المشاهد نت

ارتفاع سعر التمور في رمضان.. أزمة سنوية

تتصدر حضرموت قائمة منتجي محاصيل النخيل في اليمن-أرشيفية

عدن-فاطمة العنسي

قبل أن يحين أذان صلاة المغرب في رمضان بمحافظة تعز، تُعد سوسن أحمد، 38 عامًا، وجبة الإفطار لها و لأسرتها كل يوم. قد تتجاهل العصير أو الشفوت أو أي مأكولات أخرى، لكنها لا تقبل الإفطار بدون تمر.

يزداد استهلاك التمور في اليمن طوال شهر رمضان، وترتفع أسعار هذا المنتج في ظل الاعتماد على استيراد التمور وتراجع الاهتمام بزراعة النخيل في اليمن.

تقول أحمد لـ”المشاهد”: “مع حلول رمضان ارتفع سعر التمر في تعز، وبلغ سعر التمر المغلف الذي بوزن 900 جرام إلى 1800  ريال، بينما كان سعره قبل رمضان 1300، والكمية التي كان سعرها 1000 ريال، أصبح سعرها هذا العام 1500 ريال”.

وتضيف: “اختلفت أنواع التمور وأسعارها، وباتت الأسواق تعج بالكثير منها، ولا يسلم المستهلك من الغش عند الشراء، فبعض التمور منتهية أو تالفة وغير صالحة للأكل”.

لا يختلف الوضع في صنعاء وعدن، حيث يدرك المواطنون هناك  أيضًا ارتفاع أسعار التمور مع حلول شهر رمضان المبارك.

أسعار التمور

في حديث مع عدد من التجار في تعز، يقول الجميع إن عملية الشراء بالعملة الأجنبية هي سبب ارتفاع أسعار التمور، بالإضافة إلى الخسائر التي يتكبدها التجار في النقاط التي تنتشر على الطرق الرابطة بين المحافظات، وارتفاع تكاليف الشحن والمشتقات النفطية.

وفيق صالح، صحفي اقتصادي، يرى أن أسباب ارتفاع أسعار التمور والسلع الضرورية والاستهلاكية، لا سيما في رمضان،  يعود إلى ارتفاع  تكلفة الشحن والتأمين على السفن إلى الموانئ البحرية، وتدهور العملة، والازدواج الجمركي، وانتشار النقاط، والجبايات، ووعورة الطرق البديلة التي تسلكها شاحنات نقل البضائع.

يقول صالح لـ”المشاهد”: “إن ارتفاع أسعار التمور يضع المواطنين في مأزق، خصوصًا في شهر رمضان، الذي لا تخلو منه أية مائدة إفطار، كموروث ديني واجتماعي. لكن أسعاره المرتفعة تجعلهم يعيدون النظر في شرائه”.

ويضيف أن الإجراءات الحوثية على القطاع الخاص، مثل مضاعفة الرسوم الجمركية وفرض رسوم غير قانونية، تسببت في تضخم أسعار التمور المحلية والخارجية، وهذا الأمر يزيد من معاناه المواطنين، لا سيما في ظل انقطاع الرواتب للعام السابع على التوالي، في مناطق سيطرتهم. أما بالنسبة للجنوب فإن تدهور العملة هو السبب في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، بما في ذلك التمور، بحسب صالح.

تنفي الجهات الرسمية في صنعاء أي ارتفاع في أسعار التمور، حيث يقول أحمد الطيار، مدير إدارة الإعلام في الغرفة التجارية بصنعاء، إن أسعار التمور ثابتة في السوق خلال شهر رمضان.

ويؤكد الطيار لـ”المشاهد”: “لا يوجد أي ارتفاع في أسعار التمور، والسوق مفتوح للمنافسة والعمل بشفافية، من قبل التجار الذين يخضعون لإشراف مباشر من وزارة الصناعة والتجارة، وكل سلعهم تخضع لإجراءات الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، بما فيها التمور”.

ويضيف أن الغرفة التجارية تعمل بالتعاون مع وزارة الصناعة لتطبيق إشهار الأسعار على المنتجات وضبط المتلاعبين في السوق المحلي.

