المشاهد نت

توقف الزراعة في بساتين صنعاء القديمة 

توقفت الزراعة في بساتين صنعاء القديمة منذ بدء الصراع في 2015

صنعاء – علي ناصر

كان السبعيني عبد الله زيد يعمل مع أبنائه في زراعة بستان “العلمي”  وسط مدينة صنعاء القديمة قبل اندلاع الحرب في اليمن عام 2015. يتذكر زيد مشهد البستان الذي كان مليئا بالخضروات، لا سيما في شهر رمضان،  حيث كان المواطنون القاطنون بالقرب من البستان يتوافدون كل يوم قبل الإفطار لشراء الخضروات، مثل الجرجير والفجل والكراث.

اليوم، أصبح ذلك البستان قاحلا بعد أن توقفت الزراعة فيه. يقارن زيد الماضي بالحاضر، ويشعر بالحسرة لأنه فقد العمل في البستان الذي كان مصدر دخل له، بخاصة في شهر رمضان. 

في حديثه لـ “المشاهد”، يقول زيد: “السبب في توقف الزراعة في البستان هو توقف وصول المياه المخصصة للجامع القريب من البستان، بعد توقف هيئة الأوقاف بصنعاء عن صيانة أنابيب المياه”. 

 محمد قناف، 40 عاما، مزارع في صنعاء القديمة، يرى أن النافذين قرروا ضم أجزاء من بستان “شكر” أحد أبرز بساتين صنعاء ، إلى منازلهم، كما عملوا على تعطيل العمل فيه، طمعاً في اجتزاء مساحات أخرى ضمن مخططات عشوائية تهدف للزحف العمراني في بساتين صنعاء. 

يضيف قناف لـ “المشاهد” أن العديد من البساتين في صنعاء القديمة تم تحويلها لمبانٍ سكنية يتم استثمارها تجارياً، الأمر الذي يفقد المدينة جزءا من جمالها. 

محمد مسعود، 50 عاما،  يتحدث بحسرة عن الوضع الذي آل إليه بستان “دار الحمد”، الذي كان يعمل في زراعته منذ سنوات. يقع هذا البستان  بالقرب من منطقة البونية وسط العاصمة صنعاء، لكنه اليوم أصبح  فارغا. 

 يوضح مسعود لـ “المشاهد” أن الشباب الذين كانوا يعملون في حراثة وزراعة البستان أصبحوا اليوم في جبهات القتال مع جماعة الحوثي، وبعضهم اتجهوا إلى أعمال أخرى يعتقدون أنها أكثر جدوى وأهمية من الزراعة. 

 قبل أربعة أعوام، أراد مسلحون من جماعة الحوثي تحويل بستان”دار الحمد” إلى مقبرة، وقاموا بحفر قبرين، وبدءوا بدفن شخصين فيها، إلا أن الأهالي القاطنين بجوار البستان رفضوا هذا التصرف واعتبروه اعتداء على البستان الذي يعد معلم من معالم مدينة صنعاء، بحسب مسعود. 

إقرأ أيضاً  «عنس».. الأولى يمنيًا في مرض السرطان

ملكية البساتين 

تنتشر في مدينة صنعاء العديد من البساتين والمزارع الصغيرة وسط الأحياء السكنة وبالقرب من المساجد. كانت تلك البساتين أماكن لنزهة العائلات، وزراعة الفواكه، كالرمان والعنب والبرقوق، والخضروات  كالكراث والبقدونس والفجل والجرجير والنعناع. 

في صنعاء القديمة، يوجد 43 بستانا ومزارع صغيرة، وتقع 34 هذه البساتين داخل أسوار المدينة القديمة، و9 على الجهة الغربية من السائلة القريبة من صنعاء القديمة، بحسب عبد الله زيد الذي كان يعمل في زراعة أحد البساتين في صنعاء القديمة.  أبرز تلك البساتين هي بستان القاسمي وبروم والجلاء والفليحي والزمر ، ومزرعة الجامع الكبير وموسى والأبهر والنهرين .

تنتشر العديد من البساتين ذات المساحات الشاسعة كبستان الروضة، وبساتين سعوان وعصر وبني الحارث في العاصمة صنعاء. وتتوزع ملكية تلك البساتين على أمانة العاصمة، وهيئة الأوقاف، ووزارة السياحة ووزارة الثقافة، والهيئة العامة للحفاظ على المُدن التاريخية. وبعضها تعود ملكيتها لعائلات تعمل في التجارة كعائلة الكبوس وإسحاق والجدري.

منع الزحف العمراني

منعت هيئة الأوقاف بصنعاء المزارعين من الانتفاع بالمحاصيل التي زرعوها في البساتين والمزارع الصغيرة، وطلبت منهم دفع أموال إذا أرادوا الانتفاع  بها، الأمر الذي أدى إلى  عزوف الكثير من المزارعين عن مواصلة مهامهم التي اعتادوا عليها، بحسب مصدر حكومي. 

 محمد الكدس  من الهيئة العامة للحفاظ على المُدن التاريخية يرى أن بساتين صنعاء لا زالت تتعرض لانتهاكات، ويحاول بعض النافذين تحويلها إلى أبراج سكنية، لكن هذه المحاولات فشلت حتى الآن، لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على تراخيص البناء. 

 ويؤكد الكدس أن هيئة الحفاظ على المدن بالتعاون مع أمانة العاصمة صنعاء ومكتب الأشغال العامة  اتخذوا إجراءات صارمة، منها إحالة المعتدين والمتجاوزين إلى النيابة العامة. يختم الكدس حديثه لـ”المشاهد”، ويقول: ” نواجه صراع شبه يومي مع النافذين الذين لا يعيرون أي احترام أو اهتمام للقوانين ولا لمكانة وعراقة صنعاء القديمة”. 

مقالات مشابهة