المشاهد نت

إب: «تاريخ اليمن المدفون» عرضة للنهب والاعتداء

الآثار اليمنية المهربة للخارج

إب – محمد مقبل

صحت قرية الجعامي في عزلة يرس الواقعة في مديرية حزم العدين محافظة إب (وسط اليمن)، مطلع نوفمبر/تشرين ثاني الجاري، على وقع أعمال حفريات مجهولة داخل (حصن يرس) التاريخي.

حادثة هي الأولى من نوعها التي يشهدها الموقع الأثري؛ أثار سخطَ واستنكار أهالي المنطقة؛ نتيجة أعمال التخريب التي طالت المواقع الأثرية والتاريخية في الحصن.

حصن تاريخي

(حصن يَرِس) -بفتح الياء وكسر الراء- يقع في عزلة يرس وهي عزلة بمديرية حزم العدين، تقع أسفل جبل حبيش من الجهة الغربية، كانت مقرًا لمملكة (الكلاعيين)، ومن أشهر ملوكهم السلطان ”أسعد بن وائل الحميري”، الذي يُنسب إليه بناء الحصن في قرية الجعامي، نهاية القرن الثالث للهجرة.

كما يقع حصن يرس بالقرب من (حصن يفوز) الموجود في عزلة بني عوض، ويتخذ هذا الحصن موقعًا إستراتيجيًا ويصل إليه عبر طريق وحيد، والحصن يحتوي على مجموعة من مدافن الحبوب وكروف المياه، إلى جانب غرف لسكن الجنود، ويحيط بالحصن من الخارج سور تتخلله مجموعة من أبراج الحراسة والمراقبة.

أهالي يرس أعلنوا رفضهم واستياءهم للعبث والتخريب الذي طال معالم الحصن التاريخي؛ بغرض البحث عن الكنوز والآثار القديمة لبيعها مقابل مبالغ مالية لتجار تهريب الآثار.

البحث عن كنوز

أحد عقال القرية، سعيد قائد، قال لـ«المشاهد» لم نعلم بهذا الحفر إلا عن طريق بعض رعاة الأغنام، الذين وصلوا إلى مكان الحفر أثناء الرعي، وأبلغوا سكان القرية الذين ذهب أغلبهم إلى موقع الحفر.

يضيف قائد: من خلال أماكن الحفر يتضح أنه تم إخراج كنز؛ لأنه يظهر من مكان الحفرة أنها كانت تحوي جرة فخارية كبيرة.

ويتابع: وجدنا في مواقع الحفر أثار علب لمشروبات طاقة وآثار قات؛ مما يعني أنهم مكثوا فترة طويلة أثناء الحفر، ولا نعلم من الذي قام بهذا التخريب، لكن يبدو أنهم أتوا ليلًا وبطريقة سرية ولم يعلم بهم أحد.

تدني الوعي

من جانبه، يشير مدير عام مديرية حزم العدين، زكريا المساوى، إلى أن ما يحصل في الآونة الأخيرة من حفر عشوائي وعبث بالمعالم التاريخية للبحث عن الكنوز والمدفونات في مختلف المواقع الأثرية؛ هو مؤشر واضح على تدني مستوى وعي المواطنون ومن يقومون بمثل هذه الأعمال.

إقرأ أيضاً  مرآة الدراما اليمنية في رمضان للعام 2024

وأضاف المساوى لـ«المشاهد»: بسبب الأطماع والسعي وراء الثراء السريع، جعل الناس لقمة سهلة لبعض المحتالين الذين انتشروا وبكثرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وعادةً ما يتم التحدث إليهم عبر إشارات ورموز تدل على كنوز ودفائن في مواقع معينة.

قضايا في محكمة الأموال

في المقابل، كشف مدير عام الهيئة العامة للآثار بمحافظة إب، محمد العنابي، أن هناك ما يقارب من 80 قضية وصلت إلى محكمة الأموال العامة، واتضح ممن تم القبض عليهم أنهم يعملون لدى عصابة متخصصة في سرقة الآثار وتهريبها خارج البلاد؛ للمتاجرة بها، وأن أغلب أفراد العصابة يتواجدون في الخارج.

ولفت العنابي لـ«المشاهد» إلى إن أبرز المعالم الأثرية التي تعرضت مؤخرًا للإعتداء والحفر العشوائي والنهب، موقع «العصيبية» في عزلة جبل عصام بمديرية السدة، وجبل «الرئسي» في عزلة حبير بمديرية ذي السفال.

بالإضافة إلى ضريح «الحداد» في عزلة عينان بمديرية السبرة، وحصن «العرافة» بمدينة ظفار التاريخية، وموقع «مريت» الأثري في السيّاني، وقبة وسد «يُم» في العدين، وباحة «جامع العمري» في المشنة، وجبل «العود» التاريخي في مديرية النادرة، وآخرها حصن يَرِس في حزم العدين، بحسب العنابي.

القانون غير رادع

ويرى المحامي والمستشار القانوني غمدان الخيل، أن العقوبات التي ينص عليها القانون ”خفيفة”، وليست كفيلة بالحد من الظاهرة؛ الأمر الذي يجعل المواطنين يتساهلون ويُقدمون على مثل هذه الأعمال التخريبية.

وشدد الخيل في حديثه لـ«المشاهد» على ضرورة تعديل بعض القوانين الخاصة بالاعتداءات على المواقع الأثرية، وتضمينها عقوبات صارمة للحد من انتشار هذا العبث الذي يطال المعالم التاريخية.

يذكر أن الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو تسع سنوات أدت إلى هذا الواقع الذي طال المواقع الأثرية والتاريخية في مختلف المدن اليمنية؛ نتيجة غياب الدولة وأجهزتها الضبطية والتنفيذية والقضائية.

وخلال الفترة الأخيرة، تزايد عدد المقتنيات الآثرية اليمنية التي تعرض في مزادات عالمية للبيع داخل مدن أوروبية وفي الولايات المتحدة؛ نتيجة النشاط التهريبي للآثار، وسط صمت وعجز حكومي للمطالبة بها.

مقالات مشابهة