تعز-مازن فارس
تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي في اليمن خلال يومي السابع والثامن من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إشاعات ومعلومات مضللة أبرزها صور مفبركة زعم ناشروها أنّها ليمنيين قتلوا خلال مشاركتهم في المواجهات الدائرة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
والسبت، أعلنت حركة “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى عن عملية عسكرية واسعة أُطلق عليها اسم “طوفان الأقصى” في قطاع غزة ضد إسرائيل.
حاولنا في “المشاهد” التركيز على أبرز الشائعات التي روج لها مستخدمون يمنيون وانتشرت بشكل لافت على مواقع التواصل الاجتماعي. تبين في التحقق وجود حساب ينتحل اسم أحد قيادات الفصائل الفلسطينية يقوم بنشر معلومات مضللة.
“الشهداء” الثلاثة
ادّعت مواقع الكترونية ومستخدمون لمنصتي فيسبوك وإكس (تويتر سابقًا) صور لثلاثة أشخاص زعموا أنها لثلاثة يمنيين قتلوا خلال مشاركتهم في المعارك الدائرة في قطاع غزة بفلسطين. وتضمن التعليق المرافق للصور أسماء الأشخاص الثلاثة مع إشارة إلى أنهم ينحدرون من محافظات يمنية. وحصدت الصور مئات المشاركات وتفاعل معها مستخدمون في التعليقات التي قدمت التعازي لذويهم والحديث عما سمّاه البعض بـ”اختلاط الدم اليمني بالدم الفلسطيني”.
الناشرون
تحقق المشاهد
عند التحقق من الادعاء المتداول وجدنا أنّه مضلل وغير صحيح. الصورة التي ادّعى ناشروها أنها تعود لـ”محمد موسى الجبري” وأنه ينحدر من محافظة صنعاء، أرشدنا إلى صورةٍ مطابقةٍ تمامًا نُشرت في 27 يونيو الماضي كصورة ملف شخصي لحساب على فيسوك لشاب يدعى محمد موسى. وتُبيّن المعلومات في حسابه أنه يعيش في غزة. وفي صباح السبت (7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري) أي بعد ساعات من بدء العملية العسكرية في غزة أعاد أبو عبيدة محمود، طالب جامعي فلسطيني في غزة، نشر الصورة ذاتها على فيسبوك. وأرفق معها بتعليق قائلًا: “ابن العم محمد موسى أبو طويلة شهيد”.
أما الصورة الثانية التي ادّعى ناشروها بأنها لـ”إبراهيم عدنان جراد” من محافظة الجوف، تبيّن أنها صحيحة، لكن جراد من أصول يمنية ولكنه من من مواليد فلسطين. فمن خلال البحث وجدنا حسابات فلسطينية عدة (1، 2) عبر فيسبوك نشرت خبر مقتله مساء السبت (7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري) من بينهم شقيقة عدنان خالد جراد والذي تُبين المعلومات في حسابه على فيسبوك أنه يعيش في غزة.
ويعتبر إبراهيم من مواليد مدينة جنين ويحمل الجنسية الفلسطينية ولديه طفلين (ولد وبنت) ومتزوج من امرأة فلسطينية، بحسب ما نشره الصحافي اليمني فارس الحميري في تغريدة على منصة إكس. وقال إنه تواصل مع أحد أقارب الرجل والذي أفاد أن عائلته تنحدر من “قبيلة ذو محمد دهم في مديرية برط بمحافظة الجوف شمال شرق اليمن. وغادرت عائلة إبراهيم اليمن إلى فلسطين عام 1975 ضمن أفواج المتطوعين العرب في الثورة الفلسطينية”.
أما الشخص الثالث والذي ادعى ناشرون أنه يدعى “اديب حسن فيصل أبو زيد” وينتمي إلى محافظة صعدة وأنه قُتل أيضًا في غزة. لكن خلال البحث تبين أنّ هذا الادعاء زائف بدليل أن الصورة لشخص لا يزال حيًا ويتواجد في اليمن. ونشر أشخاص مقربون من “أديب أبو زيد” كما وهو واضح في الصورة أدناه؛ حالات ومحادثات واتساب يطلب فيها النشر والتعميم لنفي ما نُشر بشأنه.
بالنظر إلى الصور الثلاث نجد أنها وُضعت في تصميم يتضمن شعار جماعة الحوثي. وقادنا البحث العكسي للصور إلى القالب الأصلي الذي تستخدمه وسائل إعلام حوثية في تصميم صور قتلى الجماعة.
