المشاهد نت

كيف تدافع الأغنية الوطنية عن الجمهورية والوحدة؟

الاغنية اليمنية - تعبيرية

تعز – لؤي سلطان :

تبتهج الجماهير عندما تسمع الأناشيد والأغاني الوطنية التي تعبر عنهم، وتهتم بتطلعاتهم. الأغنية أو الأنشودة هي القوة الناعمة التي تستطيع حشد الالآف، وإقناعهم بالانضمام إلى الثورات والحركات السياسية.
في اليمن، استطاعت الأناشيد الوطنية والكلمات الثورية أن تسهم في إيقاظ الجماهير، ودفعتهم إلى الانخراط في الكفاح المسلح كما حدث في تورتي 26 سبتمر 1962 شمالي اليمن ضد الحكم الإمامي، و14 أكتوبر جنوبي اليمن ضد الاستعمار البريطاني.
يلجأ الثوار إلى استخدام السلاح لتحقيق أهدافهم، ويساعدهم الفنانون في فعل ذلك من خلال الأغاني والأناشيد الثورية التي تثير حماس الناس. وعندما يحاول السياسيون تحقيق أهداف سياسة وطنية، يستطيع الفنان أيضًا أن يؤثر على الجمهور في سبيل تحقيق تلك الأهداف.
بعد مرور ستة عقود منذ اندلاع ثورة سبتمبر في اليمن الشمالي، مازال الفنان علي الآنسي رمزًا من رموز الثورة التي سحقت الإمامة آنذاك. الفنان أيوب طارش أيضًا تغنى بالثورة والوحدة، ولاتزال أغانيه خالدة في قلوب الجماهير التي تفخر بالثورة، وتقدّس الوحدة اليمنية.

ظهور الأناشيد الثورية

عماد ربوان، باحث في التاريخ اليمني، يقول لـ”المشاهد” إن ظهور الأناشيد الثورية تاريخيًا يعود إلى نور بنت العفيف التي ظهرت في يافع ضد الدولة القاسمية، وقادت حركة ثورية بدأتها في محاولة منها لتجمع الناس ضد الدولة القاسمية.
استخدمت العفيف الطبل لكي تجمع الناس حولها في منطقة بيحان ومنطقة نعمان الواقعة بين مدينة البيضاء ويافع، وكان الطبل عاملًا أساسيًا في انطلاق حركتها الثورية، بحسب ربوان.
ويضيف: “لم يكن ظهور الأغاني الثورية والشعر الثوري في ثورتي سبتمبر وأكتوبر حدثًا جديدًا في اليمن، والحقيقة أن النضال الثوري باستخدام الشعر والأناشيد له تاريخ طويل في اليمن”.

أناشيد الثورة والوحدة

جاء إعلان الوحدة اليمنية يوم 22 مايو 1990 كنقطة الضوء التي أنارت اليمن شمالها وجنوبها. انبثقت العديد من الأغاني والأناشيد التي تشجع الوحدة وتفاخر بها، وانطلق الشعراء في نظم القصائد عن ذلك الحدت التاريخي.
الحارث الثلايا، ناشط سياسي، في حديثه لـ”المشاهد”: “لعبت الأغنية الوطنية دورًا هامًا في حشد الشعب اليمني، ودفعهم إلى الالتفاف حول الجمهورية والوحدة. عندما نذكر “ثورة السادس والعشرين من سبتمبر”، نشعر بعظمتها كمنجز تاريخي كبير. أسهمت الأغنية الوطنية أيضًا في نشر ثقافة الثورة ومحاربة الثقاقة الإمامية، كون كلمات تلك الأغاني كانت تمجد البلاد لا الأشخاص، ودعت للتحرر والمساوة والعلم”.
يشير الثلايا إلى أن الإمام لم يهتم بالأغنية كثيرًا، واهتم فقط بالزوامل الشعبية، حيث كانت كلماتها تمجد شخص الإمام، وتدعو إلى السلالية، وتغذي الوجدان بالعنصرية والتميز العرقي، ولم تكن تدعو إلى العدل والمساواة والعلم والحرية.
محمد المقبلي، الكاتب والناشط السياسي، يرى أن الأغنية الوطنية مثلت إحدى الروافع الأساسية لثورتي سبتمبر وأكتوبر، وكانت جنبًا إلى جنب مع المدفع والقلم، وكانت أحد عوامل نجاح الثورة الجمهورية.
ويضيف المقبلي: “شكلت أغنية “جمهورية من قرح يقرح” إحدى وسائل انتشار الجمهورية في كل المناطق اليمنية، وذلك بما حملت من طابع الأهازيج التي تلامس الوجدان. استطاعت الأغنية تعزيز قيم الجمهورية، وكانت المغذي الرئيسي لها”.
ويتابع: “لهذا، تعد الأغنية الوطنية في اليمن فنارًا وطنيًا يضيء أعماق الأحرار من أبناء الشعب نحو الهدف الأسمى “حرية الشعب” وتطوره وحكم نفسه بنفسه من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة”.
محمد العلائي، باحث سياسي، يرى أن الأغنية الوطنية في الزمن الجمهوري أسهمت في دفع الشعب لاعتناق معايير جديدة للصوابية السياسية التي تعتمد على العقل والتجربة والمصلحة العامة على النطاق اليمني، لا بالانتماء الديني ولا بالمذهب.
اليوم، لم تعد الوحدة التي تحققت عام 1990 قوية كما كانت، بل تزيد ضعفًا باستمرار، ولم تعد الجمهورية في صنعاء قائمة بعد أن سقطت عام 2014 و2015. تستطيع الأناشيد والأغاني الوطنية تذكير الشعب بالثورة والوحدة اللتين تقعان في انتكاسة خطيرة في الوقت الحاضر.

مقالات مشابهة