المشاهد نت

اقتصاديون ومواطنون: الوضع المعيشي «لم يعد يطاق»

المكلا – سهى محمد

يشكو موظفو الدوائر الحكومية بمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت (شرق اليمن)، من استمرار موجة الغلاء وارتفاع أسعار مختلف الاحتياجات والمستلزمات الأساسية.

وخلال شهر رمضان ازدادت معاناة المواطنين في حضرموت حيث تكالبت الضغوط الاقتصادية وتفاقمت الظروف الإنسانية الصعبة التي يواجهونها بشكل يومي.

حقوق تحولت لأمنيات

تقول الموظفة المتعاقدة في سلك التربية بمدينة المكلا، فاطمة سعيد لـ«المشاهد»: نتمنى أن تنخفض الأسعار؛ لكي نتمكن ولو لشهر واحد فقط من شراء المواد الغذائية الأساسية فقط.

وتضيف: في الوقت الذي كنا فيه سابقًا نبحث عن الكماليات، أصبحنا الآن في وضع نعجز فيه عن توفير أساسيات الوجبات اليومية والتي تقلصت إلى وجبتين في اليوم.

فاطمة تحدثت عن وضع الموظفين المتعاقدين بالمحافظة، والذين يتحصلون على مرتبات وصفتها بـ”البخسة”، تُصرف بعد ثلاثة شهور وأكثر، بدون أية علاوات أو زيادات.

إرتدادات موجة الغلاء لم تقتصر على المواد الغذائية الأساسية، بل طالت أيضًا أسواق اللحوم والأسماك، الأمر الذي لم بزد الحال إلا تعقيدًا، حيث بات الحصول على الاحتياجات حلمًا بعيد المنال، بحسب فاطمة.

تراجع القدرة الشرائية

“الوضع أصبح مزري للغاية، مالم يتم إنقاذه وحلحلة ما تبقى منه وإلا سيفضى إلى دوامة من الصعب معالجتها فيما بعد”.. هكذا بدأ الموظف بقطاع الصحة، فؤاد عبدالله حديثه لـ«المشاهد».

يقول فؤاد إنه لم تعد لدى المواطنين أية قدرة لشراء أي كماليات، واليوم الذي نحصل فيه على قطعة سمك أو دجاجة أو حتى كيس خضار أو نوع من الفاكهة يصبح عيدًا في البيت، حد تعبيره.

ويضيف: لدينا أطفال وأسر، لكن الغلاء أثقل كواهلنا، وبات فوق طاقتنا وقدرتنا، بينما الرواتب أصبحت في طي النسيان؛ الأمر الذي يضيق الخناق علينا يومًا بعد آخر.

ويشير إلى أن التغني بحضرموت بأنها تنعم بالأمن والأمان مجافٍ للحقيقة، فأهالي المحافظة “جياع” ويتم ممارسة القتل اليومي بحق مواطنيها عبر حرب الأسعار التي فاقت قدرة مواطنيها على التحمل، بحسب وصفه.

جدلية السياسة والاقتصاد

يرى الأكاديمي المهتم بالشئون الاقتصادية، الدكتور محمد الكسادي، أن الأوضاع السياسية مرتبطة بشكل كبير بالاقتصاد، وما وصل إليه من تأثيرات باتت واضحة المعالم من تحديات معيشية واجتماعية وغيرها يعيشها المواطن بشكل يومي.

إقرأ أيضاً  «أنيس».. أقدام مرتعشة على طريق محفوف بالمخاطر

كما أن ما نلمسه اليوم من تفككٍ وانقسام المكونات السياسية بالمنطقة يدفع ضريبته المواطن من قوته ومعيشته.

وتحدث الكسادي عن مخاطر الإجراءات التي أعلن عنها البنك المركزي بصنعاء، وتأثيراتها على سعر العملة المحلية معتبرًا أنها تمثل اختراقًا اقتصاديًا سيُلقي بآثاره على الناس معيشيًا.

ويشير الكسادي إلى أن الصراع تحول إلى انفصال تام بين السياسة النقدية في مناطق الشمال والجنوب؛ نتيجة تضارب الصلاحيات القانونية بين مركزي صنعاء مركزي عدن.

أزمات متلاحقة

من جانبه، يعتقد الصحفي بمركز سوث 24 للأخبار والدراسات، عبدالله الشاذلي، أن الوضع السيء لا يقتصر على حضرموت فحسب، بل تعاني منه كل المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية والمحافظات الجنوبية بشكل خاص.

وبحسب الشاذلي فإن هناك مخاوف من وصول هذا التردي إلى مستويات مقلقة خلال المرحلة المقبلة، لا سيما مع تعذر الوصول إلى اتفاق سلام في البلاد.

ولفت إلى أن ضعف دخل الموظفين وتدني الأجور، فضلا عن تأخر صرف مرتبات بعض القطاعات الحكومية، مع تردي سعر العملة يجعل الوضع صعبًا للغاية، لكن هذه الفترة لن تكون الأسوأ، فهذا العام سيكون فوق مقدرة الكثير من أبناء حضرموت وغيرهم.

وأوضح الشاذلي أن الحروب والصراعات لها تأثيرات قاتلة على الاقتصاد في أي بلد، وإلى جانب الصراع في اليمن، الذي دخل عامه التاسع، أدخل الحوثيون البلاد في أزمة جديدة لا قبل للمواطنين بها، من خلال التصعيد في البحر الأحمر.

فهذا التصعيد تسبب في أزمات كبيرة، وبالنسبة لليمن كان أبرز تلك الأزمات ارتفاع أسعار الشحن إلى ثلاثة أضعاف ما قبل بدء الهجمات في البحر الأحمر في 19 نوفمبر/تشرين ثاني المنصرم، بحسب الشاذلي.

ويختم حديثه: “ما زال الصراع في البحر الأحمر وخليج عدن قائمًا، وهذا ينذر باستمرار الأزمة، وخلق مزيد من المعاناة المعيشية على اليمنيين”.

مقالات مشابهة