تعز-سهيل الشارحي
يلجأ المواطنون في القرى اليمنية إلى المراكز الصحية الريفية للحصول على الرعاية الطبية وشراء الأدوية التي يحتاجونها، ويتجنبون السفر إلى المدن الرئيسية نظرًا لظروفهم المادية الصعبة.
ومع استمرار الصراع في اليمن منذ عام 2015، تدهورت خدمات المراكز الصحية في الأرياف، وتراجعت إمكاناتها في ظل غياب الدعم الرسمي، وتضاؤل الدعم من المنظمات الطبية، وصعوبة الحصول على كادر طبي متخصص.
مدير مركز الأشروح الريفي غربي تعز، الدكتور عبدالباسط المكردي، يقول لـ «المشاهد» إن المنظمات الطبية تخصص معظم دعمها للمراكز الصحية في المدن، بينما تحصل المراكز الصحية في الأرياف على دعم ضئيل وفي أوقات معينة.
يشير المكردي إلى أن المراكز الصحية في المناطق الريفية أصبحت شبه منسية من قبل الجهات المسؤولة والمنظمات الداعمة برغم الكثافة السكانية العالية في المناطق الريفية في تعز، أو غيرها من المحافظات.
ويضيف: “تبذل المرافق الصحية في أرياف تعز جهدًا كبيرًا لمحاربة الأوبئة وتقديم الإسعافات الأولية والعمل على التقليل من خطر انتشار الأمراض المعدية بإمكانات شحيحة”.
في المناطق الريفية بتعز، يقطع المرضى مسافات طويلة مشيًا على الأقدام للوصول إلى المرافق الصحية في الأرياف بغية الحصول الدواء أو إجراء بعض الفحوصات الطبية البسيطة، لكنهم قد لا يجدون تلك الخدمات.
المواطن حمزة محمد، من منطقة الأشروح بريف تعز، يقول لـ «المشاهد»: “قطعت مسافة تصل إلى 2 كيلو متر للوصول إلى مركز الأشروح الطبي للمعاينة والفحص وتلقي العلاج، لكن غياب الخدمات التي نحتاجها في ذلك المركز وعدم توفر الأدوية يجبرنا على السفر إلى المدينة للمعاينة وشراء الأدوية”.
منظمة الصحة العالمية أشارت إلى أن أكثر من ثُلثَي سكان اليمن (21.6 مليون شخص) بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، وقد تسبب العنف المستشري وتدهور الوضع الاقتصادي والتفشي المتكرر للأمراض إلى انهيار النظام الصحي في البلد.
وبحسب المنظمة، 46% من إجمالي المرافق الصحية في اليمن تعمل جزئيًّا، أو قد تكون خارجة عن الخدمة كليًّا، بسبب نقص الموظفين والموارد المالية والكهرباء والأدوية والإمدادات والمعدات.
الدعم الضئيل
تواجه المراكز الصحية في المناطق الريفية صعوبات عدة، وتحديدا المرافق التي تقع بالقرب من جبهات القتال أو تلك التي في المناطق البعيدة، بحسب المكردي.
وفي حديثه لـ«المشاهد»، يقول: “من أبرز المعوقات التي تواجه المراكز الصحية في الريف هي نقص المباني الكفيلة باستيعاب العدد الكبير من المرضى نظرا للكثافة السكانية، وعدم قدرة المرضى للسفر إلى المدينة، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وخاصة المطلوبة للأمراض المزمنة كالضغط والسكر وأمراض الكلى”.
من جانبها ترى سهاد العامري، ممرضة في مركز الشهيد علي سلطان في قرية النوازل غربي المحافظة، سهاد العامري، أن طاقم المركز لم يتلقِ دعمًا من أي جهة منذ عام 2022؛ ما جعل المركز غير قادر على تقديم الخدمة الطبية للحالات المرضية التي تصل باستمرار.
وتشير العامري لـ«المشاهد» إلى أن العديد من الحالات التي تصل إلى المركز يتم تحويلها إلى مستشفيات أخرى في مدينة تعز.
فيما تكشف، طبيبة متعاونة مركز الشهيد علي سلطان في قرية النوازل، أديبة عبدالرحمن، أن المركز لم يحصل دعم من أي جهة منذ أكثر من عام، الأمر الذي دفعها إلى العمل كمتطوعة لخدمة المواطنين قدر الإمكان.
تدعو أدبية المنظمات الطبية والإنسانية والجهات المعنية إلى الاهتمام بالمراكز الطبية في المناطق الريفية، وتوفير احتياجات تلك المراكز، لأن بعض المواطنين في القرى لا يملكون المال للسفر إلى المستشفيات داخل المدينة لتلقي العلاج.
نقص الكادر الطبي
يعد الافتقار إلى الكادر الطبي المحترف من أبرز التحديات التي تواجهها المرافق الطبية في المناطق الريفية، لأن الكوادر الطبية الماهرة لا تقبل العمل براتب ضئيل في منطقة ريفية.
ويعتقد المكردي أن دعم المراكز الصحية في الريف سيسهم في إيجاد الكادر الطبي المتخصص، وفي حال توفرت الكوادر المؤهلة والأجهزة الطبية، سيحظى المواطنون في الريف بخدمات طبية بجودة أفضل، وسيخفف عن العائلات معاناة السفر لمسافات بعيدة لإجراء المعاينة الطبية أو شراء العلاج.
منذ بدء الحرب في اليمن عام 2015، تدمرت العديد من الطرقات في تعز، وأصبحت الكثير منها تحت سيطرة أطراف الصراع، الأمر الذي جعل السفر من منطقة إلى أخرى محفوفا بالمخاطر والمعاناة.
ويختم المكردي تصريحه بالتأكيد على أهمية تدريب وتأهيل الكوادر الطبية في المراكز الصحية بالأرياف، ورفد المرافق بكوادر مؤهلة، ذات مهارات عالية للقيام بالمهام على أكمل وجه وتقديم الخدمات الطبية التي يحتاجها المواطنون في الأرياف بتعز وغيرها من المحافظات اليمنية.
