المشاهد نت

بيع المجوهرات لشراء مستلزمات مدرسية

التدهور الإقتصادي وانهيار العملة المحلية يجبر الأسر على بيع مجوهراتها لشراء مستلزمات مدرسية

عدن-أشرف الصوفي

في السابع والعشرين من أغسطس، يتوجه الملايين من الطلاب إلى مدارسهم في المحافظات التي تقع تحت سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية، لبدء العام الدراسي الجديد 2023/2024. طوال الأسابيع القليلة الماضية، بدأ الازدحام في بعض محلات المستلزمات المدرسية، إذ يشتري الطلاب وأولياء الأمور متطلبات العام الدراسي، مثل الدفاتر والحقائب والأقلام.

يبتهج العديد من الطلاب بالأدوات المدرسية الجديدة، لكن الآباء يعتبرون توفير هذه المتطلبات عبئًا ماديًا إضافيًا نظرًا لارتفاع الأسعار، والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها. في مدينة تعز، خمسونَ ألف ريال (34 دولارا أمريكيا) بالكاد تكفي لتوفير المستلزمات المدرسية لطفل لا يتجاوز العاشرة من العمر، في حين تعجز معظم الأسرِ عن توفيرِ الزي المدرسي والمستلزمات القرطاسية الأخرى.

قبل أيام، ذهب عامر حسن، موظف تربوي، إلى أسواق مدينة تعز، لشراء مستلزمات أبنائه المدرسية، لكنه عاد دون شراء شيء. كانت الأسعار مرتفعة، والمبلغ الذي كان بحوزته غير كافٍ لشراء كل المستلزمات المدرسية لأبنائه الأربعة.

“الحل الوحيد بالنسبة لي، ما تبقى من مجوهراتي قمت ببيعها؛ كي أستطيع شراء المستلزمات المدرسية، وتجهيز أبنائي للالتحاق بالمدرسة. الأطفال الصغار لا يعرفون ما يعانيه الكبار من أجل توفير لقمة العيش، ولذا قد ينهزمون نفسيًا إن لم نقم بتوفير لوازم الدراسة، ما قد يتسبب في تسربهم من المدارس”

يقول حسن لـ”المشاهد”: “جئت لشراء مستلزمات المدرسة لأطفالي، ولكنني وجدت غلاء غير مسبوق. عندي خمسة أولاد، أربعة منهم ملتحقون بالمدارس، ولم أستطع شراء بدلات لهم هذا العام. حاليًا، يبلغ راتبي 57600 ريال (40 دولارًا تقريبًا)، وهذا المبلغ بالكاد يكفي لتوفير مستلزمات المدرسة لطفل واحد، وأنا لدي أربعة أطفال”.

فاطمة العبسي، أم لثلاثة أطفال ملتحقين بالمدارس، تشكو هي الأخرى من الارتفاع الكبير في أسعار المستلزمات الدراسية، الأمر الذي أجبرها على بيع بعض مجوهراتها وشراء المستلزمات المدرسية لأطفالها الثلاثة.

تقول العبسي لـ”المشاهد”: “هذا هو الحل الوحيد بالنسبة لي، ما تبقى من مجوهراتي قمت ببيعها؛ كي أستطيع شراء المستلزمات المدرسية، وتجهيز أبنائي للالتحاق بالمدرسة. الأطفال الصغار لا يعرفون ما يعانيه الكبار من أجل توفير لقمة العيش، ولذا قد ينهزمون نفسيًا إن لم نقم بتوفير لوازم الدراسة، ما قد يتسبب في تسربهم من المدارس، وتجنبهم للتعليم”.

إقرأ أيضاً  تزايد إنطفاءات الكهرباء بعدن

تشير العبسي إلى أن الكثير من طلاب المدراس لا يرغبون في الذهاب إلى المدارس، تحت تأثير ما يروج له بعض المشاهير في منصات التواصل من أنه لا فائدة من التعليم في ظل الحرب التي تشهدها البلاد.

وتضيف: “نقصان المستلزمات المدرسية للطفل سيحد من رغبته في الذهاب إلى المدرسة، وسيشعره بالنقص أمام زملائه من الأطفال”.

في المحافظات اليمنية التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بدأ العام الدراسي في الثاني والعشرين من يوليو 2023.

تبعات انهيار العملة

العديدُ من بائعي الأدوات المدرسية في مدينة تعز، عبروا عن استيائهم من الركود في محالهم التجارية، ويقولون إن التدهور الاقتصادي، وانهيار العملة المحلية أثرَا سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين.

رشاد الطيب، صاحب محلات مختصة في بيع العبايات المدرسية في تعز، يقول لـ”المشاهد”: “الغلاء هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة، الناس تعيش في مرحلة صعبة، وأصبحت غير قادرة على الإيفاء بمستلزمات المدرسة، وهذا يؤثر عليّ كتاجر. أعاني من ركود وانخفاض كبير في عدد الزبائن، يكاد المحل يبدو فارغًا طوال اليوم”.

يضيف الطيب: “بعض الناس لجأت لاستخدام الملابس القديمة المخزنة لديها من العام الماضي، وارتدائها هذا العام. ارتفعت أسعار العبايات المدرسية بما يعادل 30% مقارنة بالعام الماضي، وهذا الارتفاع مرتبط بسعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية، كوننا نستورد الأقمشة من الخارج وبعملة الدولار”.

يقول محمد السامعي، تاجر في المستلزمات المدرسية، إن هناك ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الحقائب المدرسية، والمستلزمات المصنوعة من الأقمشة، لأن هذه المنتجات مستوردة من الخارج.

ويضيف السامعي لـ”المشاهد”: “يعتقد البعض أن ارتفاع الأسعار مربح للتجار، وهذا ليس صحيحًا. عندما يكون سعر الصرف مستقرًا بشكل دائم، نتمكن من تحقيق أرباح، لكن الارتفاع والانخفاض المستمر يحمل مخاطر كبيرة، تؤدي بالبعض إلى الإفلاس”.

أصبح موعد العودة إلى المدارس مناسبة تجلب الهموم للعديد من الأسر في العديد من المحافظات اليمنية، حيث يلجأ أولياء الأمور إلى بيع مجوهرات أو الشراء بالدين أو طلب مساعدة من الأقارب حتى يتمكنوا من شراء المستلزمات المدرسية لأطفالهم مع بداية العام الدراسي الجديد.

مقالات مشابهة