المشاهد نت

النساء والدفاع عن سمعتهن في العالم الافتراضي

عدن – فاطمة العنسي:

في الخامس والعشرين من مارس/ آذار 2023م، نشرت ألفت الدبعي، وثيقة اعتذار من الكاتب غمدان أبو أصبع، عقب قيامه بنشر أخبار مغلوطة ومحتوى زائف عنها في حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، من شأنها تضليل الرأي العام، والنيل من سمعتها، حد قولها.

“لا يجب أن نسكت”، هكذا علقت الدكتورة الدبعي، عن الإشاعات المغلوطة التي تم تداولها، والتي صادفت تبنيها لحملة جوازي بلا وصاية، مؤكدة للنساء أن الحق يسترد ولا بد أن ينال المذنب جزاءه.

تقول الدبعي إنها قررت سحب القضية من محكمة تبن الابتدائية في لحج، عقب بيان الاعتذار من الكاتب أبو أصبع. مضيفة أن أبو أصبع نشر بيان الاعتذار على حساباته في السوشيال ميديا، لكي يكون ردعًا لكل من تسول له نفسه نشر أخبار كاذبة حول النساء.

تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنمو الشائعات والمحتوى الزائف. إذ يحظى بسهولة النشر وإعادته، ومشاركة التحديثات، بأقل تكلفة وفترة زمنية وجيزة، ناهيك عن قلة الوعي لدى المستخدمين تجاه هذه الأخبار، بالإضافة إلى أن العناوين المثيرة يتم تداولها بصورة أكبر، حسب ريهام الأصبحي، مختصة السلامة الرقمية في منظمة YODET المعنية بالسلامة الرقمية في اليمن، عن أسباب انتشار الإشاعات على وسائل التواصل.

وتقول الأصبحي، في حديث لـ”المشاهد“: “غالبًا ما يكون هناك نوعان من الشائعات: الأول مع سبق الإصرار والترصد، والثاني شائعات نابعة عن قلة دراية وتحقق، ويأتي ضمن جهل المتلقين للحملات الرقمية الموجهة لتضليل الرأي العام”.

وتتابع: تشكل المعلومات المضللة خطرًا، إذ إن الهدف منها هو الخداع المتعمد والتأثير على الجمهور، لذا يجب الشك دائمًا عند الاطلاع على المحتوى مجهول المصدر أو المنشور على حسابات وهمية.

وتضيف أن العودة للمصدر أهم خطوة قبل إعادة نشر المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، للتأكد من خلو المحتوى من أي تحريف أو تزييف قد يكون حدث أثناء عملية تداوله ومشاركته.

الشائعات كثيرة

من جانبها، تقول الفنانة اليمنية فاطمة مثنى إن “الشائعات لا تطال فقط المشهورين، هي تستهدف أي شخص، تُمارس من قبل عديمي الأخلاق بغرض تشويه سمعة الشخص، خصوصًا وأن مواقع التواصل الاجتماعي المسرح الذي يمكنهم من ذلك”، بيد أنها لا تعير تلك الإشاعات والمعلومات المغلوطة أي اهتمام.

وتضيف مثنى لـ”المشاهد”: “الإشاعات التي تطالني مثلًا كثيرة، لا أذكر شائعة واحدة، ولكنني أتجاهلها جميعًا، وأستخدم أسلوب التطنيش، وأنصح كل الفتيات بعدم التعامل مع الإشاعات أو الأخبار الكاذبة، وعدم تداولها، لا سيما إذا كانت تمس سمعة الشخص وشرفه”، لافتة إلى أن “بعض الأشخاص إذا لم يكن قويًا ومتحديًا لكل الأحداث، فإن أية أكذوبة صغيرة قد تدمره نفسيًا، لذا يجب عدم الالتفات هو الحل”.

“الإساءة والقدح لا تمس سوى الإنسان الناجح، خصوصًا النساء، المجتمع يخاف نجاح المرأة، يعتبر الأمر اهتزازًا لكرسي “الذكورية”، قد تجده أجعث أغبر، أُميًا جاهلًا، يقبع في ركن المجلس بعد اقتراضه للمال “حق التخزينة والإنترنت”، ثم بعد ذلك يقوم باختلاق الإشاعات والأكاذيب، وفبركة الصور على وسائل التواصل الاجتماعي، والتدخل في خصوصيات الآخرين، ويرى ذلك إنجازًا”، تضيف فاطمة.

