المشاهد نت

موقع الشباب في مفاوضات السلام اليمنية

لا يزال صوت الشباب مغيبا في حوارات بناء السلام في اليمن

صنعاء ـ سحر علوان

للشباب في اليمن دور حيوي في التنمية، من خلال إسهاماتهم في مختلف ميادين العمل الحرفي أو التقني أو غيرها من المهارات المتعددة، وتمثل مخرجات التعليم الجامعي للشباب رقمًا كبيرًا بمختلف التخصصات، وهو ما يجعل من وجودهم في مختلف ميادين العمل يشكل نسبة كبيرة، لكن تبقى المشكلة في سياسة الأنظمة والحكومات المتعاقبة في اليمن، التي لم تمنح أو تتيح دورًا للشباب في إدارة القرار ورسم السياسات للدولة، بتولي مناصب إدارية تتيح للشباب صنع قرار سياسي أو إداري.

ظل تغييب الشباب عن تولي ملفات جديدة حاضرًا حتى فيما بعد تنحي الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح بسبب ثورة الشباب، وعلى الرغم من دورهم الكبير في التغيير، لم يصبح حضورهم واسعًا في إدارة البلد، الأمر نفسه حتى بعد اندلاع الحرب وتبني خيار السلام من قبل الأمم المتحدة، من خلال المفاوضات المتعددة بين الحكومة وجماعة الحوثي (أنصار الله).

الشباب ومسار المفاوضات

تقول المديرة التنفيذية لمؤسسة شباب سبأ، عُلا الأغبري، إن نسبة حضور الشباب ودورهم في مسار التفاوض والسلام تختلف وفقًا للفترة الزمنية ما بين 2011 وحتى 2022، ففي العام 2011 دخلت اليمن في مرحلة أزمة وصراع، وكان حضور الشباب فاعلًا، حيث شاركوا بنسبة كبيرة جدًا تصل إلى 40%، إضافة للنساء والمجتمع المدني، مؤكدة أن ذلك كان بوجود المبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن، جمال بن عمر، والذي سعى بشدة لإشراك الشباب في المفاوضات وفي طاولة الحوار الوطني، وتم توزيع الشباب على كل القضايا آنذاك.

وتوضح الأغبري: “في الفترة التي تلت الحرب، أي ما بعد 2015، تم إقصاء الشباب عن طاولة المفاوضات بشكل كبير، خاصة في الحكومة الشرعية مقارنة بحكومة صنعاء أو ما تسمى بحكومة جماعة الحوثي، والتي أشركت الشباب في العمل السياسي والمفاوضات”.

غياب الشباب في المفاوضات

وتشير الأغبري إلى أن لتغييب وإقصاء الشباب عن المفاوضات أثر واضح، وأن وجود الشباب كان سيحدث فارقًا كبيرًا في مناقشة قضايا مهمة ومؤثرة، حيث تقول: “لو كانت أتيحت الفرصة لحضور الشباب المؤهلين في طاولة المفاوضات، المسار الأول، كان سيتم إثارة قضايا مهمة للمواطن، مثل قضية العملة والبطالة، ولكن للأسف تدور المفاوضات حاليًا حول ميناء الحديدة، مطار صنعاء، والمشتقات النفطية، وهي قضايا ومصالح عليا لها أهمية لأطراف الصراع ومصالحها وإثبات وجودها على الأرض، بعيدًا عن أي صوت في طاولة المفاوضات لقضايا المواطنين أو الناس”.

وبحسب الأغبري، فإنه في العام 2012، حين كان الشباب مشاركين في طاولة الحوار الوطني، ومعهم النساء والمجتمع المدني، وهي الفئة أو الجماعة الغير مسلحة في اليمن، كان لحضورهم تأثير قوي في تغيير القرارات، ومنها مخرجات الحوار الوطني، حيث كان لوجود الشباب دور فاعل في تغيير الكثير من القرارات الاجتماعية المختلفة.

