المشاهد نت

الأسرى في اليمن.. ورقة ضغط سياسية

صفقة لتبادل الأسرى بين الحكومة وجماعة الحوثي -مصدر الصورة DW

تعز – أسامة فرحان

“لم يعد ملف الأسرى والمختطفين ملفًا إنسانيّا خالصًا كما ينبغي أن يكون، فقد خرج من دائرته الإنسانية ليأخذ امتدادات وأبعاد سياسية وأوراق ضغط على طاولة المفاوضات بين جماعة الحوثي والحكومة اليمنية”، يقول المحلل السياسي عبد الواسع الفتاكي.
أصبح ملف الأسرى في اليمن قضية إنسانية وسياسية حساسة ومعقدة تتأثر بتطورات الوضع الأمني والسياسي في البلاد، حيث يرمي طرفي الصراع باليمن مسؤولية الإخفاقات التي تحصل بشأن الملف على بعضهم، ويتهمان بعضهما باستغلاله لمصالح خاصة، ليبقى الأسير وعائلته المتأثر الأول.

ورقة ضغط
يتعرض الأسرى والمختطفين والمخفيين قسرًا في اليمن لانتهاكات جسيمة وخذلان من قبل طرفي الصراع، وتعذيب وسوء معاملة تخالف المواثيق الدولية وحقوق الإنسان.
يقول الصحافي حافظ الهياجم إن الأطراف المتحاربة تستخدم الأسرى بشكل مباشر “كأداة للضغط على الأطراف الأخرى، حيث يسعى كل طرف في اليمن لاستغلال ملف الأسرى استغلالًا وثيقًا لتحقيق مصالحه السياسية أو العسكرية”.
ويضيف الهياجم، خلال حديثه لـ “المشاهد”: “شهدت عمليات التبادل في الماضي تأخيرًا كبيرًا بسبب الخلافات السياسية والعسكرية بين الأطراف المتحاربة، لا يتعلق الأمر بتأخيرها وحسب، بل قد تتوقف عملية التبادل إلى أجل غير مسمى”.
ويحمل الهياجم المجتمع الدولي مسؤولية حل وإنهاء ملف الأسرى في اليمن، يقول: “المجتمع الدولي هو الذي يملك أداة الضغط على قرارات الأطراف المتحاربة، فيجب عليه العمل معها لتطوير آليات فعالة لإطلاق سراح بقية الأسرى، وضمان إنهاء تعرضهم للمعاملات السيئة والاضطهاد”.

ملف الأسرى.. وتحقيق مكاسب

من جهته، يرى الفاتكي أن جماعة الحوثي تستغل ملف الأسرى والمختطفين والمخفيين قسرًا كورقة رابحة تساوم بها لكسب مزيد من العوائد السياسية والاقتصادية والعسكرية، “حيث تفرج عن بعض الأسرى والمختطفين بمقابل مبالغ مالية تؤخذ من أهاليهم”، مضيفًا: “يبادل الحوثيون في مفاوضاتهم مع الحكومة مدنيين وناشطين وصحفيين بمقاتلين في صفوفهم، ويضغطون لمقايضة مختطف مدني بعشرات ومئات الأسرى لدى الحكومة اليمنية”.
وتقوم جماعة الحوثي، بحسب الفاتكي، باستخدام السياسي اليمني والمختطف لديها، محمد قحطان، كورقة ضغط تريد من خلالها تحقيق مكاسب عسكرية بالإفراج عن المئات من مقاتليها، أو ضمان اتفاق يمنحها حزمة من الامتيازات السياسية.

عمليات تبادل كبيرة

تتبنى الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر من وقت لآخر مواقف متعددة للمطالبة بإطلاق سراح الأسرى بين الأطراف المتصارعة، وفي بعض الأحيان تنجح هذه الجهود في الإفراج عن مجموعة منهم.
في أكتوبر 2020م، تم تنفيذ أكبر عملية تبادل للأسرى بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، حيث تم إطلاق سراح أكثر من 1050 أسيرًا من الجانبين، معظمهم من الحوثيين، بوساطة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر،
وفي منتصف أبريل الماضي 2023م، تمت ثاني أكبر عملية تبادل للأسرى منذ اندلاع الحرب في اليمن العام 2015م، وذلك بعد وصول طرفي الصراع، خلال مفاوضات انعقدت في العاصمة السويسرية جنيف، إلى اتفاق يفضي بتبادل 887 محتجزًا، بينهم 706 من الحوثيين و181 من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وسعوديين وسودانيين.

إقرأ أيضاً  تزايد إنطفاءات الكهرباء بعدن

اتهامات متواصلة

وتتبادل الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، بشكل متواصل، الاتهامات بعرقلة كل طرف الآخر إنجاح عملية تبادل الأسرى وفق قاعدة الكل مقابل الكل، وزادت حدة الاتهامات خلال صفقة أبريل الماضي.
وفي وقت سابق، أعلن رئيس لجنة شؤون الأسرى التابعة للحوثيين، عبد القادر المرتضى، في تصريح لقناة المسيرة التابعة لجماعته، إن الخلافات بين مكونات الحكومة اليمنية وتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية حالت دون الوصول إلى اتفاق شامل على قاعدة الكل مقابل الكل، مضيفًا: “تم إبلاغ الأمم المتحدة بالاستعداد لإجراء تبادل نسبي بعد تعقيد الطرف الآخر لمسار التبادل الكلي لأسرى الطرفين”.
من جهته، تحدث عضو الوفد الحكومي المفاوض، ماجد فضائل، في تصريحات إعلامية آنذاك، إن صفقات أخرى ستتبع الصفقة الأخيرة إلى أن يتم الإفراج عن كل الأسرى لدى الجانبين، مؤكدًا أن الحكومة اليمنية مستعدة وجاهزة لإجراء صفقة تبادل الأسرى والمختطفين والمخفيين قسرًا لدى الجماعة وفق قاعدة الكل مقابل الكل.

ثغرة نحو السلام

وفي إحاطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، في منتصف أبريل الماضي، وبعد نجاح عملية إطلاق قرابة 900 مختطفًا ومحتجزًا، قال غروندبرغ إن الأطراف المتنازعة في اليمن أظهرت إمكانية المفاوضات في تحقيق نتائج السلام.
ولفت غرونبرغ أن الطرفين اتفقا على الاجتماع مرة أخرى في مايو، وهو مالم يحدث، لإحراز مزيد من التقدم في التزامهما كجزء من اتفاقية ستوكهولم للإفراج عن جميع المحتجزين على خلفية النزاع.
وتعد عملية تبادل الأسرى بين طرفي النزاع باليمن ثغرة بمنظور الأمم المتحدة لإنهاء الحرب، وخطوة لتحقيق السلام في اليمن، وذلك من خلال الدعوة لبدء مشاورات سياسية بين الجانبين.
يُذكر أن طرفي الصراع في اليمن كانا قد وقعا اتفاقًا برعاية دولية في مارس 2022م لتبادل أكثر من 2200 أسير من الطرفين، غير أن عملية الإفراج تعثرت وسط اتهامات متبادلة بعرقلتها.
ولا يعرف على وجه الدقة عدد الأسرى والمعتقلين والمختطفين لدى الطرفين، إلا أنهما قدما قوائم خلال مشاورات في السويد عام 2018م بأكثر من 15 ألف أسير ومعتقل ومختطف.

مقالات مشابهة