عمل النساء

يشير أستاذ علم الاجتماع السياسي اليمني عبد الكريم غانم، إلى أن استهداف النساء على مواقع التواصل الاجتماعي عبر الأخبار الزائفة، يصب في مصلحة الجماعات المتشددة، وصعودها، لا سيما في خضم الحرب القائمة، والتي ترى أن المرأة في الوقت الراهن خرجت وانخرطت في مجالات كثيرة خلافًا على ما كان قائمًا قبيل الحرب.

إقرأ أيضاً  الشاعر الأهدل: خصوصية «اللهجة» جعلت للغناء التهامي لونًا مستقلًا

ويقول غانم، في حديثه لـ”المشاهد”: “الجماعات المتشددة التي قلما نجد لها مشروعًا سياسيًا، نصبت نفسها وصية على الأخلاق الاجتماعية، ومن هنا أرادت إعادة النساء إلى المنازل، وترك أعمالهن التي تصب في خدمة المجتمع”.

ويضيف: “الوصول إلى هذه الغاية لا يستند إلى قوانين أو نصوص دينية، فقط رغبة نفسيه لديهم، لذا أصبح نشر الأخبار الكاذبة حول النساء هو الطريقة الأقرب إلى عقول أولياء الأمور لكبح جموح المرأة ومنعها من أي نشاط، كونه مجتمعًا قبليًا لم يغادر الثقافة الذكورية بعد”.

ويتابع: وسائل التواصل لا تخضع إلى أي قوانين صارمة في اليمن حتى الآن، ومن هنا يسهل تمرير الأخبار الكاذبة، ولذا وجب توعية النساء بأهمية الحفاظ على خصوصياتهن، والتحري قبل النشر، بالإضافة إلى رفع قضايا التضليل إلى المحاكم المختصة ليكون هناك عقاب قاسٍ لكل ضعفاء النفوس”.

عقوبة نشر أخبار كاذبة

القانون اليمني يجرم نشر أية معلومات مضللة أو إشاعات، لا سيما في ما يتعلق بتشكيل خطر على حياه الإنسان وكرامته، كما يمنح القانون الأشخاص الحق في تقديم شكوى ومقاضاة للجاني في حال التعرض لأي انتهاكات، بالإضافة إلى وجود الاتفاقيات المصادق عليها من قبل اليمن، والتي تجرم الاعتداء على الخصوصيات.

بيد أن الكثيرات من النساء يفضلن الصمت، إما اضطرارًا أو لأسباب أخرى، بخاصة في حال عدم وجود جهات معنية بانتهاكات وسائل التواصل الاجتماعي، كما تؤكد المحامية وعضوة اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، إشراق المقطري.

وتقول المقطري، في ندوة حول حملات التحريض والابتزاز للناشطات في الفضاء الإلكتروني، التي نظمها مركز الإعلام الثقافي، إن “حملات التحريض ضد النساء في اليمن تتوجب وجود جهود متكاملة لمواجهتها، بما في ذلك الدعم القانوني، وتشجيع النساء على الإبلاغ عن هذه الجرائم”.

وتشير إلى أن توثيق حجم الانتهاكات التي تطال النساء والناشطات، وبخاصة العنف الرقمي، مهمة صعبة يتوجب على منظمات المجتمع المدني، وبخاصة النسوية منها، التركيز على إيجاد أدوات ومنصات يمكن للنساء اللجوء إليها لتوثيق ما يتعرضن له، ومعرفة الخطوات التي يتوجب عليهن القيام بها لضمان حقهن القانوني.

حلول

وفي هذا الصدد، تقول الأصبحي إن البحث عن المساعدة التقنية من ذوي الاختصاص، التثقيف وزيادة الوعي للنساء بكيفية التعامل في حال تعرضهن إلى أخبار مغلوطة أو تزييف أو ابتزاز، والعمل على رفع معنوياتهن وثقتهن بأنفسهن، إضافة إلى تثقيف المستخدمين بأهمية معرفة أساليب الابتزاز الرقمي، وكيفية الكشف عن الحقيقة، والحفاظ على خصوصيات المستخدم، والحذر والتحري قبل نشر أي خبر دون دراية كاملة بالتفاصيل، جميعها نقاط ممكن أن تسهم في مكافحة الشائعات والحد منها.

ويشدد غانم، من جهته، على ضرورة وضع ضوابط قانونية من شأنها تنظيم المعلومات في السوشيال ميديا، ومحاسبة المتورطين في ترويج الإشاعات وتشويه سمعة الآخرين، دون وجود أي دليل أو إثبات”.

ويدعو إلى منح الوظائف للنساء بين مختلف الشرائح والمحافظات، لا سيما المنظمات المحلية والدولية، ما سيسهم في تعزيز جبهة دفاع واحدة حولهن.

مقالات مشابهة