تعز- أسامة الفقيه
يقع وادي نخلة في مديرية شرعب السلام شمالي تعز، ويعد من أكبر الوديان في المحافظة، ويتميز بالخضرة التي تكسوه طوال العام، يشهد أنشطة زراعية مستمرة نظرا لخصوبة التربة وتوفر المياه.
برغم جمال الطبيعة التي يتسم بها وادي نخلة، ظل الوادي لعقود من الزمن دون طرقات وجسور للتخفيف من معاناة المواطنين الذي يعيشون في القرى القريبة من الوادي أو المسافرين والزائرين الذين يعبرون من تلك المنطقة. طوال العقود الماضية، كان العبور من وادي نخلة لا يخلو الخوف أو المخاطر، بخاصة في موسم الأمطار والسيول.
في عام 2021، أطلق بعض التجار مبادرة لبناء جسر في وادي نخلة، وكان تنفيذ ذلك المشروع حلم كل السكان في المناطق المجاورة، والمسافرين كل يوم عبر وادي نخلة. تضاعفت الجهود المجتمعية والرسمية، واستمر العمل على تحويل حلم المواطنين والمسافرين إلى الحقيقة.
سيف إبراهيم، 50 عاما، مواطن من عزلة بني علي في شرعب السلام، يقول ل “المشاهد” إن السيول تسببت بخسائر فادحة للمواطنين في القرى القريبة من الوادي والمسافرين طوال السنوات الماضية، وظل الآلاف من السكان يحلمون ببناء جسر يخفف من معاناتهم، خصوصا في موسم الأمطار.
يضيف: “عندما نريد أن نعبر السائلة في موسم السيول والأمطار، نضطر للتوقف لساعات على أطراف الوادي، وغالبا ما يستمر انتظارنا لأيام ولا نستطيع تجاوز السائلة. والمرضى هم أكثر من يعانون، وبسبب السيول، يضطرون للعودة إلى المنزل وهم يصارعون المرض”.
الدكتور عبد الباقي محمد، مدير مركز بني علي الطبي في مديرية شرعب السلام، يؤكد وصول حالات مرضية حرجة نتيجة لعدم قدرة المرضى على الوصول إلى المركز الصحي في الوقت المناسب.
في حديثه لـ “المشاهد”، يقول محمد: “بعض الحالات لا تحصل على التدخل الطبي العاجل بسبب وعورة الطريق في سائلة وادي نخلة، بخاصة حالات الولادة المتعسرة التي تحتاج إلى عمليات، أو حالات كسور أو من الإصابات الأخرى التي تتطلب رعاية عاجلة”.
يؤكد محمد وصول حالات وفاة بسبب السيول الجارفة، وعدد من الإصابات، ويتم تحويل الإصابات الخطرة إلى تعز المدينة لتلقي العلاج. يضيف: “سائلة نخلة تعتبر الشريان الرئيسي لأبناء المنطقة والمناطق المجاورة، ولا يمكنهم الاستغناء عن هذه الطريق”.
مبادرات في زمن الحرب
لعبت المبادرات المجتمعية دورا هاما في التنمية خصوصا في الأرياف، وساهمت في تخفيف معاناة المواطنين في عدة مجالات، لا سيما الطرقات التي كانت تمثل عائقا كبيرا أمام السكان نظرا لجغرافية أرياف تعز الوعرة.
يقول القاضي محمد عامر رئيس الشعبة المدنية بتعز، لـ “المشاهد” يعتبر تحقيق مشروع جسر نخله عملا عظيما في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، وسيسهم هذا الجسر في الحفاظ على الممتلكات والأرواح.
بحسب عامر، جرفت السيول أسرا بأكملها في السنوات الماضية، ولم تكن تلك الكوارث لتحدث إذا كان هناك طرق آمنة وجسور تساعد الناس على التنقل دون المخاطرة بأرواحهم.
يضيف: “يجب على الدولة أن يكون لها دور للمساهمة في إنجاح مثل هذه المشاريع. ويجب على المواطنين، والوجاهات الاجتماعية، بخاصة رجال الأعمال، أن يكون لهم دور في إنجاح هذا المشروع كونه يعتبر صدقة جارية قبل كل شيء”.
تطوير المخطط
عبد الرحمن صبري، المسؤول الإعلامي لمشروع جسر نخله، يقول إن أول تخطيط للجسر كان عبارة عن عبارتين لتصريف المياه في عام 2021، بتكلفة قدرت ب 300 ألف دولار أمريكي.
لكن تم تطوير المخطط الهندسي، ليصبح جسر، وهو المخطط الذي ينفذ حاليا، وارتفعت تكلفة الجسر، حيث وصلت التكلفة النهائية إلى 450 مليون يمني ريال. بالنسبة لسير العمل في بناء الجسر، يقول صبري إن مرحلة القواعد تم الانتهاء منها، ويتم العمل حاليا على الركائز والسطح.
المهندس أحمد أنعم القحطاني، المدير التنفيذي الفني لمشروع جسر وادي نخلة، يتحدث عن مساحة المشروع، ويقول لـ “المشاهد”: “طول المشروع إجمالا هو 194 مترا، وبعرض إجمالي 10.76م، وارتفاع فتحة الجسر لمرور الماء 5.5م، وتطلبت أعمال التنفيذ وجود جدران ساندة ، بالإضافة إلى رصف أرضية السائلة بطول 30 مترا وعرض 13 مترا”.
تسببت الحرب طوال السنوات الماضية بتدمير العديد من الطرقات، ومنعت أطراف الحرب المواطنين من استخدام بعض الطرق في المناطق التي تشهد اشتباكات مسلحة، وتوقفت العديد من مشاريع الطرقات في العديد من المحافظات.
اليوم، يعتقد المواطن سيف إبراهيم، من مديرية شرعب السلام، أن بناء جسر نخلة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد إنجاز يجلب الفخر والسعادة لآلاف المواطنين.
