحداث العسكرية في البحر الأحمر. 

الخبير الاقتصادي فارس النجار يقول إن تكلفة التأمين على الشحن البحري إلى اليمن ارتفع بنسبة 170%، الأمر الذي نجم عنه ارتفاع أسعار المواد المستوردة، وخلق المزيد من المعاناة للمواطنين في اليمن. 

يحذر النجار من تداعيات استمرار التوترات في البحر الأحمر، ويقول إن حركة الاستيراد والتصدير سوف تتضرر في اليمن، وقد يحصل أي توقف جزئي أو كلي لحركة الاستيراد والتصدير، وسيعاني بدرجة رئيسية أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

 في مقابلة خاصة مع “المشاهد”، يقترح النجار عددا من الحلول لمنع المزيد من الانهيار الاقتصادي، وإيقاف التضخم والحفاظ على العملة الوطنية في ظل الفوضى التي يشهدها البحر الأحمر.

نص الحوار 

ما تأثير تراجع الواردات إلى اليمن على الاقتصاد الوطني في ظل ارتفاع أسعار السلع؟

التأثيرات كبيرة نتيجة ارتفاع السلع، فاليوم ارتفعت تكلفة التأمين بالشحن بما يقارب 170%، حسب تقرير صادر من منظمة الأغذية التابعة للأمم المتحدة، كما أن تقارير اقتصادية أكدت بأنها ارتفعت بنسب كبيرة في كل من ميناء عدن وميناء المكلا وميناء الحديدة فقد ارتفعت الحاوية أربعين قدما من ثلاثة آلاف وخمسمئة دولار إلى سبعة آلاف دولار، بينما ارتفعت إلى تسعة آلاف دولار بمناطق سيطرة الانقلابيين في ميناء الحديدة. من المعروف بأن أي ارتفاع باسعار التكاليف والشحن والتأمين ينعكس بدرجة رئيسية على أسعار السلع والخدمات، ناهيك أيضا على أن ما تقوم به جماعة الحوثي بالبحر الأحمر سيؤدي إلى مؤشرات سلبية على إمدادات الطاقة بشكل عام، وبالتالي ستتضرر حركة الاستيراد والتصدير، الأمر الذي سيجعل هناك صعوبة في استيراد بعض المواد الخام قد يحصل أي توقف جزئي أو كلي لحركة الاستيراد والتصدير الأمر الذي سيضرر منه بدرجة رئيسية أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

90% من المواد الاستهلاكية يتم استيرادها من الخارج، وبالتالي ستؤثر الفوضى في البحر الأحمر على الحالة المعيشية للمواطنين في اليمن، حيث تشير تقارير أممية إلى أن أكثر من 21 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات عاجلة هناك 17 مليون يمني في المستوى الثالث من حالات إنعدام الأمن الغذائي، وهناك 6.1 ملايين يمني بالمستوى الرابع من حالات إنعدام الأمن الغذائي، وهو مستوى خطير، ومعناه أن هناك أكثر من 6 ملايين يمني لا يحصلون على وجبة واحدة على الأقل باليوم، كل هذا سينعكس على كافة مؤشرات الاقتصاد الكلي. 

كيف سيتعامل التجار مع هذا ارتفاع تكاليف الشحن، وماهي الخسائر المترتبة على ذلك؟

هناك صعوبات سيواجهها رجال الأعمال خلال الفترة القادمة، بخاصة فيما يتعلق بارتفاع أسعار المواد الخام نتيجة زيادة قيمة تكاليف الشحن، ونتيجة تأخرها، وسيؤدي ذلك إلى نتائج كارثية على مستوى الأسعار، الأمر الذي بطبيعة الحال سينعكس سلبا على  التجار ورجال الأعمال، في ظل استمرار تراجع قيمة العملة الوطنية، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي ستتعزز فكرة وجود ما يسمى بالركود التضخمي، ويعنى الإنتاج الضئيل والنمو الإقتصادي الضعيف وزيادة حادة في مستوى البطالة. أما على مستوى الدولة والخسائر التي تتكبدها، إن إنخفاض الصادرات والواردات يعني انخفاض الإيرادات الدولارية التي تحصل عليها البلد نتيجة الصادرات، وإضعاف القدرة  التنافسية للمواني اليمنية خصوصا  ميناء عدن، وبالتالي ستنخفض الإيرادات التي تمتلكها الدولة. وبطبيعة الحال، سيؤدي ذلك إلى  انعكاسات على قيمة العملة الوطنية وعلى كافة مؤشرات الاقتصاد الكلي.

