المشاهد نت

انقسام وحراك حضرمي مناوئ للمجلس الانتقالي

صورة أرشيفية لإحدى التظاهرات الداعية لانفصال حضرموت - ديسمبر 2022

حضرموت – وليد التميمي

حرب إعلام يمنية جنوبية حضرمية، بدأت تشتعل في وادي حضرموت، معززة الانقسام القبلي والاجتماعي في المحافظة الأكبر مساحة في الجمهورية اليمنية.  فبعد إزاحة أنصار الحراك الجنوبي أعلام اليمن الموحد من منصات الأعمدة وبعض المقار والمؤسسات الحكومية، ورفع أعلام الدولة الجنوبية السابقة مع تصعيد ضغطهم الشعبي لإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من الوادي واستبدالها بقوات محلية، رد خصومهم بإعلان ما تسمى دولة حضرموت، وشن حملة إنزال أعلام الدولة الجنوبية ورفع أعلام الدولة الحضرمية مكانها، بحماية مسلحين قبليين.

كما شهدت مدينة سيئون، مقر المنطقة العسكرية الأولى للقوات الحكومية، مسيرة جماهيرية في 20 ديسمبر جابت شوارع المدينة ورافعة “أعلام حضرموت”.

تبادل الفعاليات في المحافظة يفتح  الأبواب على مصراعيها لاحتمال جر حضرموت إلى صراع دامٍ كما جرى في محافظة شبوة المجاورة في أكثر من موجة بين قوات المجلس الانتقالي والقوات الحكومية.

“المشاهد” يستطلع جذور الخلافات في حضرموت من خلال الحديث مع  قيادات من مختلف القوى المتصادمة، في محاولة قراءة عناوين الحاضر واستشراف المستقبل.

نشاط الانتقالي في وادي حضرموت

البداية مع الصحفي خالد الكثيري، المقرب من الحراك الجنوبي، والذي قال: يبدو أن الأحزاب اليمنية استشعرت خطورة الموقف حينما وجدت حاضنتها القبلية والاجتماعية في حضرموت على وشك الانفلات عنها والالتفاف حول قيادة المجلس الانتقالي الذي افتتح فروعه في أقصى المديريات الصحراوية شرق وشمال صحراء حضرموت، مع تنامي التصعيد الثوري في مناطق الوادي القابعة تحت نير قوات المنطقة العسكرية الأولى.

وتابع: حاولت الأحزاب اليمنية في حضرموت، تخفيف الضغط على المنطقة العسكرية الأولى، بخلق قضية من العدم، بإطلاق ما عرف باليوم الوطني الحضرمي، لتعطيل مشروع استعادة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كانت عضوًا في الأمم المتحدة حتى دخولها في العام ١٩٩٠ بمشروع الوحدة مع دولة الجمهورية العربية اليمنية.

مطالب حراك حضرموت

من جهته، اعتبر الأمين العام المساعد لمرجعية قبائل حضرموت، الناطق الرسمي باسم تدشين يوم حضرموت الوطني، الشيخ سلطان التميمي، أن “حالة من اليأس التي يعيشها الشارع الحضرمي من مستقبل الدولة الاتحادية، بخاصة مع سيطرة الميليشيات الحوثية على جزء كبير من الشمال، ورغبة القوى في الجنوب بجعل حضرموت جزءًا من مشروعها، أجبرت الشارع الحضرمي على تبني خيار المطالبة بدولة حضرمية تنأى بنفسها عن الصراعات والأطماع”.

وقال التميمي: كمكونات حضرمية قبلية وسياسية أعلنت سابقًا أنها إذا قامت دولة اتحادية فحضرموت إقليم بكامل السيادة، وإذا كانت التسوية النهائية دولا فحضرموت لن تكون إلا دولة.

لكن هناك من يرى أن التميمي نسي أنه ترحم على مشروع الدولة الاتحادية، وأن التسوية السياسية مستبعدة، مع ذلك قفزوا بمشروعهم إلى مربع اعتبره البعض تمردًا على المجلس الرئاسي، وهي الفكرة التي عارضها قائلًا: “لا يعتبر هذا الإعلان تمردًا على مجلس الرئاسة الذي يرفع بعض أعضائه علمًا آخر غير علم الدولة، ويطالبون بالانفصال علانية عن الدولة الحالية”.

ورأى أن “حضرموت على موعد مع حراك شعبي متزايد لن يقف حتى يحقق آمال وتطلعات أبناء حضرموت، في الندية والسيادة على الأرض والثروة”.

