المشاهد نت

أوامر لبُهرة اليمن بعدم الخوض في السياسة

سلطان البهرة المعروف بالداعي، مفضل سيف الدين خلال مشاركته في إفتتاج جامع بعد تجديده بمصر-أغسطس 2023-الصورة نقلا عن بي بي سي

صنعاء-سهى محمد

البُهرة واحدة من أشهر الطوائف الإسماعيلية المنتمية للشيعة، وتتواجد اليوم في العديد من الدول حول العالم. كان لطائفة البهرة حضورًا قويًا في عهد الدولة الفاطمية في مصر، وبعد هزيمة الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي عام 1174، تفرق أتباع البهرة إلى مختلف دول العالم. 

في اليمن، يتواجد الآلاف من أتباع طائفة البهرة في مناطق مختلفة، ويمارسون طقوسهم الدينية في حالة من التخفي. قديما استطاع الإسماعيليون  في اليمن بناء دولتهم قبل ظهور الدولة الفاطمية بمصر على يد ابن حوشب وعلى ابن الفضل القرمطي في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، حسب دراسة بحثية لسيف الدين قصير. وبعد سقوط دولة ابن الفضل، عادت الطائفة إلى الحكم من جديد في اليمن في القرن الخامس الهجري واستمرت حتى الثلث الأول من القرن السادس الهجري في عهد الدولة الصليحية.

تتهم الطائفة الإسماعيلية التي تنتمي إليها البهرة بالتخفي والعمل السري مما يصعب الوصول إلى المصادر الموثوقة عن تاريخ هذه الطائفة حسب دراسة تاريخية عن الطائفة نشرت في 2011 للباحث حمود نوفل. يمارس أتباع الطائفة شعائرهم في مساجد خاصة بهم ولا يدخل إليها أحد غيرهم.

حسب مركز إنصاف للدفاع عن الحريات والأقليات، المختص بالدفاع عن حقوق الأقليات في اليمن فإن اليمن في العصر الحديث شهد فرقتين للإسماعيلية: الإسماعيلية الداودية المعروفة باالبهرة والإسماعيلية السليمانية المشهورة بالمكارمة.

أحمد النجار، أحد مشايخ البهرة في اليمن، يقول لـ “المشاهد”: “هناك نظرة عدائية وشحن وتحريض على المنتمين لطائفة البهرة، مما جعلهم ينعزلون عن المجتمع، ويمارسون طقوسهم بعيدًا عن تطفل الآخرين، كما أنهم لا يسعون ولا يملكون الرغبة في استقطاب الأفراد إلى طائفتهم لأنهم ينشغلون في تحصيل العلوم، بالإضافة إلى ممارسة أنشطة مختلفة منها التجارة والزراعة”. 

منذ اندلاع الحرب في اليمن، تعرضت طائفة البهرة إلى مضايقات وحالات اعتداء من قبل متشددين. في عام 2015 ، استولى الحوثيون على مركز الفيض الحاتمي في صنعاء، الذي كان استُهدف أيضاً بسيارة مفخخة في نفس العام. وتعرض مسجد الخواجة في عدن عام  2019 إلى تفجير، بالإضافة إلى قيام مسلحين بتهديد صاحب مطعم (ريمي) الذي ينتمي إلى البُهرة بمنطقة كريتر بدفع مبلغ مالي أو أن يتم إغلاقه.  

لكن النجار يقول إن أتباع البُهرة في الوقت الحاضر يمارسون طقوسهم الدينية في صنعاء وفي المناطق الأخرى بكل أمان، ولا يتعرضون إلى أي مضايقات. يضيف: “مكتب البُهرة مفتوح في صنعاء، ونمارس خلاله تنفيذ لمشاريعنا والتي يشرف عليها الداعي المطلق مولانا مفضل سيف الدين المقيم في الهند”. 

مفضل سيف الدين هو “الداعي” رقم 53 لطائفة البهرة، ويطلق عليه أتباعه “الداعي أو مولانا”، حسب بي بي سي العربية. يقيم الداعي في الهند التي هي أيضا مسقط رأسه.

إقرأ أيضاً  تأثير الحرب على دور العبادة في صنعاء

يشير النجار إلى أن أتباع طائفة البهرة تعيش بسلام  منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء، ويقدر عدد البُهرة في اليمن في الوقت الحالي بأكثر من مائة ألف، بينما يصل عددهم إلى خمسة ملايين  في دول متفرقة حول العالم أبرزها الهند، باكستان، الإمارات ومصر. 

الخوض في السياسة

في الوقت الحالي يتجنب أتباع البُهرة الخوض في السياسة. إذ يأمرهم مولاهم السلطان، ـ حسب أقوالهم، الانشغال بالتجارة والزراعة، بالإضافة إلى تربية المواشي والنحل.

 محمد المحفلي، الباحث في مركز جامعة كولومبيا والمهتم بشؤون الأقليات في اليمن، يقول لـ “المشاهد”: “البُهرة ينفذون أوامر عدم التدخل في السياسة أو ممارسة أي عداء ضد السلطات الحاكمة، ومع ذلك لا يمكننا الجزم بوجود حرية للطائفة إذ أنهم محكومون بممارسة شعائرهم في معزل وخوف، وهي سمة مشتركة لكل من يختلف بالمعتقد مع الحوثيين في اليمن ككل”. 

 يضيف: “الحوثيون لم يدخلوا في صراع مباشر مع كل المعتقدات والطوائف المخالفة لها في مناطق سيطرتها، والشاهد على ذلك وجود السلفيين، بالإضافة إلى مساجد السنة”. 

لكن بحسب المحفلي، ما قامت به جماعة الحوثي من عداء مباشر على الطائفة اليهودية، رغم عدم تشكيلهم أي خطر حقيقي، هو الأساس الذي قامت عليه الحركة الحوثية، بمعاداة اليهود، كما هو ظاهر في شعارهم.

إحياء معالم الدولة الفاطمية 

يعمل البهرة على إحياء كل ما يتعلق بالفاطميين من قبورهم ومساجدهم، لترميمها. في أغسطس هذا العام، شارك السلطان مفضل سيف الدين، زعيم طائفة البهرة، في افتتاح مسجد السيدة نفيسة عقب أعمال ترميمية في مصر.

التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزعيم البهرة، مثمناً الدور الكبير للسلطان مفضل والطائفة في ترميم وتجديد مقامات “آل البيت” وعدد من المساجد المصرية التاريخية. ومنح السيسي زعيم البهرة، وشاح النيل، تقديراً لجهوده المتواصلة في مصر على المستويات الثقافية والخيرية والمجتمعية. 

عقيدة البُهرة 

يقول النجار، وهو أستاذ مشارك في الجامعة السيفية  بالهند، حاصل على ماجستير في العلوم العربية والإسلامية، إن أبناء طائفته يعتقدون بولاية علي بن أبي طالب من بعد رسول الله محمد، ثم ابناءه الحسن والحسين، ثم نسل الحسين، إلى يومنا هذا. 

ويضيف: “عترة رسول الله من نسل فاطمة الزهراء خلفاء الله في الأرض، ومن يمثلون أمنائه على العباد، يقوم منهم الإمام بعد الإمام بالنص والتوفيق من الإمام السابق”. 

ولأن اعتقادهم يتوافق إلى حد كبير مع نهج جماعة الحوثي على الأقل في نظرية الحكم، يستطيع أتباع طائفة البهرة العيش بسلام في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي. 

 

مقالات مشابهة