“جندي حوثي” في غزة
في سياق آخر، انتشرت صورة على مواقع الكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي زعم ناشروها أنها لجندي يمني يشارك بالعملية العسكرية في غزة. وكُتب على الصورة تعليق: “ظهور جندي يمني أثناء عملية طوفان الأقصى” وزعم أحد الناشرين بأن الصورة لـ”جندي حوثي”، حد تعبيره.
ونُشر هذا الادعاء في كل من موقعي البوابة الاخبارية اليمنية ومنتدى منار للحوار بالإضافة إلى حساب على منصة إكس يدعى “أبو عبيدة” وحسابين (1، 2) على فيسبوك.
خلال التحقق من الصورة تبيّن أنها لا علاقة لها بالتطورات الجارية في غزة وأن الصورة جرى التعديل عليها باستخدام أحد برامج التعديل على الصور بإضافة جندي يرتدي زي عسكري وقبعة ويحمل في يده سلاح وأشير إليه بنص أنه جندي يمني. فالتفتيش عن الصورة على محركات البحث يرشد إلى أنّها نُشرت في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2022 عبر مواقع إخبارية فلسطينية، وفي الموقع الرسمي لكتائب عزّ الدين القسام ضمن خبر يتحدث عن مناورة عسكرية نفّذتها “فصائل المقاومة في غزة قرب السياج الحدودي شمال غزة”. ونشر الموقع فيديو وصور لهذه المناورة، تظهر فيها بوضوح الصورة المتداولة.
حساب مزيف ينتحل صفة قيادي فلسطيني
لم يتوقف أمر الشائعات والمعلومات المضللة عند هذا الحد بل برز حساب عبر منصة إكس يحمل اسم “أبو عبيدة” مع صورة شخصية للناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة. وشهد الحساب تفاعل كبير من خلال متابعيه الذين يتجاوز عددهم 5 آلاف و400 متابع، ومن خلال التعليقات والردود لاحظنا أن بعض المستخدمين صدقوا أنّ الحساب يتبع الناطق باسم القسام.
عند تفحص الحساب وجدنا أنه أُنشئ في سبتمبر/أيلول 2022، لكن نشاطه بدأ منذ صباح الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الجاري (أي بعد يوم من اندلاع الأحداث في غزة) وبلغ عدد تغريداته خلال أقل من 24 ساعة 32 تغريدة وهذا هو العدد الإجمالي الظاهر لمنشوراته في الحساب بينما العدد الحقيقي يشير إلى 477 تغريدة وهذا يفسر أن صاحب الحساب قام بإخفاء التغريدات السابقة الأمر الذي دفعنا للبحث أكثر عن هوية الحساب.
بالبحث باسم المستخدم (@Marebmreb) وجدنا أن الحساب كان اسمه “مأرب” قبل أن يقوم بتغييره إلى “أبو عبيدة” تزامنا مع حرب غزة مؤخرًا، كما هو موضح في الصورة أدناه وتظهر تغريدة نشرها الحساب ذاته منتصف يوليو الماضي باسمه السابق.
يشار إلى أنه لا يوجد حساب لناطق القسّام على منصة إكس. وكانت الكتائب أعلنت في فبراير /شباط 2017، عن الحساب الجديد لناطقها العسكري على (تويتر سابقًا) منصة إكس – حاليًا – لكن إدارة تويتر حينها أوقفت الحساب ولا يزال محظورا حتى الآن.
الخلاصة
يشير التحقق السابق إلى وجود حسابات موجّهة تبنت نشر الشائعات والمعلومات المضللة ومن الملاحظ أن بعض هذه الحسابات لديها عدد قليل من التغريدات على الرغم من أنها أُنشئت في تواريخ سابقة، ما يعني أنها مخصصة لاستخدامها في مثل هذه الأوقات أو في نشاطات أخرى. كما أنّ لجوء البعض إلى تغيير أسماء الحسابات أو انشاء أخرى وهمية تنتحل شخصيات رسمية يرجع لعدة أسباب سواء التضليل أو بغرض جذب مزيد من المتابعين والمتفاعلين مع الحساب.
المصادر
البحث العسكي للصور-الصحفي اليمني فارس الحميري- حسابات فلسطينية على وسائل التواصل الاجتماعي -قناة الأقصى -الموقع الرسمي لكتائب القسام