إقرأ أيضاً  دور النساء في تحسين جودة الدراما اليمنية

ما تقييمك لتأثير هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على قناة السويس؟

تعتبر قناة السويس هي الرابط الرئيسي ما بين أوروبا وآسيا وأفريقيا. اليوم، يمر من هذه القناة ما يقارب 10% من حجم التجارة العالمية، وبالتالي كل هذه الأضرار التي تحصل اليوم بالبحر الأحمر بطبيعة الحال ستؤثر على الحركة الملاحية في قناة السويس نتيجة تغيير مسار السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وستتضرر الإيرادات الدولارية، وقد خسرت مصر حتى الآن ما يقارب مليون دولار. 

هل تتوقع  المزيد من الإجراءات من دول الغرب لمنع التصعيد ضد السفن التجارية في البحر الأحمر؟

أعتقد بأنه ستكون هناك إجراءات أكثر حدة خلال الفترة القادمة، وأتوقع بأن تقوم المزيد من الدول بتصنيف الحوثي كمنظمة إرهابية في محاولة لتجفيف منابع تمويل الحوثي، وستستمر الضربات الأمريكية البريطانية بهدف إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين، بالإضافة إلى الإجراءات التي ستتخذ على أفراد وكيانات تابعة للجماعة بهدف محاولة محاصرتها أو محاولة تجفيف منابع التمويل التي تدعم الجماعة. 

كيف يمكن إيقاف التضخم لمنع استمرار تدهور الاقتصاد الوطني في اليمن؟

التضخم بطبيعة الحال مرتبط بالإيرادات الدولارية، أعتقد بأننا دخلنا في مستوى خطير خلال الفترة الماضية، أتوقع بأن تكون هناك حلحلة لبعض الأمور وتدخل من بعض الأشقاء في استمرار دعم العجز وموازنة الدولة لإحلال حالة من التوازن، وعدم الانجرار إلى الانهيار الاقتصادي أو تدهور العملة بشكل أكبر مما هو عليها الآن. يتسارع التضخم بشكل سنوي بمعدل  45 إلى 47% بمعدل سنوي، وهذه معدلات خطيرة للغاية. خلال الفترة الماضية حافظنا على حالة من الاستقرار النسبي عندما تدخل البنك المركزي عن طريق المزادات لتغطية فاتورة الاستيراد، الأمر الذي جعلنا في حالة من الاستقرار النسبي، وكان هذا نتيجة زيادة صادراتنا النفطية، والوديعة السعودية. لا زالت التحديات الاقتصادية كبيرة في ظل توقف الصادرات النفظية بسبب هجمات الحوثيين على مواني التصدير. وقد يستمر التضخم في حال لم نحصل على دعم كاف خلال الفترة القادمة أو استمر توقف الصادرات النفطية، حيث تشكل صادرات النفط باليمن أكثر من 65% من الموارد لموازنة الدولة. أكثر من مليار ونصف تشكلها هذه الإيرادات، من إيرادات موازنة الدولة، وعودة هذه الإيرادات مهم للغاية لدعم موازنة الدولة، ودعم الإيرادات الدولارية التي تحصل عليها الحكومة.

 ما الدور الذي قامت به الحكومة اليمنية للحد من التضخم؟

اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات بهدف رفع كفاءة تحصيل الإيرادات، والاستمرار في تقديم المزادات من البنك المركزي للتخفيف من المضاربة على العملة الوطنية في السوق، وبالتالي يحسن من وضع مستوى العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، واعتمدت الحكومة نظام مراقبة النفقات بما يتواءم مع الإيرادات التي تتحصل عليها للحد من تدهور العملة، وتقليص التهرب الضريبي والجمركي، وإنشاء لجنة خاصة لمكافحة التهريب، وهو مناط بها أيضا فيما يتعلق بتهريب النقد الأجنبي حيث إن هناك قوى تعمل على تهريب النقد الأجنبي من مناطق الشرعية إلى مناطق تسيطر عليها جماعة الحوثي،  الأمر الذي يزيد من حدة المضاربة وانخفاض النقد الأجنبي الموجود في مناطق الشرعية. ختاما، هناك جهود تبذل في مسألة ضبط تحصيل الإيرادات وإغلاق كافة الحسابات الحكومية خارج إطار الأطر الرسمية للدولة في محاولة لضبط ورفع كفاءة تحصيل الإيرادات.

مقالات مشابهة