المشاهد نت

60% من النساء لا يفضلن الحديث عن “الذكورة الإيجابية”

استبيان: 58% من النساء في اليمن يخفين صفات الذكورة الإيجابية في أقاربهن الذكور خوفا من المجتمع

تعز – منيرة أحمد الطيار

لم يستطع طه تمالك نفسه من الذهول الذي أصابه حينما سمع بالصدفة زوجته تهاتف أحد قريباتها وتخبرها بأن زوجها سيئ ولا يعاملها بشكل جيد، وأن الرجال كلهم سواسية، وعندما واجهها كان ردها: خشيت الحسد، لذا لم أتحدث بالحقيقة.

ليس طه وحده من يواجه هذه المشكلة. العديد من الرجال اليمنيين يسعون لأن يكونوا لنسائهم داعمين ومساندين، إلا أن غالبية النساء اليمنيات يخشين الحديث عن الصفات الجيدة في ذكورهن، تحت مبررات عدة، كالحسد، ونظرة المجتمع، والتخوف من أن تعجب بهم أخريات.

ما إن تلتقي اليمنيات في مجلس عرس أو تجمع لحفلة مولود جديد، حتى تبدأ كل واحدة بالحديث عن سلبيات زوجها أو ذكور عائلتها، وتصورهم وحوشًا حتى وإن كانوا عكس ذلك.

عزيزة (40 عامًا) لديها ولدان أحدهما دكتور والآخر مهندس، ما إن تذهب لأية مناسبة حتى تبدأ بسرد معاناتها من ابنيها، على الرغم من أنهما يساعدانها بأعمال المنزل، ولديهما أدوار داعمة لشقيقاتهما الإناث.

توقن عزيزة أن الحديث عن الصفات الجيدة لأبنائها الذكور يجعلهم في المجتمع أقل شأنًا، وأن ذلك ينتقص من رجولتهم التي ينبغي أن تكون مليئة بالتسلط والتهكم على نساء العائلة.

تتفق معها أسماء التي كانت تشكو لأسرتها سوء معاملة زوجها، وأنه لا يترك لها مجالًا لاستقبال صديقاتها أو الخروج من المنزل، وعند مواجهة زوجها من قبل شقيقها الأصغر، تبين أن الحقيقة عكس ذلك، وأنها تخشى على نفسها وزوجها من الحسد من أخواتها وزوجات أشقائها، الأمر الذي أثار دهشة زوجها وشقيقها كيف تفكر النساء.

الإعلامية مروى العريقي، في حديث لـ”المشاهد”، ترى أن الموروث الثقافي في اليمن والمجتمعات العربية بشكل عام يُعد بيئة خصبة لتوارث وغرس مفاهيم خاطئة أحدثت فجوة كبيرة بين الرجل والمرأة.

تقول العريقي: “نجد نماذج قليلة تؤدي أدوارًا إيجابية، وسرعان ما تصطدم بالمجتمع الذي بدوره لا يتقبل هذه الأدوار على الرجل، فنجد التنمر على الرجل الذي يساعد زوجته في المنزل من قبل أصدقائه، ونجد السخط من قبل والدته والتذمر على زوجته من قبل زوجات إخوته… وهكذا”.

الأخصائي النفسي صخر طه، في حديث لـ”المشاهد”، فسر تلك الحالة التي تراود النساء بأنها حالة من الوسواس والخوف من أن تتم سرقة أزواجهن أو أحد أقاربهن إن تحدثن عن صفاتهم الإيجابية، لأن المرأة اللواتي يتعمدن إخفاء الحقيقة وعكس صورة سيئة لذكور عائلتها، هي امرأة تعاني من نقص في الثقة، وتحاول أن تجعل نفسها دائمًا ضحية، وتعيش دور المظلوم، حسب طه.

إقرأ أيضاً  زيارة الريئس العليمي لمأرب.. رسائل سياسية وعسكرية

عبدالباقي شمسان، أخصائي علم اجتماع، في حديث لـ”المشاهد”، يرى أن المرأة لديها طبيعة تختلف عن الرجل من حيث الحديث، فعند لقاء المرأة مع صديقاتها وبنات جنسها تكون عاطفية، وأحيانًا تنقل المشاكل التي تواجهها في الحياة مع الرجل سواء أكان شريكها أو أشقاءها الذكور، فتتحدث بعاطفة، فأحيانًا تكون مستاءة منهم، فتذهب للحديث عنهم بكل حزن ومشاعر سلبية، أما وقت فرحها فهو العكس تعتمد على مشاعرها بمبرر الفضفضة.

ويضيف شمسان: “عادات المجتمع اليمني أسهمت بإظهار الرجل معتليًا هرم السلطة الذكورية، وأن الحديث عنه بدعم لنسائه هو انتقاص له ولمكانته”.

مفهوم “الذكورة الإيجابية”

تحمل الذكورية الإيجابية عددًا من المعاني التي تناهض المفهوم الخاطئ للرجولة، ما يفاقم العنف ضد النساء، حيث تتمثل الرجولة بالمواقف المشرفة والأخلاق العالية واحتواء المرأة ومساندتها والأخذ بيدها لطريق النجاح، وتناهض العلاقات التي تقوم على الهيمنة والتبعية بين الرجال والنساء وبين الرجال أنفسهم والنساء أنفسهن.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن “الذكورة الإيجابية نهج مبتكر يُشرك الرجال، ويجعلهم حلفاء في الجهود المبذولة لتعزيز المساواة بين الجنسين ومنع العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي”.

وبعبارة أوضح، فإن الذكورة الإيجابية تعني مجموعة من السلوكيات التي يقوم بها الرجل تعزز من المساواة بين الجنسين.

بحسب استبيان شمل عينة من 150 شخصًا (100 منهم من الإناث و50 من الذكور)، أجرته معدة هذا التقرير إلكترونيًا، حول الذكورية الإيجابية وأسباب اختفائها في المجتمع اليمني، فقد أظهرت النتائج أن 63% لم يسمعوا بمصطلح “الذكورية الإيجابية” من قبل.

وبينت نتائج الاستبيان أن نسبة اللواتي يخشين معرفة صديقاتهن ومحيطهن اتصاف أفراد أسرتهن الذكور بصفات إيجابية، بلغت 56%، بينما اللواتي فضلن الحديث والإفصاح ويفتخرن لا يتجاوزن 44%.

الخوف من المجتمع

وأوضح الاستبيان أسباب إخفاء النساء للصفات الذكورية الجيدة في أقاربهن الذكور خوفًا من المجتمع، إذ بلغت 58%، والخوف من التنمر 22%، بينما المرض النفسي 3%. أما الخوف من الحسد فقد حصد 22%، بحسب رأي المشاركين في الاستبيان، في حين أظهرت أن 54% منهم لا يتصفون بالذكورية الإيجابية القائمة على مساندة المرأة.

ويظهر الاستبيان حاجة النساء إلى التحلي بالشجاعة وتعزيز إظهار الصفات الذكورية الإيجابية لتشجيع الرجل على مساندتها وتقديم العون لها دون الخوف من المجتمع وأحكامه البدائية المشجعة على حجب الحقائق الجيدة.

مقالات مشابهة