المشاهد نت

النازحون في الساحل الغربي… قضية إنسانية تفاقمها سيول الأمطار

تضرر النازحين من سيول الأمطار في مناطق الساحل الغربي - متناقلة

تعز – أسامة فرحان :

فاقمت الأمطار العزيزة التي هطلت على ريف محافظة الحديدة (غربي اليمن)، من معاناة النازحين الذين فروا من الحرب إلى مناطق آمنة في مديرية حيس الواقعة تحت سيطرة القوات المشتركة التي يقودها طارق صالح.
هناك ما يقارب 4860 نازحًا في مديرية حيس، يتوزعون على عدة مناطق، حسب تصريح سابق لمدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة الحديدة، جمال المشرعي، لـ”المشاهد”.
الكثير من النازحين يسكنون في مساكن إيوائية مؤقتة من الخيام، وفي ظل ظروف إنسانية ومعيشية قاسية.
وفي السياق ذاته، أكدت منظمة الهجرة الدولية أن الأمطار الغزيرة التي هطلت في مناطق الساحل الغربي لليمن، أواخر الأسبوع الماضي، تسببت بتدمير مأوى أكثر من 900 نازح.
وأضافت المنظمة، في تغريدة لها في منصة إكس (تويتر سابقًا)، أنها قدمت مواد إغاثية طارئة لأكثر من 135 أسرة، وتقوم بمساعدة 125 أسرة على إصلاح مآويها المتضررة.
وقد ذكرت تقارير صندوق الأمم المتحدة للسكان، في أول أغسطس الماضي، أن عدد اليمنيين المتضررين من الأمطار الغزيرة والفيضانات والسيول، منذ بداية عام 2023، تجاوز 80,338 شخصًا.

وضع بيئي صعب

تعاني منطقة حيس من مشكلات بيئية خطيرة، وذلك بسبب قربها من سطح البحر، إذ إن المناطق المنخفضة التي ترتفع بشكل بسيط عن مستوى البحر، هي عرضة للمأساة، بخاصة في اليمن، على حد قول الخبير البيئي، أنور الشاذلي.
ويوضح الشاذلي، خلال حديثه لـ”المشاهد”، أن هذه المناطق هي مصبات للوديان، حيث تتجمع الأمطار الغزيرة التي تسقط على المرتفعات الجبلية، وتتحول إلى سيول تتجه نحو الساحل.
ويشير إلى أن منطقة حيس والمناطق الأخرى على الساحل الغربي، تعد نقاط تلاقٍ لمصبات الأنهار والسيول، مما يؤدي إلى تجمع كميات كبيرة من المياه، وحدوث فيضانات عالية التأثير، بالإضافة إلى الأمطار المتساقطة.
ويضيف الشاذلي أن سكان منطقة حيس يعانون من الفقر، ويعيشون في بيئة سيئة، حيث يعتمدون على الأشجار لتدفئتهم والطبخ وغيرها من الاحتياجات، وهذا يؤدي إلى انخفاض عدد الأشجار وتدهور البيئة.
ويشير إلى أن هذه الأشجار تعمل كحواجز للسيول، وتسهم في تخفيف سرعتها وتوجيهها، مما يقلل من تأثير الأمطار الغزيرة على المنطقة.
ويؤكد أن ذلك يؤثر سلبًا على النظام الزراعي وتربية الماشية والبيئة السكانية، نظرًا لنقص التوجه البنيوي في المنطقة.

تحذيرات سابقة

حذت ر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) من حدوث فيضانات مفاجئة ستؤثر على أكثر من 6000 شخص في عدد من المناطق الداخلية لليمن، خلال الأيام القادمة.

من المتوقع أن يتعرض حوالي 4000 شخص للخطر في المسقط المائي لوادي زبيد في كل من محافظتي إب والحديدة، جراء الفيضانات، بخاصة في المناطق المنخفضة التي تعاني من سوء تصريف مياه السيول.


حيث قالت نشرة الإنذار المبكر للأرصاد الجوية الزراعية، والصادرة عن “الفاو”: “‏رغم التوقعات بانخفاض كبير في مستوى هطول الأمطار، إلا أنه سيستمر سقوط أمطار خفيفة إلى متوسطة على الأجزاء الغربية من البلاد حتى نهاية سبتمبر الجاري، والتي من المحتمل أن تتسبب بحدوث فيضانات مفاجئة قد تؤثر على نحو 6,500 شخص”.
وأضافت أنه من المتوقع أن يتعرض حوالي 4000 شخص للخطر في المسقط المائي لوادي زبيد في كل من محافظتي إب والحديدة، جراء الفيضانات، بخاصة في المناطق المنخفضة التي تعاني من سوء تصريف مياه السيول.
ودعت المنظمة الإدارات المختصة بالطوارئ إلى اتخاذ إجراءات استباقية في هذه المناطق للحد من تأثير الفيضانات، وبخاصة في ما يتعلق بحماية المجتمعات الزراعية الهشة والنازحين داخليًا.

إقرأ أيضاً  قتلى مدنيون بمسيرة حوثية بتعز

حلول معلقة

لحماية النازحين من آثار الفيضانات والتغلب على المشكلة في المستقبل، يتطلب اتخاذ عدة إجراءات، يذكر الخبير البيئي أنور الشاذلي، بعضًا منها: يجب إقامة مخيمات للنازحين في مناطق بعيدة عن مجاري السيول، وفي مناطق مرتفعة قليلًا عن سطح الأرض، كذلك ينبغي بناء ما يعرف بالحيطان الساندة، والتي تفصل بين التجمعات السكانية ومجاري السيول، وتلعب هذه الحواجز دورًا كبيرًا في حماية التربة وتجنب الانهيارات المدرجة، وبالتالي تحمي السكان من آثار الفيضانات الضارة.
ويضيف: يجب توفير مساكن تحتوي على الحد الأدنى من المقومات الصحية والإنسانية، والتي تكون مصممة بطريقة تحمي سكانها من الرياح والأمطار الغزيرة والفيضانات.
ويختم الشاذلي حديثه بأن هناك العديد من الحلول المتاحة، ولكن تنفيذ هذه الحلول يتطلب موارد كبيرة، وللأسف، الموارد المتاحة ضئيلة، وبالتالي ستبقى المشكلة قائمة ما لم تتوفر الموارد اللازمة لإنشاء مجتمعات آمنة ومخيمات آمنة بعيدة عن مجاري السيول وأودية الأنهار.

معاناة متفاقمة

لم تكن السيول هي أولى مصاعب النازحين في حيس، فقد أدى عدم الاستقرار الناجم عن هجمات جماعة الحوثي بالقذائف على أحياء سكنية في مديرية مقبنة الواقعة غرب محافظة تعز ومديريتي الجراحي وجبل رأس، بمحافظة الحديدة، إلى نزوح عدد كبير من الأسر إلى مدينة حيس المحررة، لتكون الملاذ الآمن بالنسبة لهم.
وقد أسفر تزايد عدد موجات النزوح عن ارتفاع حجم احتياجات النازحين، حيث تبيت العديد من الأسر تحت ظلال الأشجار وبطون الأودية، في ظروف غاية في الصعوبة، متخذين مآويهم من خيام متهالكة تم تبطينها بأقمشة ممزقة، لا تحميهم من الطقس السيئ.

مقالات مشابهة