المشاهد نت

الطاقة الشمسية في اليمن.. خيار فرضته الحرب

فتحية معوض تقدم درساً في الفيزياء باستخدام المجهر الذي يعمل بالطاقة الشمسية في مديرية بني الحارث-صنعاء-البنك الدولي

عدن – عبدالله حيدرة

يتجه العالم، كل يوم، أكثر، نحو الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، كالرياح والشمس. في اليمن، صعّبت الحرب الدائرة منذ نحو ثمانية أعوام، الحصول على الوقود، لكنها بالمقابل زادت من اعتماد اليمنيين على الطاقة البديلة، خصوصًا الطاقة الشمسية.
بدأ اعتماد المواطنين في اليمن على الطاقة الشمسية، حين تكررت انقطاعات الكهرباء الحكومية أثناء الاحتجاجات ضد حكم الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، في ٢٠١١ وما بعدها.

عند بدء الصراع الحالي، مطلع 2015، انقطعت الكهرباء الحكومية بشكل كامل، فتحول أغلب المواطنين إلى المولدات الخاصة، إلا أن تكاليفها ونقص الوقود المتكرر، جعلهم يلجؤون للطاقة الشمسية كبديل إجباري، لإنارة منازلهم.

فبلغ حجم الإنتاج منها 400 ميجا وات، نهاية 2015، وارتفع إلى 500 ميغا وات في 2017، بنسبة استخدام وصلت %75 في المناطق الحضرية، و50% في الريف، بحسب ورقة بحثية لبرنامج التنمية والطاقة، نشر في 2019.

استخدام الأسر اليمنية للطاقة الشمسية أوجد سوقًا محلية وطلبًا متزايدًا. فقد أنفقت الأسر اليمنية، بحسب تقديرات الورقة البحثية، ما بين مليار وملياري دولار أمريكي، على شراء منظومات الطاقة الشمسية، بين 2014 و2016.


استخدام متعدد


الطاقة الشمسية في اليمن.. خيار فرضته الحرب
طلاب في  معمل الحاسوب في مدرسة بارشيد، محافظة حضرموت حيث تم توفير الكهرباء بالمدرسة ضمن المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء في اليمن- تصوير البنك الدولي


استخدام الطاقة الشمسية لم يقتصر على المنازل فقط، بل توسع لقطاعات أخرى، أهمها المياه، الزراعة، التعليم، الصحة، المصانع والشركات الخاصة، خصوصًا بعد خروج الكثير من محطات الكهرباء عن الخدمة في أغلب المحافظات.
فمع صباح كل يوم يستعد المزارع مبروك مجيب، 21 عامًا، لبدء نشاطه الزراعي في مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، بتشغيل مضخة بئره الارتوازية التي تعتمد على ألواح الطاقة الشمسية التي اشتراها قبل أشهر، بتكلفة ٣٣ ألف دولار.
ويقول مبروك إن الدافع لشرائها كان ارتفاع سعر الديزل وانعدامه لضخ المياه الجوفية من الآبار. ويضيف أنه منذ تحويله النظام إلى الطاقة الشمسية، يشعر بالراحة، وليس هناك أعباء مقارنة بنظام الديزل السابق؛ إذ تضخ ماكينته بالدقيقة الواحدة من ٢٠٠ إلى ٣٠٠ لتر مكعب من المياه.
في قطاع التعليم، بلغت نسبة المدارس التي تستخدم الطاقة الشمسية ١٠% في ٢٠١٦، ومولت اليونيسف ١٠٠ مدرسة من أصل ٣٧٠ في أمانة العاصمة، في العام نفسه، وفقًا لتقرير لوزارة التربية والتعليم في حكومة صنعاء غير المعترف بها، صدر عام ٢٠١٦.
ووفقًا لتقرير نشره البنك الدولي في يوليو الماضي، موّلت ست مؤسسات للتمويل الأصغر، مشروعًا استفاد منه ما مجموعه نحو 92 ألف أسرة في المناطق الريفية وأطراف المدن، 21% من الأسر المستفيدة، أسر تعولها نساء، ودعم المشروع ٥١٧ منشأة حيوية، شملت ٢٣٤ مدرسة، و٢٢٠ مركزًا صحيًا، و٢٣ وحدة عَزْل من فيروس کورونا، و٤٠ بئرًا للمياه. ووصل إجمالي الطاقة التي تم تركيبها إلى ٦٤٥ ميجا وات في ساعات الذروة.