إقرأ أيضاً  وفاة وإصابة 16 شخصًا بحادث مروري في ريمة

وألمح التميمي إلى وجود داعم خارجي للقضية الحضرمية، دون أن يسميه، وإنما اكتفى بتوصيفه بالقوى الإقليمية التي ترغب أن تكون حضرموت بعيدة عن الصراعات والطيش السياسي من قبل خصومها.

ثم استدرك قائلًا: المملكة العربية السعودية لن تسمح بالعبث والنزوات السياسية وتهديد استقرار حضرموت، وهي العمق الجغرافي لها بحدود مشتركة بأكثر من ٧٠٠ كيلومتر.

وأوضح أن الحراك الحضرمي يطالب بتمكين أبناء حضرموت عسكريًا وإحلالهم بديلًا عن القوات غير الحضرمية في المنطقة العسكرية الأولى ولواء بارشيد، وهو لن يتصادم إلا مع من أتاه غازيًا من خارج حدود حضرموت تحت أية حجة أو عذر.

دعم الفوضى في الجنوب

مدير الإدارة الإعلامية بالهيئة التنفيذية المساعدة للوادي والصحراء أمجد يسلم صبيح، قال إن إعلان ما يسمى قيام دولة حضرموت مجرد زوبعة  وإعلان تمرد على المجلس الرئاسي.

واعترض صبيح على مقارنة إعلان دولة حضرموت بإعلان الإدارة الذاتية في عدن والجنوب، لأنه وصفها كتجربة في سبيل استعادة الدولة التي تكون فيها حضرموت جزءًا مهمًا تتمتع بكل حقوقها في دولة فيدرالية.

وقال: الداعم لإعلان ما تسمى دولة حضرموت هو نفسه الذي يدعم المنطقة العسكرية الأولى، وينشر الفوضى في مدن الجنوب، هو نفسه الذي أسقط شبوة سابقًا، ويريد الآن إسقاط مدن ساحل حضرموت في الفوضى، ولا يريد تجربة النخبة الحضرمية أن تتكرر في مدن وادي حضرموت، وهو الذي يهدد بقتل كل مطالب بتحرير وادي حضرموت ومن مع الانتقالي.

وثيقة الأمن والاستقرار

الناطق الرسمي لمؤتمر حضرموت الجامع، صلاح بوعابس، قال في حديث لـ”المشاهد”: “إننا مع كل ما يحفظ أمن واستقرار  حضرموت، وتجنب ويلات الصراع والفوضى. وقد نصت مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع على أن يكون لأبناء حضرموت الحق في إدارة شؤونهم الإدارية والاقتصادية والعسكرية والأمنية”.

وشدد بوعابس: نحن لسنا مع من يريد أن يفرض رأيه وأجنداته على الحضارم، الذين أصبحت جبهتهم الداخلية أكثر تماسكًا وقوة.. يجمعهم ما توافقوا عليه في أن تكون حضرموت إقليمًا في أية تسوية مقبلة.

وأوضح أن مؤتمر حضرموت الجامع بادر من خلال مكتبه في الوادي والصحراء بإعلان “وثيقة وادي حضرموت للأمن والاستقرار” التي توافقت عليها جميع القوى والأحزاب السياسية في الوادي والصحراء، لإزالة أسباب التوتر الأمني والعسكري، معتبرًا أن أية محاولات لجر حضرموت إلى مستنقع الصراعات والاقتتال ستفشل، لأن الحضارم يتميزون عن غيرهم بالوعي والقيم الرفيعة والالتزام بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.

أين المجلس الرئاسي؟

الباحث في مجال الصراعات وبناء السلام نبهان عبدالله بن نبهان، اعتبر أن “عدم وجود مشروع واضح للمجلس الرئاسي، فاقم الخلافات بداخله، وأوجد مشروعات سياسية متصادمة”، ورأى أن “تطورها إلى اشتباكات عسكرية مستبعد في حضرموت حالياً، وأن التحالف حريص على ضبط ترمومتر الاحتقان الذي يغذيه الإعلام ترجمة لصراع نفوذ ليس في حضرموت، وإنما في البلاد ككل منذ 2015، ومن يهيجها هم رموز في قوى تقليدية مفضوحة ومرتبطة بقيادات مسيطرة على عائدات النفط وآباره”.

مقالات مشابهة