المشاهد نت

توظيف إبداعي “للفخار” في اليمن

تمارس "ندى" الرسم على الفخار كهواية وحرفة يدوية

صنعاء – سحر علوان

مهارات الرسم على الفخار ليست فقط هواية لدى بعض الأشخاص، بل متنفس إبداعي مدهش، من خلالها تحقق ذواتهم بزخارف وأشكال بديعة تحاكي التراث الشعبي اليمني. ندى المتوكل (25 عامًا) من الفتيات اللواتي أبدعن في احتراف الرسم على الفخار بطريقة جميلة فيها مزج بين التراث كهوية ولون، وبين الأشكال الجمالية التعبيرية للخطوط والملمح النهائي للرسم.

تعمل ندى التي تعيش في صنعاء، في الرسم على الفخار منذ 2020، كما تقول، مضيفة: “بدأت معي منذ الصغر، فقد كان لدي شغف الاهتمام بالرسم ومحاكاة رسمي على الأشياء التراثية القديمة”.

وبرزت ندى المتوكل في السنوات الأخيرة، بعد أن تخصصت في مجال الجرافيك والتصميم، وهو كما تشير الذي أسهم في جعلها أكثر إبداع في مجال الرسم على الفخار.

رابط صفحة ندى على الفيسبوك

زخارف عتيقة

توظيف إبداعي "للفخار" في اليمن
يستخدم الفخار كأواني للطعام أو كتحف منزلية وهدايا

في 2020 قاد تفكير ندى -كما تؤكد- إلى البدء في تأسيس مشروعها الخاص في هذا المجال، وكان هذا المشروع كتطبيق للمهارات الأكاديمية التي تعلمتها في الجامعة، في توظيف التراث الشعبي، وبخاصة في ما يتعلق بالفخار كنقوش ورسوم جمالية بأشكال مختلفة.

وتقول: “قررت عمل شيء مميز، كصنع الفخار من نقوش ورسومات تحاكي التراث كديكور منزلي متعدد الاستخدامات، منها أشكال تتعلق بالأواني والتحف المنزلية”.

في بداية مشروعها واجهت ندى صعوبات في التأسيس من خلال محيطها المقرب من زميلات دراسة ومشرفين،  الذين لم يقتنعوا بالفكرة، ولكنها واصلت، كما تقول، مضيفة: “إيماني وثقتي بأني أستطيع، دفعني للتنفيذ والتحدي”.

وتتابع: “طورت نفسي، وكنت في كل يوم أنجز شيئًا، كنت أرسم في مخيلتي أشكالًا وأبدأ في التصميم ومن ثم أنفذ. لم أصل لهذه المرحلة المتقدمة إلا بعد فشل ذريع، كنت في البداية أرسم وأنتهي من الرسم وأخطئ في شيء بسيط، واضطر حينها للبدء من جديد”.

صناعات تقليدية

توظيف إبداعي "للفخار" في اليمن

يشتري الكثير من الناس مقتنيات الفخار بأشكالها المتعددة إما للاستخدامات المنزلية كأوانٍ الطعام أو الماء أو كهدايا، والبعض يحتفظ بها كتحفة منزلية.

وتقول يسرى علي، وهي إحدى المعجبات بمشروع الرسم على الفخار: “انجذابنا للفخار هو جزء من تراثنا تربينا عليه، عرفناه منذ القدم”.

ولفتت يسرى بقولها: “الطين مرتبط بنا ارتباطًا وثيقًا، وهذا المشروع تناسب مع احتياجاتنا في الزمن الذي نعيش فيه وأسلوب الحياة بإضافة الفن لأسلوب حياتنا ومقتنياتنا”.

ويبلغ عدد المنشآت العاملة في مجال صناعة الفخار التي تعد من الصناعات التقليدية في اليمن، نحو 107 منشآت في صنعاء وذمار وإب والحديدة، بحسب تقرير صادر عن هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية.

إقرأ أيضاً  ضحايا الابتزاز الإلكتروني من الفتيات

وبحسب دراسة نُشرت في مجلة “الثقافة الشعبية”، ساعد تواجد الطين بكميات كبيرة ومتنوعة، في ظهور هذه الصناعة، حيث يوجد في اليمن أنواع جيدة من التربة الرسوبية والبركانية.

ومازالت مناطق عديدة من اليمن بحاجة إلى الدراسة والتنقيب أكثر، وبخاصة في مناطق عديدة من اليمن مثل حضرموت وسقطرى وتعز وإب، وفي مناطق زبيد وبيت الفقيه وحيس في الحديدة، والتي يعتقد أنها أقدم مناطق اليمن في إنتاج الفخار، والتي مازالت تنتج أجود أنواع الفخار إلى وقتنا الحاضر.

طهي الطعام في الفخار

وتشتهر اليمن بالأكلات الشعبية، التي تستخدم أواني الفخار في طهيها، مثل اللحوم بأنواعها، حيث تصنع لها أفران من الفخار، وبخاصة “الحنيذ”، “المظبي” و”المندي” الذي اشتهرت به حضرموت، كما يستخدم التنور الفخاري، لصناعة الخبز اليمني الشهير، ويكثر استخدامه في القرى، ويشعل بالحطب المتوفر في الجبال، كما تطبخ وتقرب الكثير من الوجبات اليمنية بالأواني الفخارية، مثل العصيدة بأنواعها والسلتة والفحسة والزوم والفول والفاصوليا والفتة، كما تستخدم أواني الفخار في حفظ مياه الشرب.

وأشهر الأدوات التي تصنع من الفخار في حضرموت، هي “الموفى”، “الأزيار” و”الجحال” وهي جرار مختلفة الأحجام تستخدم لحفظ الماء والتمور والعسل، كما تصنع أوانٍ من الفخار، لتكون فيها النحل العسل، ويعتبر العسل الدوعني المنتج من أطباق الفخار، من أجود أنواع العسل في العالم، كما تصنع في حضرموت “المحاميص”، وهي المقلاة الخزفية التي تستخدم لتحميص البن، وأيضًا تصنع “الميازيب” التي تستخدم في أسطح المنازل لتصريف مياه الأمطار، وتسمى “مراعيض”، وتصنع أباريق إعداد القهوة والفناجين.

وتصنع في سُقطرى العديد من الأواني الفخارية، التي تستخدم لحفظ المياه العذبة، ولصناعة الخبز وطهي الطعام والسمك، وكذلك تصنع المجامر والمباخر وأواني حفظ الطعام وأكواب الشرب والتذكارات السياحية التي تلون بألوان شجرة دم الأخوين.

وتطمح ندى المتوكل إلى أن يصبح مشروعها ذا طابع محلي كبير وصولًا للعالمية بشكل أوسع، وتحاول جاهدة أن يكون إنتاجها بشكل أكبر وأوسع، ولأن بعض أدواتها التي تستخدمها في الرسم والصناعة تأتي من خارج اليمن، وذلك يحد من سرعة إنتاجها، كما أن مراحل الصناعة تحتاج لوقت طويل حتى تصبح جاهزة، كما تقول.

مقالات مشابهة