أسواق وتنافس

إقرأ أيضاً  حالات جديدة للكوليرا في اليمن في 2024



تأتي معظم مكونات أنظمة الطاقة الشمسية إلى اليمن من ألواح، بطاريات والأسلاك الكهربائية من الصين والهند، حسب دراسة نشرت في مايو 2022 لمنظمة فريدريتش الألمانية عن التحول المستدام لنظام الطاقة اليمني.

تتم بعض صفقات الاستيراد في دبي بدولة الإمارات، فغالبًا ما يكون للجهات المصنعة مكتب تمثيلي فيها، ثم تشحن برًا لتوفير ٤٠ يومًا من زمن التسليم الذي تؤخره قيود الاستيراد المفروضة على اليمن من خلال الموانئ، والتي تتطلب من السفن التوجه إلى جيبوتي للخضوع لعمليات التفتيش، حسب تقرير تقييم حالة أنظمة الطاقة الشمسية في اليمن الذي تم نشره في مايو 2017.
وتجري عملية الاستيراد إما بالاتصال المباشر بين الجهة المنتجة والمستورد المحلي، وإما من خلال مكاتب تجارية (يديرها يمنيون غالبًا) مقرها في البلدان المصدرة، وتحديدًا الصين، حسب المصدر السابق. ويقول التقرير  أن دور هذه المكاتب  يتمثل في مساعدة المستوردين على ترتيب الصفقة و شحن البضائع إلى اليمن، ونظرًا لنقص النقد الأجنبي، وتزايد تكاليف النقل، فقد بدّل مستثمرون كثيرون نشاطهم من الاستيراد إلى تجارة التجزئة.

معوقات

رغم الارتفاع في استخدام الطاقة الشمسية، فإن معوقات كثيرة تبرز أمام التوسع والاستثمار فيها، أهمها ضعف الجانب التقني لدى كثير من المواطنين بطريقة استخدامها، فيما يشكو المواطنون تكاليفها التي يصل متوسط سعرها ١٥٠ دولارًا لمنظومة لوح وبطارية بقدرة إنتاجية تنتج ١٠٠ وات.

يعد احتكار استيراد معدات منظومات الطاقة الشمسية، أحد المعوقات، فيعد السوق في هذا القطاع شبه احتكاري، حسب دراسة برنامج التنمية والطاقة عن الطاقة الشمسية في اليمن، يناير 2019.

وتقول الدراسة نفسها: “أبلغ مراقبون للوضع عن علامات تدل على اتفاقات مباشرة لتوحيد الأسعار بين المستوردين. فغالبًا ما تكون أسعار الجملة أعلى من متوسط الأسعار الدولية بمقدار الثلث، والتي تتأثر أيضًا بتكاليف الاستيراد المتغيرة زمانيًا ومكانيًا”.

وتضيف: “يمكن عزو الارتفاعات المنتظمة في الأسعار، من ناحية، إلى ضعف وجود منافسة حقيقية في السوق، لكن يمكن إرجاعها، من جهة أخرى، إلى التضييق المباشر على الواردات”.

ويقول تقرير نشره موقع «العربي الجديد»، إن غياب مؤشر تسعير مرجعي، وغياب الرقابة على الأسعار من جانب السلطات، يعد أحد معوقات استخدام الطاقة الشمسية في اليمن.
التقرير يضيف أنه لا توجد خطة حكومية لكهربة بعض القطاعات بالطاقة الشمسية، وأنه لا يوجد تنسيق بين المجتمعات المحلية (المديريات والقرى) والحكومة المركزية، بشأن تخطيط هذه المشاريع وتمويلها.

مقالات مشابهة