المشاهد نت

سعي ممنهج لطمس معالم ثورة 26 سبتمبر  اليمنية

النصب التذكاري للجندي المجهول بجوار ميدان السبعين/ أحد رموز ثورة 26 سبتمبر تعرض للعبث في 2018

صنعاء – نبيل شايع :

مـنذ الأيام الأولى لانقلابها على الدولة اليمنية سعت جماعة الحوثي باتخاذ إجراءات وخطوات من شأنها العمل على طمس  معالم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر  التي أسقطت الحكم الإمامي وأعلنت قيام الجمهورية في اليمن الشمالي> من بين تلك المساعي تغيير ملامح ومسميات تلك الثورة ،ونقصد هنا بالمعالم المكانية أي الشوارع ومباني القصور والوزارات والمؤسسات والهيئات والمتاحف والمدارس والأندية التي شُيدت إبان الثورة  السبتمبرية عام 1962. 

عمل الحوثيون أيضًا على تغيير المناهج الدراسية، وحذف الصفحات التي تبيّن محاسن ثورة 26 سبتمبر، واستبدالها بصفحات تُمجد الحكم الإمامي، وشجعوا الدراسات والمؤلفات التي تشكك في أهداف الثورة السبتمبرية، وخصصت في وسائل إعلامها صفحات ومساحات تستضيف فيها شخصيات مهمتها الانتقاص من أهمية قيام ثورة سبتمبر 1962.

لماذا تسعى الجماعة إلى طمس معالم وأهداف ثورة الـ 26 من سبتمبر؟، و هل نجحت جماعة الحوثي  في تقزيم الثورة السبتمبرية وتغيير الصورة الذهنية عن تلك الثورة في عقول النشء ؟

في صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، صعد الضابط الشاب علي عبد المغني لقيادة دبابة باتجاه قصر الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين بصنعاء، ومن الدبابة أطلق الضابط أول قذيفة استهدفت ذلك القصر فكانت إيذاناً لمرحلة حقيقية بإنهاء الحكم الإمامي في اليمن.

إخفاء مارد الثورة

عقب اندلاع الثورة وتدعيم أركانها، رأى مجموعة من قياداتها والذين كانوا يُعرفون باسم ” الضباط الأحرار”، أن تكون تلك الدبابة معلماً بارزًا يوضح نضالهم ضد الإمامة وأطلقوا على تلك الدبابة اسم “مارد الثورة “، وتم وضعها وسط ميدان التحرير وسط العاصمة اليمنية صنعاء.

ومنذ ذلك الوقت كان المكان الذي وضعت فيه الدبابة “مارد الثورة” مزاراً لليمنيين القادمين من صنعاء ومختلف القرى والمناطق اليمنية ،يتذكرون فيه أمجاد أجدادهم وانتصار ثورتهم السبتمبرية.

 

في 2004، نقل أحمد الكحلاني، المعين حينها أمين العاصمة، مارد الثورة من ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء إلى دائرة الأشغال العسكرية بمبرر الصيانة. لم يتم إعادة المارد حتى الآن وقامت جماعة الحوثي بإخفائه عقب سيطرتها على صنعاء في سبتمبر 2014

في العام 2004، قرر أحمد الكحلاني المعين في منصب أمين العاصمة في ذلك الحين، نقل مارد الثورة لدائرة الأشغال العسكرية بهدف صيانة الدبابة ولاستكمال مشروع نفق المشاة الرابط بين ميدان التحرير ومنطقة باب السباح في صنعاء القديمة. 

بحسب حديث مسؤول في ديوان أمانة العاصمة لـ”المشاهد”، كان من المفترض أن تتم إعادة المارد بعد الانتهاء من تنفيذ مشروع نفق المشاة وصيانة الدبابة، لكن ذلك لم يحدث بإصرار من الكحلاني، دون معرفة أسباب ودواعي ذلك. 

وحينما سيطرت جماعة الحوثي على صنعاء في عام 2014، قامت الجماعة بنقل مارد الثورة إلى منطقة العرضي ومن ثم إلى مكان مجهول، بحسب تأكيد المسؤول الحكومي الذي ما يزال يعمل في ديوان أمانة العاصمة.

الزبيري والعلفي 

عقب إعلان جماعة الحوثي انقلابها على الدولة اليمنية،  أطلقت مايُسمى بـ “الإعلان الدستوري”، وسارعت الجماعة  بإطلاق تسميات جديدة على بعض شوارع العاصمة صنعاء منها تغيير اسم شارع الزبيري الذي يرمز لأحد أهم رموز الثورة 26سبتمبر الشهيد محمد محمود الزبيري المكنى بـ أبو الأحرار، واستبدلوه باسم شارع “الرسول الأعظم”، لكن ذلك الأمر لم يتم وفشل في مهده.

وفي مدينة الحديدة عمل الحوثيون على تغيير مسمى مستشفى “الشهيد العلفي” الذي يرمز للشهيد محمد بن عبدالله العلفي الذي حاول قتل الإمام أحمد حميد الدين، أثناء زيارة الأخير لمستشفى الحديدة سنة 1961،  وأراد الحوثيون تغيير المسمى إلى مستشفى “الساحل الغربي الطبي التعليمي”، لكن ذلك أيضاً لم يتحقق بسبب الرفض الشعبي.