إقرأ أيضاً  اقتصاديون ومواطنون: الوضع المعيشي «لم يعد يطاق»

زراعة وإنتاج التمور

تستغرب سوسن أحمد من عدم وجود تمور محلية في السوق، بالرغم من زراعة النخيل في اليمن، وترى أن إنتاج التمر محليًا، سيجعل سعره أقل، وبحودة أفضل.

أسباب عدة حالت دون إنتاج التمر المحلي في اليمن، وأصبح الاستيراد هو البديل.

أحمد بطم بن هيفاء، أستاذ الفاكهة المساعد في جامعة لحج، يوضح عددًا من الأسباب التي أعاقت الإنتاج المحلي للتمور، ومنها: انخفاض أعداد النخيل وإنتاجها، الجفاف المائي، انخفاض منسوب المياه الجوفية، تدهور الصفات الإنتاجية للأصناف المحلية، ارتفاع تكاليف الإنتاج، عدم استخدام التكنولوجيا الحديثة في خدمة أشجار النخيل، الإهمال، وغياب العناية التي تتطلبها عملية زراعة النخيل.

ويضيف بن هيفاء لـ”المشاهد”: “لا توجد تمور يمنية في الأسواق المحلية، نظرًا لأن ثمار أصناف التمور المحلية صالحة للاستهلاك في مرحلة (البلح)، وفي مرحلة الرطب. وعند ترك ثمار هذه الأصناف إلى مرحلة التمر تتعفن ويتلف جزء كبير منها، والجزء الذي يصل إلى مرحلة التمر يكون لون الثمار أسود غامقًا، وغير مرغوب للمستهلك”.

وتشير التقارير إلى أن زراعة أشجار النخيل تنتشر في 11 محافظة يمنية بنسب مختلفة، وتتصدر محافظة حضرموت (شرق اليمن)، قائمة أكبر المنتجين لمحاصيل النخيل في اليمن، وتليها محافظة الحديدة (غرب).

تبلغ كمية إنتاج محاصيل النخيل المختلفة في اليمن، قرابة 64,375 طنًا متريًا، بحسب بيانات إدارة الإحصاء والمعلومات الزراعية في وزارة الزراعة اليمنية للعام 2019.

يرى بن هيفاء أن المزارعين ينقصهم الوعي الكامل لعملية زراعة أشجار النخيل والاعتناء بها، بالإضافة إلى عدم وجود مصانع لتغليف وتعبئة التمور، ما يسبب تلف الكثير منها، ولهذ السبب لا توجد تمور يمنية في الأسواق المحلية.

 أرض خصبة واهتمام غائب

يتراوح عدد أشجار النخيل في اليمن بين 4,6 و5 ملايين نخلة، منها ما يقرب من 67% أشجار مثمرة، و33% غير مثمرة، وتوجد في حضرموت قرابة 3 ملايين نخلة، في حين توجد في الحديدة حوالي 2,200 ألف شجرة نخيل، وفقًا للهيئة العامة لتطوير تهامة.

الأرض خصبة، والمساحات الزراعية شاسعة، لكن لا يوجد اهتمام حكومي، ولا توجد مصانع خاصة بالتمور في اليمن، بحسب أحمد عبدالله سعد، أستاذ مساعد بكلية ناصر للعلوم الزراعية في محافظة لحج.

يقول سعد لـ”المشاهد”: “الدول الأخرى تولي اهتمامًا بالغًا بالتمور وتصديرها، مثل الأصناف السعودية والعراقية، ولهذا نجد لها رواجًا في الأسواق المحلية أكثر من المحلي، على الرغم من المساحات الكبيرة لزراعة النخيل  في حضرموت، إلا أن ما يُعرض يكاد يكفي للمحافظة فقط”.

في ظل غياب الاهتمام الحكومي بزراعة النخيل، يرى سعد أن المستثمرين يمكنهم التدخل لزيادة زراعة النخيل في اليمن، والاهتمام بعمليات ما قبل البيع، كاختيار الأصناف الجيدة وعمليات التنظيف والتغليف، مشيرًا إلى أن التمور يمكن أن تكون رافدًا اقتصاديًا كبيرًا لليمن.

عندما ينتهي رمضان، ستتوقف أحمد عن شراء التمور باستمرار، لكنها ستظل تسأل: أين التمر المحلي؟

مقالات مشابهة