المشاهد نت

الإصابة بالسرطان في ظل الحرب

منظمة الصحة العالمية: الكثير من اليمنيين لا يستطيعون تحمل تكاليف علاج السرطان ويضطرون البقاء في البيوت انتظارا للموت

تعز – محمد الحاجبي

في عام 2022، كانت صباح، 20 عاما، عائدة من المزرعة إلى البيت في مديرية جبل حبشي بتعز، وعلى رأسها حزمة من علف المواشي، فسقطت فجأة على الأرض، ولم تستطع مواصلة المشي. اعتقد أبوها، عوض نعمان، أن الصداع تسبب  لها بالإغماء، وأخذها إلى مستشفى الثورة بتعز للحصول على الرعاية.

بعد المعاينة الطبية، وإجراء الفحوصات اللازمة، وجد الأطباء أن صباح تعاني من ورم سرطاني بمضاعفات خطرة. طلب الأطباء في مستشفى الثورة بتعز تحويل الحالة إلى مركز أورام السرطان بصنعاء، وقرر الأطباء هناك إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم.

يقول نعمان: “بعد نجاح العملية، تحسنت حالة صباح الصحية لمدة سنة، لكنها عادت إلى وضعها السابق، وبدأ الورم بالظهور مجدداً، وتم نقلها إلى مركز الأورام بتعز، ثم إلى مصر لإخضاعها لعملية ثانية، لكنها فارقت الحياة في العاصمة المصرية، القاهرة”.

يعاني حوالي 35000 مريضٍ بالسرطان في اليمن، بحسب منظمة الصحة العالمية، بزيادة تُقدّر بحوالي 20% عمّا قبل الحرب، منهم أكثر من 1000 طفل؛ أي ما يقارب 12% من 11000 حالة جديدة يتم تشخيصها كلَّ عام في البلاد.

أم صخر، 40 عاما، من مديرية جبل حبشي، تحكي عن مرضها بالسرطان، وتقول: “في عام 2019 ، كنت أشعر بألم شديد في منطقة الصدر، ولم أعرف السبب، حينها قمت  بإجراء فحوصات لمكان الألم، وتم سحب عينة من مكان الألم في مستشفى الدقاف بهدف التأكد من سبب الألم. ظهرت النتيجة، واتضح أني كنت مصابة بورم في منطقة الثدي”.

 سافرت أم صخر إلى صنعاء، وتم إجراء عملية استئصال الورم عام 2019. تضيف: “بعد عملية استئصال الورم وخروجي من المستشفى، وجدت أن حياتي قد تغيرت بشكل كبير، ولم أعد قادرة على الحركة، أو القيام بالأعمال اليومية المحدودة، أبسطها إعداد الطعام لأطفالي. عانيت كثيرًا بعد إجراء العملية بسبب الألم الجسدي والنفسي”.

بعد سنة ونصف من استخدام العلاج، تلاشى وجود الألم والورم، وتعيش أم صخر اليوم في حالة صحية جيدة، بعد أن استطاعت النجاة من السرطان. لكن العديد من المرضى لا يجدون العلاج، أو يتأخرون عن إجراء الفحوصات الطبية، الأمر الذي يجعل هذا المرض سببا للموت.

إقرأ أيضاً  الإفراج عن مبيدات سامة في صنعاء

وبحسب منظمة الصحة العالمية، لا ينبغي أن يعد السرطان بمثابة عقوبة إعدام، لكنّه في اليمن أصبح كذلك، فالكثير من اليمنيين لا يستطيعون تحمّل تكاليف العلاج، ويضطرّون للبقاء في منازلهم دون علاج، في انتظار الموت الذي قد يوقف آلامهم.

التوعية

مختار أحمد ، مدير عام المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان بتعز، يقول إن الصراع المستمر في اليمن تسبب بأزمة إنسانية كبيرة، وحرمان الشعب من الاحتياجات الأساسية مثل الرعاية الصحية.

يؤكد أحمد أن عوامل بيئية وغذائية وصحية ووراثية تسهم في ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان في تعز أو غيرها من المناطق اليمنية. يضيف: “إن الوقاية والحد من انتشار مرض السرطان من أهم الأولويات، ويجب اتباع عادات صحية من خلال النوم المبكر، والالتزام بنظام غذائي متوازن، وممارسة الرياضة اليومية، والابتعاد عن عوامل الإجهاد”.

الدكتور هلال نعمان، إخصائي في علاج الأورام، يقول لـ”المشاهد”: “إن تزايد حالات السرطان مرتبط بالفقر وضعف الحالة المادية للناس، والحروب وآثارها المباشرة وغير المباشرة على صحة الإنسان.

يحث نعمان على توعية الناس بخطورة المرض، والعمل على التصدي له، والتوعية بأسبابه، وأعراضه وضرورة معالجته مبكراً، لأن مواجهة المرض في مراحله الأولى أسهل من معالجته في وقت متأخر.

الدكتور هائل سعيد، طبيب باطنية، يقول ل “المشاهد”: “أعتقد أن زيادة عدد مرضى السرطان في الوقت الحاضر يرجع إلى عدة أسباب، منها النمط الغذائي الموجود لدى الناس، وتعاطيهم مواد غذائية تحتوي على مواد كيميائية مصنعة مسرطنة، وكذلك الزيوت المتحولة والمهدرجة.

بحسب سعيد، المبيدات والأسمدة تعد أحد الأسباب التي تزيد من انتشار مرض السرطان في اليمن،  لا سيما في المناطق الزراعية التي تستهلك المبيدات أثناء العلمية الزراعة، وهذا الأمر يتطلب تدخلا من قبل الجهات المعنية، والتخفيف من الممارسات التي تسلب الناس صحتهم.

مقالات مشابهة