إقرأ أيضاً  لماذا تكثر الأعراس في الأعياد؟

أعمدة الثورة 

في إبريل 2018، قررت جماعة الحوثي دفن صالح الصماد، الرئيس السابق المعين من قبل جماعة الحوثي، بجوار النصب التذكاري للجندي المجهول في منطقة السبعين بصنعاء، وبجانبه المعلم التذكاري من 6 أعمدة لتجسيد أهداف ثورة سبتمبر. عملت الجماعة على تغيير ملامح ذلك المكان، واطلقوا على الحديقة المجاورة لذلك المكان حديقة “صالح الصماد”.

وفي السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 ، قام مسلحون يتبعون جماعة الحوثي بتحطيم النصب التذكاري للجندي المجهول في مقبرة الشهداء بمنطقة حورة محافظة حجة، وأزالوا اللوحة التعريفية بمقبرة شهداء الجيش المصري الواقعة في منطقة باب اليمن بجوار مقبرة خزيمة بصنعاء، لكنهم أعادوها بعد عام .

ثورة 48 

سبقت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر1962، العديد من الانتفاضات والثورات الممهدة، ومنها ثورة الدستور، وفيها انقلب عبد الله الوزير، وهو شخصية عسكرية وسياسية كانت مقربة من الإمام يحيى حميد الدين، انقلب هو ومجموعة من الضباط على الإمام يحيي حميد الدين في 17 فبراير 1948 بغرض إنشاء دستور للبلاد. قُتل آنذاك الإمام يحيى حميد الدين في منطقة حزيز جنوبي صنعاء.

عقب ثورة 26سبتمبر، أراد قادة العهد الجمهوري في عهد حكم الرئيس الراحل صالح ، أن يُخلدوا تاريخ تلك الثورة الممهدة لنجاح ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، فأطلقوا اسم 48 على أكبر المستشفيات المجاورة لأكبر معسكر في جنوب العاصمة صنعاء. 

وفي محافظة إب، تم إطلاق تسمية 48،على أهم مستشفياتها. وحينما انقلبت جماعة الحوثي على الدولة اليمنية، سارعت الجماعة إلى استبدال إسم مستشفى 48 في صنعاء إلى ” 21 سبتمبر”، كما استبدلت تسمية مستشفى  48 في إب باسم”الصماد”. 

المتاحف والأندية 

أقدم الحوثيون على إزالة معالم الثورة السبتمبرية من على أجنحة المتحف الحربي الذي كان يوثق أحداث وخطوات ثورة السادس والعشرين من سبتمبر. واختفت النصوص والأوراق والوثائق التي خلدت الثورة. عمل الحوثيون على إزالة النصب التذكاري لشهداء الجيش المصري في القاعة السادسة لذات المتحف واستبدلوا صور قيادات الثورة السبتمبرية بصور قيادات الجماعة الموالية لإيران التي لقيت مصرعها في الحروب الستة للحوثيين وفي الحرب التي لم تتوقف حتى اليوم. أما المتحف الوطني في صنعاء، فقد عمل الحوثيون على  نهب محتوياته وتحويله إلى ثكنة لتجمع العناصر المسلحة التابعين لها.

عمل الحوثيون على استبدال تسمية نادي القوات المسلحة بصنعاء إلى نادي مدينة سام الذي أصبح ملكية خاصة لتجار ورجل أعمال موالين للجماعة، كما استبدلوا تسمية نادي الشرطة بصنعاء  إلى مسمى النادي الترفيهي وعملوا على تأجيرها لرجال أعمال تابعين لهم.

محاولة طمس الثورة في المناهج

في كتاب التربية الوطنية للصف الخامس الابتدائي، حذفت جماعة الحوثي فقرة” إزالة الفوارق بين الطبقات” وهو أحد أهداف قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وتم إلغاء نشر أهداف الثورة السبتمبرية الستة من على واجهات صحيفتي الثورة و 26 سبتمبر التي سيطرت عليها الجماعة.

يرى محمد الدعام، وكيل محافظة إب، أن الجماعة تسعى إلى طمس كل ما يمت بصلة لثورة الـ 26 من سبتمبر بهدف الانتقام من تلك الثورة التي أنهت الحكم الإمامي القائم على المفاهيم العنصرية. ويضيف في حديثه لـ”المشاهد”: ” لقد  فشلت كل محاولات الجماعة الحوثية في تقزيم الثورة السبتمبرية والانتقاص من منجزاتها.”

ويقول الدعام “على الرغم من محاولات الترهيب التي تمارسها الجماعة الحوثية بحق اليمنيين، إلا أن اليمنيين لا زالوا يعلمون أبناءهم ضرورة احترام الثورة و إيلائها التقدير اللازم لأنها ثورة شعب ضد الكهنوت والتخلف والجهل والمرض”.

مقالات مشابهة