إقرأ أيضاً  رغم العروض المغرية.. «الخضروات» بعيدة عن متناول الناس بصنعاء

مشاركات شبابية فاعلة

وعلى الرغم من غياب الشباب عن المشاركة السياسية في المفاوضات والمشاورات المتعلقة بالسلام في اليمن منذ بدء الحرب وحتى الآن، إلا أن حضورهم ودورهم في صناعة السلام على الأرض كان واسعًا وواضحًا وفاعلًا، من خلال الكثير من الأنشطة والأعمال المجتمعية ضمن مشاريع أداروها بنجاح، وساهمت في تعزيز السلام في اليمن، وهو ما أكدته رئيسة منظمة مدرسة السلام، لمياء الإرياني.

تتحدث الإرياني عن منظمتها باعتبارها واحدة من المنظمات التي اهتمت بتمكين الشباب وإشراكهم في بناء السلام، وقامت بتنفيذ مشروع توطين القرار الأممي 2050 الخاص بالشباب والأمن في العام في 2017م، مع منظمة بلا حدود ومؤسسة من أجل الجميع، وبتمويل من صندوق الأمم المتحدة للسكان.

وتضيف: “قامت المنظمة بعمل دليل لتعزيز أدوار النساء والشباب في بناء السلام والأمن في محافظة شبوة، وتشكيل مبادرات شبابية تم تدريبهم على الدليل، ومنحها منحًا مالية لتنفيذ أنشطة دعم السلام في المحافظة”.

هل تؤمن أطراف الصراع بدور الشباب في المفاوضات؟

“لم يكن للشباب حضور واسع ومؤثر في كافة عمليات بناء السلام، لأن أطراف الصراع تؤمن بأن قرار وقف الحرب لا بد وأن يكون قرارًا عسكريًا، ولا تؤمن بوجود النساء والشباب ومنظمات المجتمع المدني على طاولة التفاوض”، يقول الاستشاري في مجال السلام والأمن، وليد عبدالحفيظ.

ويضيف: “هذا ما يجعل هناك صعوبة في وجود إشراف حقيقي للطبقة المدنية من الشباب والنساء ومنظمات المجتمع المدني”.

ويؤكد عبدالحفيظ على عدم وجود خيار للشباب في هذه الحالة، من أجل أن يكون لهم حضور حقيقي، إلا بممارسة ضغوطهم، وعمل حملات مناصرة وأنشطة على الأرض، وإصدار بيانات، وتفعيل وسائل التواصل الاجتماعي للضغط على الدول الراعية للسلام.

الحضور الفعلي للشباب 

لضمان الحضور الفعلي للشباب في المفاوضات، ينبغي الضغط على مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن ليكون هناك إشراك حقيقي للشباب، عبر تسمية لجنة استشارية من الشباب لمكتب المبعوث، والضغط على أطراف الصراع والدول الراعية للسلام لضمان أن تكون هناك نسبة من وفود التفاوض مكونة من الشباب، بحسب وليد عبدالحفيظ.

ويقول عبدالحفيظ إن على منظمات المجتمع المدني الشبابية أن تقوم بتنظيم فعاليات أو منتديات أو مفاوضات موازية من الشباب، مع عقد أي مفاوضات فعلية، بحيث تكون المفاوضات الموازية الشبابية – سواء من أطراف الصراع، أو من شباب يمثلون توجهات سياسية ومدنية – تسبق المفاوضات الفعلية، وترفع بمخرجاتها وتوصياتها إلى المبعوث الأممي إلى اليمن، لعرضها في جدول المفاوضات.

ويختم كلامه بالقول: “لا بد أن يتم تفعيل المبادرات الشبابية المجتمعية، ومنظمات المجتمع المدني، لإنشاء تحالفات وشبكات بين المنظمات والمبادرات الشبابية، لتعمل من أجل أن يكون هناك ضغط لتحقيق السلام الدائم والشامل والمستدام”.

مقالات مشابهة